مشكلتنا هي جملة "كله تمام يا فندم"

  •     بقلم : د/ غادة عامر

    عندما ظهرت تكنولوجيا المعلومات، قام القطاع الخاص بتدمير نماذج العمل التقليلدية التي كان يعمل بها، و عمل نماذج أدارية حديثة، مثل التخطيط، إعادة الهندسة ،الجوده الشاملة و ادراة المعرفة. و بالتالي تم خلق اسلوب أدراي جديد جعل شركات كثيره تنتج و تبتكر منتجات و أدوات جديده. أما القطاعات الحكومية لم تتغير بسرعة القطاع الخاص - بل ممكن ان نقول ان تغيرها لفتره قريبه كان شبه معدوم - و أنما بقيت مثقلة بقوانين و قواعد أدارية عفا عليها الزمن!!!

    الان أصبحت بعض الحكومات تنظر للقطاع الخاص كشريك لتقديم الخدمات ، و ايضا بدأ يشعر القطاع الخاص ، خاصة بعد الثورات التي نشبت في منطقتنا، و التي  أدت  لخسارات ماليه كبيره في معظم شركات القطاع الخاص، بالمسؤوليه تجاه المجتمع لضمان استقرار الوضع الاقتصادي، و ذلك للمحافظه علي كيانها، لذلك بدأت بتقديم خدمات نوعيه كان يفتقدها المجتمع في الماضي.

    لذلك علي الحكومات القديمة ان تعي ان الادارة الحديثة تتطلب مراجعه و تطوير مستمر و و تقديم كل ما هو مبتكر في كل أعمالها و ان تفتح المجال و بكل شفافية لكل المجتمع لكي يشارك و ينتقد و يطلب ، و بالتالي يشعر انه شريك في التنمية و في حل المشاكل، و بالتالي يصبح المواطن هو مصدر القوه لهذة الحكومه الواعية.

    فمثلا نجد سر نجاح الحكومه الامريكية انها ممكن ان تأخذ فكرة لتطوير خدمة حكومية او لحل مشكله معينه ، و تكون هذة الفكرة من اي مصدر في المجتمع، مثلا من موظفي القطاع العام، من القطاع الخاص، من المجتمع المدني، من اي مكان، و قد تكون هذة الفكره مخالفة لكل مكان متعارف عليه في السابق، لكنها تعطي قيمة مضافة و ترفع نسبة رضا المتعاملين مع الحكومه.

    لقد أنشأت الحكومه الامريكية منذ فتره موقع مفتوح للعامة،  يضع عليه كل الوزراء و الجهات الحكومية المشاكل و العوائق التي تقابلهم،  و تطلب من المجتمع او اي جهة ان تتقدم بحلول لهذة المشاكل، مثلا وضعت الحكومه الامريكية علي هذا الموقع  أنها تواجه مشكلة زيادة الدين العام، و انها تحتاج الي افكار ابتكارية لترشيد النفقات، و باالتالي لتقليل الدين العالم، فتقدمت جهة مدنية و اقترحت تقليل أوراق الطباعة، و جاءت فكره اخري ان يكون الطباعة علي الجهتين، او ان تقوم الحكومه بتدوير الاوراق، لكن الفكره المبهره كانت من طالب عمرة اربعة عشر عاما، حيث قام الطالب بمعرفة بيانات من موقع المعلومات المفتوح ، عن عدد الاوراق و الخط الذي تعتمده الحكومه الامريكية في المراسلات، و قام بعمل تطبيق الكتروني، لمعرفة افضل خط ممكن ان يستخدم في الطباعة ليوفر الاوراق، و بالتالي الاموال، و عن تطبيق برنامجه الالكتروني ، اقترح انه لو غيرت الحكومه الامريكية الخط المعتمد من اريال الي جارموند (فقط تغير الخط الرسمي المعتمد) سوف توفر الحكومه الامريكية 400 مليون دولار سنويا ثمن الاوراق و الحبر الذي سوف يتم توفيره!!!

    فأرسل رسالة الي الحكومه الامريكية في عام 2014 و درست الحكومه الامريكية مقترح الطالب (ولم تقلل من شأنه) و فعلا تأكدت من صحة اقتراح الطالب و قامت بتطبيق و اعتماد استخدام الخط الذي اقترحة الطالب و فعلا وفرت 400 مليون دولار امريكي !

    اي ان الفكره جائت ليس من خبير أو عالم أو رجل اقتصاد انما من طالب عرف ان يتعامل مع التكنولوجيا الحديثة ، اذن لماذا لا نتعلم من تلك الدول المتقدمة، و تقوم الحكومه بعمل موقع مفتوح فيه كل البيانات الحقيقية و المشاكل بكل شفافية ، (بدل كله تمام و تحت السيطره يا فندم)، انا اعتقد ان سبب عدم تطبيق بعض الحكومات لهذا المبدأ هو مقاومة التغير و الخوف علي مناصب ذائفة يعتقد اصحابها ان الشفافية و الانقتاح علي المجتمع ممكن ان يزيحهم من تلك المناصب، لا بد ان تقتنع الحكومه أنها لم تعد قادرة علي تقديم الخدمات المناسبه للمجتمع بتلك الاسالبيب و الافكار البالية، لابد ان تعترف تلك الحكومات ان  فيها نقص معرفة تكنولوجية ، و ان سر بقائها هو رضاء المجتمع الذي اصبح له طبيعة و سيكولوجيه جديده، ممكن ان تكون ثروه عظيمة لو استخدمت، او قنبلة موقوته لو اهملت، لذا انتبهوا!!



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن