الجرافة الروبوتية".. كيف طوّعت إسرائيل التكنولوجيا خلال حربها على غزة؟

  • إسرائيل تستخدم جرافات من دون سائق لتقليل المخاطر على قواتها.

    -      انتقادات لإسرائيل بسبب عدم الدقة وقلة الرقابة البشرية.

    -      احتمال كبير لانتهاك استخدامات إسرائيل التكنولوجية للقانون الدولي.

     

     

    كتب : إسلام توفيق

     

    من النظرة الأولى، لا يبدو الأمر غير عادي بشأن هذه الجرافة الضخمة التي تشق طريقها عبر أرض وعرة بالقرب من تل أبيب، إلا أنه عندما تنظر عن كثب، تجد كابينة السائق فارغة بشكل غريب.

     

    يتم التحكم في هذا العملاق المدرع، في موقع اختبار عن بعد من قاعة عرض عسكرية في ألاباما (الولايات المتحدة الأمريكية)، على بعد آلاف الكيلومترات.

    إنها النسخة التي يتم التحكم بها عن بعد من الآلة التي تستخدمها القوات الإسرائيلية يوميًا في أعمال الهندسة على جبهة الحرب منذ سنوات.

     

    فمنذ عام ونصف العام، يستخدم الجيش الإسرائيلي بشكل متزايد نسخته الآلية في قطاع غزة ولبنان، حتى لا يتعرض جنوده للخطر.

    "نظرًا لأن مهام الهندسة القتالية محفوفة بالمخاطر بشكل خاص، فإن الفكرة هي إخراج الشخص من الجرافة"، كما يوضح راني قائد فريق في شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية، وهي الشركة المملوكة للدولة الإسرائيلية التي صممت "الجرافة الروبوتية".

     

    ويزعم المدير، الذي لم يكشف عن اسمه لأسباب أمنية، أن الآلة قادرة على أداء مجموعة كاملة من المهام "بشكل أفضل من الإنسان".

     

    من أنظمة الدفاع الجوي "القبة الحديدية" و"السهم" إلى أدوات كشف الأهداف بالذكاء الاصطناعي، تم توثيق اعتماد إسرائيل المتزايد على التقنيات المتقدمة في ساحة المعركة بشكل غني.

     

    ويقول محللون، إن نشر إسرائيل المتزايد لجرافة "روب دوزر"، يعكس الاتجاهات العالمية الأوسع نحو الأتمتة في المركبات القتالية الثقيلة، مثل ناقلات الأفراد التي يتم التحكم فيها عن بُعد، وتعمل مثل الطائرات المسيَّرة.

     

    وتعرضت إسرائيل للانتقاد كثيراً بسبب استخدامها المتزايد للتكنولوجيا المتقدمة في القتال، سواء أنظمة الدفاع الجوي أو أدوات الذكاء الاصطناعي المستخدَمة في مجال الاستخبارات، وذلك لعدم الدقة أو قلة الرقابة البشرية مع احتمال انتهاكها للقانون الدولي.

     

    فضلا عن أن حرب المستقبل كما تتشكل في غزة، تثير تساؤلات قانونية وأخلاقية.

    ويشير تال ميمران، الباحث في القانون الدولي في الجامعة العبرية في القدس، إلى أن قوانين الحرب التي كتبت قبل عام 1977، لم يتم تحديثها لتأخذ في الاعتبار أحدث التقنيات.

    وعلاوة على ذلك، حذرت "هيومن رايتس ووتش"، من أن "الجيش الإسرائيلي يستخدم بيانات غير كاملة، وحسابات خاطئة، وأدوات غير كافية لمساعدته في اتخاذ قرارات تتعلق بالحياة أو الموت في غزة، وهو ما قد يزيد من الضرر الذي يلحق بالمدنيين".

    فمنذ بدء الحرب التي اندلعت إثر هجوم غير مسبوق شنته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، قُتل ما لا يقل عن 51 ألف شخص، معظمهم من المدنيين، في قطاع غزة، وفقاً لوزارة الصحة التابعة لحركة حماس.

    وقال مصدر عسكري إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن هويته، إن الجيش الإسرائيلي بدأ باستخدام أدوات روبوتية "منذ أكثر من عقد من الزمان، ولكن بأعداد صغيرة للغاية"، وأضاف: "والآن يتم نشرهم في صراعات واسعة النطاق".

     

    ويعتقد أندرو فوكس الضابط السابق في الجيش البريطاني والباحث في مؤسسة هنري جاكسون البحثية، أن الجيش الإسرائيلي كان أول من استخدم المركبات القتالية المستقلة في منطقة حرب، وهو ما "يغير نموذج" الحرب.

     

    ويقول إنها "خطوة مهمة للغاية إلى الأمام"، موضحًا كيف تستخدم هذه الجرافات لإزالة الأنقاض بعد الغارات الجوية، وتمهيد الطريق أمام القوات للتقدم دون تعريضها للخطر بشكل غير ضروري.

     

    وبالنسبة لجون سبنسر رئيس برنامج دراسات الحرب الحضرية في الأكاديمية العسكرية الأمريكية في ويست بوينت، فإن "هذا هو المستقبل".

    "تحاول الجيوش في جميع أنحاء العالم، تطوير مركبات قتالية ذاتية القيادة منذ سنوات"، كما يقول الباحث الذي يدرس تأثير التقنيات الإسرائيلية على الجيوش الغربية.

     

    ويضيف: "يجري الكثيرون تجارب على هذه التقنيات، لكن لم يرَ أحدٌ بعدُ تطبيقًا مباشرًا لها في القتال الحديث. إنها حقًا فريدة من نوعها".

     

    لكن هذه التقنيات المتقدمة لها أيضًا عيوب تتجاوز الجوانب الأخلاقية والقانونية، لأنها قد تحجب الحاجة إلى وجود بشري للتعامل مع المواقف غير المتوقعة.

    وتعتبر هجمات حماس التي أشعلت الحرب في غزة، مثالاً جيداً على ذلك، وفقاً لطال ميمران.

     

    ويضيف: "أظهر لنا هجمات 7 أكتوبر، أنه بإمكانك بناء جدار بقيمة مليار دولار (مجهز بالتكنولوجيا)، ولكن إذا لم تقم بدوريات على الحدود، فإن شخصًا ما سوف يتسلل إلى بلدك في نهاية المطاف".

    ويضيف: "لا يمكننا تجاهل الواقع (...) نحن نعيش في عصر يقتحم فيه الذكاء الاصطناعي حياتنا، ومن الطبيعي أن يجد له تطبيقا أيضا في مجال الأمن".

     

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن