كتب : محمد عصام
كشفت المفوضية الأوروبية (European Commission) عن خطة استثمارية جديدة بقيمة مليار يورو (1.1 مليار دولار أمريكي) لتعزيز تبني الذكاء الاصطناعي في القطاعات الصناعية الرئيسية، في إطار سعي الاتحاد الأوروبي لتقليل اعتماده على التكنولوجيا القادمة من الولايات المتحدة والصين وتحقيق استقلاله الرقمي.
أطلقت المفوضية استراتيجيتها الجديدة تحت اسم «Apply AI»، استكمالًا لخطة العمل التي أعلنتها في أبريل الماضي، والتي هدفت إلى تخفيف الأعباء التنظيمية والتكاليف المفروضة على الشركات الناشئة في أوروبا بعد دخول قانون الذكاء الاصطناعي التاريخي حيز التنفيذ في أغسطس من العام الماضي. وتأتي هذه الخطة لتؤكد طموح أوروبا في أن تصبح مركزًا رائدًا لتطوير وتطبيق الذكاء الاصطناعي عبر جميع القطاعات الاستراتيجية.
قالت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، في بيان رسمي: «أريد مستقبل الذكاء الاصطناعي أن يُصنع في أوروبا». وأضافت أن تبني هذه التكنولوجيا يجب أن يكون واسع النطاق، مشيرة إلى أن المفوضية ستعمل على ترسيخ عقلية «الذكاء الاصطناعي أولًا» في جميع القطاعات الحيوية، بما في ذلك الروبوتات والرعاية الصحية والطاقة وصناعة السيارات. وأكدت أن الهدف هو تسريع التحول الصناعي الأوروبي وتعزيز الإنتاجية من خلال حلول ذكية قائمة على الذكاء الاصطناعي.
شملت الخطة الأوروبية قطاعات رئيسية مثل الرعاية الصحية، الأدوية، الطاقة، النقل، التصنيع، البناء، الأغذية الزراعية، الدفاع، الاتصالات، والثقافة. وأوضحت المفوضية أن هذه المجالات تمثل ركائز اقتصادية واستراتيجية تتطلب دمجًا أوسع لتقنيات الذكاء الاصطناعي لرفع الكفاءة وتقليل الاعتماد الخارجي. كما تضمنت الخطة إنشاء شبكة من مراكز الفحص المتقدمة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية، إلى جانب تطوير تطبيقات «الذكاء الاصطناعي الوكيلة» في مجالات التصنيع والمناخ والصناعات الدوائية.
أشارت المفوضية الأوروبية إلى أن التمويل المخصص للخطة سيأتي من برامج الاتحاد البحثية مثل «Horizon Europe» و«Digital Europe»، مع تشجيع الدول الأعضاء والقطاع الخاص على المساهمة في توفير تمويل إضافي مماثل. وتهدف هذه الخطوة إلى مضاعفة الاستثمارات وتحفيز الابتكار المحلي داخل القارة، بما يضمن لأوروبا موقعًا تنافسيًا قويًا في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.
تأتي هذه المبادرة في ظل تصاعد التوترات التجارية بين أوروبا والولايات المتحدة والصين، وسعي الاتحاد الأوروبي إلى تحقيق «الاستقلال الاستراتيجي» في التقنيات المستقبلية. وتعكس الخطة إدراك القارة العجوز بأن السيطرة على أدوات الذكاء الاصطناعي باتت عنصرًا رئيسيًا في التوازن الاقتصادي العالمي، وأن الاستثمار في هذا المجال يمثل خطوة أساسية لبناء مستقبل رقمي أوروبي مستقل ومستدام.
