شركاء قطاع الاتصالات .. وتطوير السوق

  •       بقلم : خالد حسن

    بالتأكيد باتت مصر في حاجة ماسة لاستكمال تجديد وتوسعة البنية التحتية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ونقل البيانات لاسيما في ظل تزايد قاعدة مستخدمي الانترنت في مصر بنسبة 7,9%، ليصل إلى 40,9 مليون مستخدم عام 2018/2019، مقارنة بـ 37.9 مليون مستخدم خلال عام 2017/ 2018، فضلاً عن زيادة عدد مشتركي الإنترنت عن طريق الهاتف المحمول بنسبة 15,7%، ليصل 36.2 مليون مشترك في مايو 2019، مقارنة بـ 31.3 مليون مشترك في مايو 2018 ..  ناهيك عن التوسع العمراني الكبير الذي شهدناه في السنوات العشرة الأخيرة والمتوقع تضاعفه في السنوات العشرة القادمة بعد التخطيط الإقليمي الجديد للمجافظات واتساع رقعتها الجغرافية .

    حيث كشف المركز الإعلامي لمجلس الوزراء, إنفوجرافاً سلط من خلاله الضوء على الخطوات التي تتخذها الدولة المصرية في إطار التحول إلى المجتمع الرقمي, من أهمها تخصيص 7.8 مليار جنيه في موازنة 2019/2020 لمشروع تحديث البنية المعلوماتية والمحتوى الرقمي للدولة المصرية  كما ارتفاع حجم الاستثمارات في قطاع الاتصالات بنسبة 22,9%، ليصل إلى  35,4 مليار جنيه خلال عام 2018/2019، مقارنة بـ 28,8 مليار جنيه خلال عام 2017/2018، في حين بلغت قيمة صادرات الخدمات الرقمية 3,6 مليار دولار خلال عام 2018/2019، ومن المتوقع أن تنمو صادرات القطاع بمعدل سنوي مركب نسبته 13,4% ليصل إلى 4,7 مليار دولار بحلول عام 2020 وفقاً لمؤسسة" IDC " البحثية العالمية.

    وشهد قطاع الاتصالات خلال الأسبوع الماضي مجموعة من الأحداث والفعاليات والتي يمكن وصفها بأنها انتصار كبير لجهود متواصلة ومباحثات شاقة ، قامت بها وزارة الاتصالات مع جميع الأطراف للوصول إلى صيغة نهائية ، لفتح صفحة جديدة من الشراكة الايجابية والتعاون بين كل مشغلي شبكات الاتصالات والمحمول بهدف تطوير خدمات هذه السوق وتحسينها وتنويعها بما يتناسب مع تطلعات المستخدمين للاتصالات والإنترنت ، لاسيما بعد صدور أول تقرير لمراقبة جودة الخدمات من جانب الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات والذي حاول وضع النقاط على الحروف للاستجابة لمتطلبات المستخدمين ومعالجة بعض المشاكل في إتمام عمليات الاتصالات .

    ومن ثمة فإن توقيع اتفاقيات تسوية بين الجهاز "القومي لتنظيم الاتصالات" ومشغلي المحمول (أورنج، وفودافون، واتصالات) لحل كل النزاعات والتي امتدت لمدة عشر سنوات نتيجة لطعن بعض مشغلي المحمول أمام جهات القضاء والتحكيم على قرارات الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات الصادرة في عام 2009 بشأن أسعار مكالمات المحمول المتبادلة بين الشبكات المختلفة والذي أدى إلى اختلاف طرق حساب هذه الأسعار ونشوب نزاعات مالية أمام القضاء بقيم تتجاوز 2 مليار جنيه لاسيما كان من أهم التداعيات السلبية لمثل هذه النزاعات عدم استقرار ووضوح آليات التعامل بين المشغلين في قطاع الاتصالات المصري مما يمثل عقبة أمام المستثمر الأجنبي عند ضخ استثمارات مستقبلية جديدة والتي يمكن توجيهها لتحسين جودة خدمات الاتصالات المقدمة للمواطنين .

     

    كما شهد الأسبوع الماضي أيضا توقيع بروتوكول تعاون بين وزارة الاتصالات " ممثلا في الشركة المصرية للاتصالات " وشركة " العاصمة الإدارية "  لإقامة شبكة اتصالات داخل العاصمة الإدارية ضمن خطة تحويل المدن الجديدة لمدن ذكية، اذ أكد الدكتور عمرو طلعت ـ  وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أنه سيتم بدء العمل بالمرحلة الأولى في الحي الحكومي بتكلفة 40 مليار جنيه وسيستغرق العمل 6 أشهر حيث إن العاصمة الإدارية الجديدة والمدن الجديدة ستكون مجتمعات ذكية مستخدمة أحدث الوسائل الرقمية، والتكامل الصناعي، والأمن السيبراني لإدارة الموارد والمرافق والخدمات، وستكون مثالا يحتذي به في المدن الجديدة التي ستقيمها الدولة.

    وبالتأكيد فإن الاتفاقية ستشكل قفزة نوعية في دور المصرية للاتصالات ، والتي تتولى منذ نحو 160 عاما إنشاء أعمال البنية التحتية للاتصالات على مستوى جمع المحافظات ، وتمتلك خبرات طويلة في هذا المجال وكوادر بشرية مؤهلة على مستوى عال .. ناهيك عن اتساع وامتداد شبكتها على مستوى مصر كلها لاسيما أنها تقوم منذ سنوات استبدال كوابل النحاس وإحلال كوابل الألياف الضوئية لتحسين البنية التحتية للاتصالات .

    وفي اعتقادي أنه في ظل امتلاك مصر أكثر من 23 مليون منزل تقريبا ، وتزداد بنحو 500 ألف منزل سنويا مع وجود 900 ألف حالة زواج سنوىة .. ناهيك عن التوسع العمراني الجديد وبناء عاصمة جديدة في طريق السويس ، عند الكيلو 70 ، فان الأمر هنا لا يجب أن يتوقف على المنافسة بين المشغلين وإنما كيفية التنسيق بين جميع المشغلين بما يمكنهم من توفير التغطية اللازمة لهذه المناطق بما ينعكس إيجابا على مستوى الخدمة التي يقدمونها لعملائهم خاصة في ظل تعالى الأصوات بأن هناك تراجعا كبيرا في مستوى خدمات الاتصالات ونقل البيانات بصورة ملحوظة في الآونة الأخيرة نتيجة عدم ضخ الاستثمارات المالية الكافية لتطوير وتحسين البنية التحتية للاتصالات والإنترنت  . 

    في النهاية نؤكد أن شبكات البنية التحتية للاتصالات والإنترنت في حاجة لاستثمارات مالية ضخمة ، تتجاوز عدة مليارات من الجنيهات ، الأمر الذي لا يمكنه أن يتوقف فقط على استثمارات الشركة المصرية للاتصالات ، والتي تقوم بدور إيجابى في هذا المجال ولكن في حدود قدراتها المالية وامكانية تحركها ، وأصبح الموضوع يتطلب فتح الباب أمام الاستثمارات المحلية لجذبها وتشجيعها على الدخول في مجال إنشاء البنية التحتية للاتصالات ومد كوابل الألياف الضوئية لإتاحة خدمات الإنترنت ، البرود باند ، للملايين من المستخدمين الجدد الذين يعانون الحرمان وغياب هذه الخدمات .. ناهيك عن تحسين مستوى الخدمة للمستخدمين الحاليين .

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن