قدم سعادة عبد الله بن طوق، الأمين العام لمجلس الوزراء في دولة الإمارات العربية المتحدة، في مقالاتٍ سابقة رؤيته عن حاجة الأفراد والمنظمات والقطاعات الصناعية والدول إلى تطوير منظومة نمو انطلاقًا من تعديل الأدوات القائمة حاليًا كي تركز على النمو، وذلك بتطوير عقلية النمو، ومجالس النمو، وإدارة النمو، ومسارات النمو، وتجارب النمو.
وتحدث في مقال جديد نشره حديثًا، عن تجربة إطلاقه لمجالس النمو التي امتدت لستة أشهر في مكتب مجلس الوزراء لدولة الإمارات العربية المتحدة، وكيف عمل على إنشاء الأدوار وأساليب إضفاء التنظيم المؤسسي على عملية التعلم لدعم الحكومات في إنشاء مجالس النمو الخاصة بها وخدمة المواطنين بصورةٍ أفضل.
وأوضح أنه يطرح خلاصة تجاربه في عشر لجان ومجالس تقليدية، فهو يرى أنه على الرغم من ضرورة وجود رقابة ومحاسبة للمسؤولين التنفيذيين، فإن كثيرًا من الوقت يضيع خلال العمل الحكومي في التركيز على القرارات السابقة ومناقشة مختلف الآراء دون التمييز سريعًا بين ما يصلح منها فعلًا أو ما يعد نوعًا من الفرضيات، وربما يضيع الوقت في الاستفاضة في النقاشات أو يحدث العكس يتم القفز إلى الاستنتاجات دون دراسة كافية. ولهذا لا بد من إيجاد نوع من التوازن لدعم المديرين التنفيذيين في اتخاذ قرارات غير قابلة للعكس، أو قرارات ذات عواقب كبيرة، أو قرارات تستمر من عامين إلى 2 إلى 5 سنوات، ويتطلب هذا أن نحول المجالس التقليدية إلى مجالس النمو.
وبين سعادة عبد الله بن طوق أسباب الحاجة إلى مجالس النمو فقال في مقاله «نسمع كثيرًا عن أنواع مختلفة من الابتكار، مثل الابتكار في المنتجات والقنوات والعلامات التجارية ونماذج الأعمال. وعلى الرغم من أنها جميعًا عناصر مهمة، إلا أنها تعتمد على نوعٍ آخر من الابتكار هو ابتكار القرار، والذي يعني المعايير والعمليات والموافقات والاجتماعات التي تحدد كيفية اتخاذ القرارات.»
فعلى الرغم من أن الجانب النظري يفترض أن الشركات الكبيرة تتفوق على الشركات الناشئة من ناحية القدرة على الابتكار، لأنها تملك الموارد المالية والمواهب التي تعزز الابتكار، لكن الواقع يشير إلى أنها تفتقد إلى أمرٍ أساسي وهو ابتكار القرار، وفق رؤية سعادة عبد الله بن طوق. ويؤدى ذلك إلى إهدار مليارات الدولارات أو على الأقل عدم استغلالها بصورةٍ صحيحة، لأن طريقتنا لاتخاذ القرارات لم تتكيف مع العالم المتغير والمعقد الذي نحيا فيه.
ونبّه سعادة بن طوق إلى أن المؤسسات الكبيرة تتحول غالبًا إلى مؤسسات بيروقراطية عن غير قصد، فتصبح عملية اتخاذ القرارات عمليةً معقدة وبطيئة، تستند إلى الإرث الكبير من القرارات السابقة والتي تتأثر بالتوجهات الشخصية أو العاطفية أو السياسية، بدلًا من الاعتماد على البيانات، بالإضافة إلى الفجوة المتزايدة بين متخذي القرارات ومنفذيها.
وأضاف في مقاله «لا يُنظر عادةً إلى ابتكار القرار على أنه تخصص منفصل، لكنه قد يلعب دورًا حاسمًا في تشكيل قدرة المنظمات، سواء كانت حكومات أو شركات، على إيجاد القيمة. فمثلًا، أشار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إلى ذلك في تغريدة عندما قال إنه لا توجد أزمة طاقة، ولا أزمة تعليمية وإنما توجد أزمة إدارية. وترتبط الأزمة بصورةٍ أكثر تحديدًا بطريقة اتخاذ القرارات الإدارية.»