أمن المعلومات لم يعد رفاهية بل قضية أمن قومي و" المخاطر الإلكترونية" قادمة لا محالة
صورة أسامة الجوهرى رئيس مركز المعلومات + أمن المعلومات
كتب : صابر محمد - نهله مقلد
أظهرت أزمة فيروس كورونا أهمية الحاجة للعمل عن بعد، لاسيما في ضوء توجه دول العالم نحو التعايش مع الأزمة، ومن هنا أدركت الدول بأن تكنولوجيا المعلومات هي السبيل الأمثل للحد من مخاطر انتشار الوباء، إذ تبنت غالبية الدول سياسات من شأنها تكوين بيئة عمل ناجزة عن بعد، تقوم بشكل رئيسي على التبادل الأمن للمعلومات.
وفي هذا الصدد، انطلقت فعاليات الدورة الرابعة للمؤتمر العربي لأمن المعلومات في مصر، والذي يعقد هذا العام تحت شعار " الأمن السيبراني في عصر التحول الرقمي"، تحت رعاية الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والمهندس محمد أحمد مرسي، وزير الدولة للإنتاج الحربي، ومركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، ومن المقرر أن يستمر المؤتمر حتى 12 سبتمبر الجاري، بمشاركة واسعة لعدد كبير من الهيئات ومؤسسات الدولة والشركات الكبرى المتخصصة في هذا المجال، فضلاً عن الخبراء بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والهيئات الأكاديمية.
من جهته أكد أسامة الجوهري، مساعد رئيس مجلس الوزراء، ورئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أن الأمن السيبراني يعد أحد المخاطر الرئيسية التي تواجه حكومات وشركات العالم، حيث لم تعد الهجمات السيبرانية نتاج عمل أشخاص بمفردها أو مجموعات من القراصنة فقط ولكنها أصبحت تضم متخصصين في الجرائم السيبرانية لديهم قدرات تعادل إن لم تكن أفضل من كيانات مؤسسية بدول العالم المختلفة.
أضاف أصبحنا أمام حقيقة واضحة وهي أن أمن المعلومات لم يعد رفاهية، بل قضية أمن قومي وأن المخاطر الإلكترونية قادمة لا محالة، مما يتطلب مراجعة القوانين والإطار المؤسسي الحاكم لحماية أمن المعلومات وتدريب العاملين في كافة الجهات على أهمية الأمن السيبراني وخطوات الحماية والمواجهة، هذا بالإضافة إلى زيادة الاستثمارات في أمن المعلومات.
ز"الجوهري" الضوء على إشارة مؤسسة "جارتنر" العالمية - والمتخصصة في تقديم استشارات عالمية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات- في 13 مايو من العام الجاري، إلى أن الإنفاق العالمي على تكنولوجيا المعلومات سيكون في حدود 3.4 تريليون دولار منخفضاً بحوالي 8% عن المستويات المسجلة في عام 2019 بسبب تأثير وباء كوفيد 19، إلا أن اللافت أن القطاعات الفرعية مثل الخدمات السحابية العامة، ستشهد معدلات زيادة في الانفاق بنسبة 19%، كما ستشهد الاتصالات الهاتفية والرسائل والمؤتمرات القائمة على البيئة الافتراضية أيضاً مستويات عالية من الإنفاق لتنمو بنسبة حوالي 9% و24% على التوالي.
وأضاف "الجوهري"، أن المؤسسة نفسها توقعت أن يسجل الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حوالي 160 مليار دولار بزيادة قدرها حوالي 2.5% عن عام 2019 توجه إلى نظم مراكز البيانات والمشروعات والبرامج وخدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بالإضافة إلى الأجهزة والمعدات.
وعلى الصعيد المحلي، أوضح " مساعد رئيس الوزراء، ورئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار"، أن الحكومة المصرية تتجه بقوة نحو التحول للمجتمع الرقمي، لافتاً إلى أنها قامت بزيادة المخصصات المالية لتحقيق هذا التحول بحوالي 67% عن العام السابق لتسجل حوالي 13 مليار جنيه في موازنة 2020/2021 مع تنفيذ مشروعات تستهدف تحديث البنية المعلوماتية والمحتوى الرقمي، وذلك على الرغم مما تواجهه الدولة من تحديات بسبب جائحة كورونا.
أكد الجوهري الحكومة المصرية تولى أيضاً اهتماماً كبيراً لأمن المعلومات، عبر اطلاق العديد من المبادرات وفي إطار تشريعي حاكم كانت أهم ملامحه، إقرار قانون حماية البيانات الشخصية في يونيه 2020 والذى يعد انطلاقه تشريعية نحو تأمين البيانات الشخصية للمواطنين، إذ ينظم القانون حماية البيانات الشخصية ويجرم جمع البيانات الشخصية بطرق غير مشروعة أو بدون موافقة أصحابها، كما ينظم أيضاً نقل ومعاجلة البيانات عبر الحدود بما يعود بالنفع على المواطنين وعلى الاقتصاد القومي ويسهم في حماية الاستثمارات والأعمال، ليتكامل بذلك التشريع الأخير مع قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر في أغسطس 2018 والذى يكافح الاستخدام غير المشروع للحاسبات وشبكات المعلومات وتقنيات المعلومات وما يرتبط بها من جرائم، بالإضافة إلى وضع القواعد والأحكام والتدابير اللازم اتباعها من قبل مقدمي الخدمة لتأمين خدمة تزويد المستخدمين بخدمات التواصل بواسطة تقنيات المعلومات، وتحديد التزاماتهم في هذا الشأن.
الجدير بالذكر، أن المؤتمر يهدف إلى استعراض التجارب العالمية الناجحة لمواجهة التهديدات والاختراقات الإلكترونية ودور الأمن السيبراني في تأمين وحماية مؤسسات ومصالح الدولة في مرحلة التحول الرقمي وضمان استمرارية تأمين تلك المؤسسات فيما بعد استكمال التحول الرقمي، كما يهدف هذا الملتقى الهام كذلك إلى دعم الشباب وتدريبهم من خلال ورش العمل التي ستنعقد أثناء فعالياته على كيفية الاستعداد لمواجهة الهجمات السيبرانية وسرعة الاستجابة واكتشاف الثغرات وفحص الشبكات والأنظمة وحماية نظم معلومات مؤسسات الدولة من الاختراق الخارجي.