مرسى الذى مات ... وما خلفه وراءه من آيات

  • وجهه نظر 

    بقلم ايمن صلاح 

     

    لست من أولئك الذين يشمتون فى مصيبة الموت اعمالا لتعاليم ديننا الحنيف ولن أكون أبدا ما حييت، ولكننى مع وفاة محمد مرسى شعرت وكأن الفتنة بدأت تطل برأسها القبيح من جديد فى بلادى نظرا للتوظيف السياسى الذى تنتهجه تلك الجماعة الضالة المضلة التى اتخذت الارهاب شريعة وسنة لسلوكها، فهم لا يعنيهم وفاة مرسى بقدر ما يعنيهم الخروج بمكاسب سياسية من وراء هذا الحدث فقد وظفوا قنواتهم الفضائية وأذرعهم الاعلامية للهجوم على الدولة المصرية والسلطات المصرية متهمة اياها بكل سفور وفجور مصورين الأمر وكأنه اغتيال سياسى بل أنه أصاب بعضهم الشطط وتمادوا فى الاتهام ليصوروا الأمر وكأنه جريمة قتل متكاملة الأركان، وهذا أمر لا يستحق عناء الرد عليه لعدم منطقيته وواقعيته حيث أن المذكور يحمل العديد من الأحكام القضائية النهائية بسجنه لعشرات السنين مما ينفى أى نية يمكن أن تبيت لقتله للخلاص منه خوفا من أى هدف خفى مستقبلى.

     

    القضية يمكن أن نمعن فيها النظر من عدة زوايا أولها وأهمها هى الجبهة الداخلية المصرية والتى بدأت تفوح من جنباتها رائحة الفتنة من جديد بعد أن كانت قد هدأت بل اختفت بعد أن توارى بلا رجعة رموز تلك الجماعة المسماه الاخوان الذين دأبوا منذ وصولهم الى حكم مصر على بث بذور الفرقة والشقاق بين أبناء الوطن الواحد متسترين تحت عباءة الدين الذى هو براء منهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب وهم بعيد عن ذلك الدين بعد المشرق والمغرب، ثم تمادوا فى اشعال الفتنة بعد أن أزاحهم الشعب المصرى عن الحكم فملأوا الدنيا عويلا وصراخا وملأوا مصر ارهابا وضلالا، أشعر اليوم بموت مرسيهم وكأنهم يغتنمون فرصة مواتية لينشروا من جديد الفساد فى الأرض ويبثوا الفتنة فى البلاد وبين العباد حيث أدهشنى الكثير من مواقع التواصل الاجتماعى المليئة بخلايا تلك الجماعة النائمة والتى بدأت تستيقظ فور موت مرسى لكى تصور لنا وكأن النبى الملهم والقائد الذى لا يشق له غبار قد مات ومع الأسف الشديد اتبعهم الغاوون الذى لا يدرون من أمرهم شيئا مستغلين المشاعر الانسانية التى يمكن أن تختلج بصدر أى منا لمجرد وفاة نفس وصعود روح الى بارئها بما فى ذلك من تقديس وحرمة للموت فرضها علينا ديننا الحنيف، ولأن لكل حدث دلالة ربما ترتقى لأن تكون آيه من آيات الله فى خلقه فان مرسى الذى مات مخلفا وراءه العديد من الآيات كان قد تولى سدة الحكم فى شهر يونيو فكانت له ولجماعته نعمة من الله ولكنهم لم يحفظوا أو يشكروا لأنعم الله فثار عليه وعليهم الشعب وأزاحه فى شهر يونيو فكانت نقمة عليه وعلى جماعته ولكنهم لم يأخذوا العظة وتمادوا فى الغى والظلم والعدوان حتى جاء يونيو نفسه مرة أخرى ليقبضه الله سبحانه وتعالى قبضة العزيز الجبار المقتدر ليكون مرسى وجماعته عبرة لمن يعتبر وليكونوا لمن خلفهم آية من آيات الله بعد أن فشلت تلك الجماعة فى كل محن واختبارات المولى عز وجل وسوف يذكر التاريخ دائما أنهم عاشوا وهاموا فى الأرض أذلة وحين قبضهم الله اليه قبضهم أيضا أذلة.

     

    المنظور الآخر الذى يجب أيضا أن ننتبه له بجانب فتنة داخلية محتملة ندعو الله سبحانه وتعالى بوأدها فى مهدها هو المحيط الاقليمى لمصر وبخاصة تلك الدول أو المنظمات الحاقدة على مصر والمناصرة لتلك الجماعة الارهابية وعلى رأس تلك الدول تركيا وقطر اللتان تحاولان زعزعة استقرار مصر وتساندان الارهاب الذى يستهدف أمن واستقرار الوطن فكان من المضحكات المبكيات تصريح ذلك الاردوغان الذى يحكم تركيا بالحديد والنار فور موت مرسى بأن البشرية قد فقدت أكبر مناضلى الديمقراطية عبر تاريخ الأمم، ولا أدرى ان كان اردوغان بمثل هذا التصريح يريد أن يمزح معنا مثلا أم أن عقله قد غاب ليظن أنه يستطيع أن يغيبنا معه، فهل هو بالفعل يعتقد أن مرسى هو أحد مناضلى أو شهداء الديمقراطية كما يدعى، مرسى الذى وقف بعد اعلانه الدستورى الشهير وكأنه يقول للشعب المصرى كله أنا ربكم الأعلى، مرسى الذى وصلت مصر على يديه الى أشد حالات الاستقطاب واستبعاد كل القوى السياسية المدنية، مرسى الذى تبنى عودة كل الارهابيين والقتلة الى مصر، مرسى الذى كان أول من نعاه تنظيم ولاية سيناء الارهابى واصفين اياه بأنه الرئيس الشرعى لمصر وأربأ بنفسى أن أقول ذلك فأقول ربما يكون هو بالفعل الرئيس الشرعى ولكن لهم هم كأراهبيين لا لشعب مصر، مرسى الذى هدد وتوعد مصر وأهلها بداعى شرعية مزعومة، هل هذا هو النضال الديمقراطى لمرسى الذى كان دائما وأبدا تابعا لا مستقلا، تابعا لجماعته تارة وتارة أخرى تابعا لسيده بالبلاط العثمانى بأسطنبول تحت زعم الخلافة الاسلامية التى ما أنزل الله بها من سلطان. لذلك علينا أن ننتبه لكل المحاولات البائسة المعادية لمصر وشعبها من بعض القوى الاقليمية لتأليب الرأى العام الدولى ضد مصر وعلينا أن نكون فاعلين فى هذا الأمر والا نكتفى برد الفعل.

     

    المنظور الأخير فى نظرى هو كيفية أخذ الحيطة والحذر أمنيا وعسكريا ضد أى عملية ارهابية محتملة من تلك الجماعة الارهابية او تابعيها بغرض الانتقام لمرسيهم على حد زعمهم، وعليه فان على كل منا واجب للحفاظ على أمن وأمان هذا الوطن حيث لن تستطيع الداخلية أو القوات المسلحة نشر جنود فوق كل معبر أو بداخل كل شارع أو ميدان ولكن علينا أن نكون نحن جنود أمننا واستقرارنا باليقظة والانتباه الدائم.

     

    أخيرا .... اللهم ارحم شهداء مصر الأبرار الذين قضوا نحبهم فداءا لهذا الوطن وأنزل على كل ارهابى أو خائن أو متآمر على هذا الوطن ما يستحق من الويل والثبور.



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن