العملية التعليمية والحلول الأمنية

  • بقلم ايمن صلاح

     

     

     

    كنت قد كتبت منذ فترة ليست بالطويلة عن اعجابى بتصميم الادارة السياسية المصرية على تطوير التعليم المصرى بكل مراحله وحتى الوصول به الى أعلى درجات الجودة بالمقاييس العالمية بل ان استراتيجية مصر 2030 وضعت فى الاعتبار ضمن أحد أهم معاييرها تطوير التعليم لكى نصل به الى تفريخ مواطن على درجة جيدة من التعليم والثقافة تنعكس على كل مجالات الحياة فى الدولة المصرية أداءا وظيفيا أو سلوكيا أو أخلاقيا بعدما عانينا لمدة عقود من تدهور العملية التعليمية التى اعتمدت على التلقين والتحفيظ لا على الفهم والابداع حتى وصل بنا الحال الى ما هو نحن عليه الآن حتى اننا نكاد نرى كثيرا من خريجى الجامعات لا يستطيعون اجادة المبادىء الأولية للقراءة والكتابة الصحيحة ناهيك عن الاوضاع التعليمية البالية التى اعتمدت على الدروس الخصوصية فى كل مراحل التعليم مما أنهك القدرات المالية للمجتمع المصرى الأمر الذى انعكس سلبا على الوضع الاقتصادى المصرى بالكلية.

     

    ولكن يبدو كما نلحظ من الأحداث المتلاحقة فى عملية تطوير التعليم أن القائمين عليها ربما كان لديهم استراتيجية التطوير ولكنهم افتقدوا لاستراتيجية التنفيذ حتى وجدنا فشلا حتى وان كان مؤقتا للخطوات التى تمت من أجل التطوير وبخاصة التكنولوجية منها مما أدى الى احتقان بين الطلاب وأولياء الأمور نتيجة لفشل التجربة التكنولوجية عدة مرات الذى تم اعتباره مضيعة للوقت وتهديدا لمستقبل هؤلاء الطلاب، وكنت أظن أن القائمين على استراتيجية تنفيذ التطوير التعليمى يجب أن يراعوا العديد من الاعتبارات قبل التنفيذ ومنها على سبيل المثال لا الحصر قدرات البنية التحتية التكنولوجية المصرية التى أعتقد أنها لا زالت فى طور الانشاء والتحديث ولم يكتمل الى الآن نضوجها، وكان يجب أيضا مراعاة مستوى المدرس المصرى الذى ظل يعانى التهميش والاهمال حتى أصبح غير مؤهل لقيادة الدفة التكنولوجية المستحدثة على العملية التعليمية ولا أظن أن التدريب المزعوم الذى حصل عليه هؤلاء المدرسون ولساعات معدودة كاف لكى نحكم على المدرس المصرى بالقدرة والكفاءة، أيضا كان من الواجب التريث فى تنفيذ عملية التطوير وتقسيمها الى مراحل زمنية حتى نضمن مراقبة التطور والتحليل ومن ثم التعديل والتصحيح فما فسد فى عقود طويلة لا يمكن منطقيا اصلاحه فى يوم وليلة، بل انه كان يجب التنفيذ الجزئى لبعض عمليات التطوير بما يسمى Pilot Project ومن ثم التعميم بعد التأكد من تصحيح الأخطاء ونجاح التجربة، مع العديد من الاعتبارات الأخرى التى أظن أنها لم تراعى فى وضع استراتيجية تنفيذ تطوير التعليم المصرى.

     

    الطامة الكبرى التى أراها هى تلك المتمثلة فى التعامل مع من أبدوا حنقهم واعتراضهم من الطلاب عما يحدث معهم من تخبط وعدم رؤية واقعية للأمور وهذه حقهم تماما فهو مستقبلهم الذى يخشون عليه من الضياع نتيجة لسياسات ربما تكون بعيدة كل البعد عن المنطقية والرشد، فبدلا من أن يتم اجراء حوار معهم ومعرفة أسبابهم فى الاعتراض ومحاولة اصلاح ما أفسده التخبط معهم ذهبنا كعادتنا الى الحلول الأمنية حتى وصل الحال الى الاعتداء عليهم بشكل مقزز ولا اخلاقى، مما يدل فى وجهة نظرى على جمود العقلية التى نتعامل بها والتى نعانى منها بل اننا نحاول أن نطورها اليوم بتطوير تعليمنا، فهل بالمنطق يمكننا تغيير تلك العقلية البالية باستخدامها !!!!

     

    النوايا الحسنة ليست كافية لتطوير أى شىء ولكن يجب أن يصاحب الارادة والتصميم فى تطوير التعليم عقلية متفتحة تستطيع أن تستوعب المعطيات الآنية وتتعامل معها، ويجب أيضا مشاركة الخبراء والمتخصصين فى هذا المجال حتى وان كانوا من خارج وزارة التربية والتعليم ودراسة توصياتهم وآرائهم مع وضع الخطط الزمنية المناسبة لتحقيق الأهداف التى يجب أن تكون مرحلية طبقا للقدرات الاستيعابية للمنظومة ككل، ويجب دراسة وضع المدرس المصرى قبل تنفيذ أى خطة فالمدرس هو الركن الأساسى لنجاح أى عملية تعليمية ومن الواجب حل كل مشاكله المادية والتكنولوجبة والثقافية لضمان نجاح تطوير التعليم المصرى.

     

    التعليم فى حد ذاته ليس هو الحل بل ان جودة التعليم هى الحل الحقيقى لهذه الأمة، وهى الضمان الأساسى لتقدم وازدهار الشعوب.

      

     


    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن