وصل الرحالة والمهندس المغربي، يوسف الهواس، إلى مدينة كانتون في الصين الشعبية، بعد مرور 97 يومًا على انطلاقه من مدينة ليون الفرنسية، قاطعًا أكثر من 13 ألف كيلومتر على دراجته -التي صممها بنفسه وصنعها بيديه- في مسار حر ودون تلقي المساعدة، وذلك ضمن إطار مشاركته في مسابقة سان تريب؛ أكبر فعالية عالمية للدراجات العاملة بالطاقة الشمسية والبدنية.
ويعد الهواس أول مغربي وعربي وإفريقي يشارك بالفعالية الرامية إلى تسليط الضوء على ضرورة حماية البيئة والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، من خلال التحول المستدام إلى الطاقة المتجددة، فضلًا عن الترويج لضرورة الحفاظ على الصحة الجسدية.
وكانت إحدى الجمعيات الفرنسية المعنية باستخدام الطاقة الشمسية، وجهت للهواس في العام 2017، دعوة للمشاركة في الفعالية، بعد أن لفتتها مقاطع فيديو عن ابتكاره وتطويره لدراجات ثلاثية العجلات تعمل بالطاقة الشمسية والبدنية.
من جهته قال الهواس، ل"مرصد المستقبل " فعلًا؛ قبلت عرض المشاركة، فهذه فرصة يحلم بها كثيرون، لكنني أردت أن تكون أول مشاركة عربية في هذا الحدث مميزة جدًا، فاقترحت على المنظمين أن اصطحب معي شخصًا من أصحاب الهمم، وعلى الرغم من أنهم رفضوا ذلك في البداية، إلا أنهم وافقوا وحملوني المسؤولية كاملة، بعد أن شرحت لهم الفكرة وقدمت لهم الضمانات بأنني قادر على تصميم دراجة بمقعدين؛ أحدهما خاص بصديقي الذي يعاني من إعاقة حركية.
أضاف بدأت الاستعداد للمشاركة، وتصميم الدراجة وصناعتها، واخترت أن يرافقني صديقي محمد سعيد الجباري، وهو رياضي يزاول رياضة كرة السلة فوق كرسي متحرك. لأنه مصاب بشلل الأطفال عندما كان في الثانية من عمره. أردت بمشاركته أن أعطي مثالًا عن التآزر مع أصحاب الهمم، وبرهانًا على قدرتهم في تحقيق الإنجازات إذا أُعطيت لهم الفرصة ووجدوا من يقف إلى جانبهم. كذلك أردت أن أعطي صورة مشرفة عن كيفية معاملة أصحاب الهمم في الوطن العربي.
وتلقى الهواس دعمًا ماديًا من الوكالة المغربية للطاقة الشمسية ومعهد البحث في الطاقات المتجددة، ولكنه - كما يشير الهواس- اقتصر على دعم بسيط لم يغطِّ حتى ثلث مصاريف الرحلة والاستعداد لها وصناعة الدراجة والأبحاث المتعلقة بتطويرها.
وانطلقت الرحلة في 15 يونيو 2018 من مدينة ليون، مرورًا بدول فرنسا وسويسرا وإيطاليا وسلوفينيا وكرواتيا وصربيا وبلغاريا وتركيا وجورجيا وأذربيجان فكازاخستان ثم الصين.
وتشترط المسابقة الدولية أن تحقق الدراجة جملة من الشروط؛ منها ألا تتعدى استطاعة البطاريات 1100 واط ساعي وألا تتجاوز مساحة الألواح الشمسية 2.5 مترًا مربعًا.
وأطلق الهواس على دراجته لقب «ابن بطوطة» لتعريف الغرب بالرحالة العربي، إذ أطلق المنظمون الفرنسيون على الفعالية اسم «طريق الحرير على خطى ماركو بولو.»
وقال الهواس إن «دراجة ابن بطوطة كانت الأولى والوحيدة التي وصلت خط النهاية ضمن الدراجات ذاتية الصنع، إذ تحطم معظمها في الطريق، وباقي الدراجات الواصلة إلى خط النهاية كانت دراجات تجارية لماركات عالمية معروفة أضيفت لها الألواح الشمسية. وكذلك كنت المتسابق الوحيد الذي شارك برفقة شخص من أصحاب الهمم.»
أضاف واجهتنا مشكلات عدة في الطريق، بسبب عدم تمكننا من الحصول على تأشيرات بعض الدول، ما جعل خط مسيرنا متعرجًا، وفي أذربيجان اضطررنا للانتظار 6 أيام في بحر قزوين حتى تهدأ عاصفة بحرية لنعبر إلى كازاخستان. واضطررنا أيضًا لقطع نحو 400 كيلومتر في كازاخستان، في طريق غير معبدة وصحراوية، ما بين مدينة مكات وكانديياكاش.»
وحاز الهواس في نهاية المسابقة على جائزة القلب الذهبي، التي أضافها المنظمون خصيصًا للهواس تكريمًا لمشاركته. وتلقى كذلك دعوة للمشاركة في نسخة العام 2020 من المسابقة، ويأمل الهواس في الفوز مستقبلًا بأحد المراتب الأولى في السباق وقطع المسافة في أقل من 50 يومًا، إن أتيح له الدعم المطلوب.
ويعد يوسف الهواس من مواليد مدينة طنجة المغربية العام 1968، أتم دراسته الجامعية في فرنسا، وحصل في العام 1990 على دبلوم تقني في الهندسة الميكانيكية، وعقب عودته إلى المغرب عمل في ميادين عدة متعلقة بمجال دراسته، وتوجه اهتمامه نحو ابتكار وتصميم وتطوير الدراجات ثلاثية العجلات، مصممًا نماذج صديقة للبيئة، وأخرى لأصحاب الهمم. انطلق في العام 2016 برحلة داخل المملكة المغربية، استغرقت 11 يومًا، قاطعًا مسافة 1250 كيلومتر على متن دراجة من تصنيعه.