بقلم ايمن صلاح
لم يكن خروج المنتخب الوطنى من دور ثمن النهائى لبطولة الأمم الأفريقية المقامة على أرض مصر ووسط جماهيرها أمرا مفاجئا لكل من يعقل ويدرك حقائق ما يحدث فى الواقع الكروى المصرى حيث أن العناوين تشى بالفحاوى أو كما نقول بلغتنا الدارجة "الجواب بيبان من عنوانه"، ولم تكن المقدمات التى سبقت الحدث الكبير تبعث على التفاؤل أو الأمل بل ان كل المؤشرات كانت توحى بعكس ذلك، تلك المقدمات التى لم تبدأ بالأمس القريب ولكنها بدأت مع بداية فعاليات كأس العالم الماضى الذى أقيم بروسيا وما شابه من فوضى عارمة وتسيب ادارى مستفحل خلال معسكر المنتخب المصرى فى تلك البطولة الأمر الذى أدى الى ظهور منتخب مصر بصورة غير مشرفة على الاطلاق سواء من الناحية الفنية أو حتى الادارية مما أدى الى تقهقر ترتيب المنتخب الى المركز قبل الأخير مع انتهاء البطولة، وما بين انتهاء بطولة كأس العالم العام الماضى وبداية كأس الأمم الأفريقية هذا العام لم تكن الأحداث تنبىء بأن تغيرا ايجابيا يمكن أن يحدث للخروج من عثرة الكرة المصرية التى تسبب اتحاد الكرة المصري فى ايجادها، ولعل من أهم مظاهر التردى الذى عشناه كرويا طوال الموسم الكروى الحالى والذى أظن أنه من سخرية الأقدار أنه لم ينته بعد بعدما أنتهت كل المواسم الكروية فى كل دول العالم دون مصر لأسباب تتعلق بفساد هذا الاتحاد، من أهم تلك المظاهر هو انعدام مبدأ تكافؤ الفرص بين الأندية المتنافسة فى مسابقة الدورى العام وعلى سبيل المثال لا الحصر يتم تأجيل بعض المباريات لبعض الفرق لمجرد الصوت العالى واللسان السليط لمسئوليه ويبدو أن أعضاء مجلس اتحاد كرة القدم يعلمون أن على رأس كل منهم (بطحة) فيستجيبون لقرارات التأجيل التى تأتى بل يتم املاؤها على أعضاء مجلس الاتحاد خشية الفضيحة والتنكيل بهم مما أدى الى عدم تكافؤ الفرص بين الفرق وأيضا الى امتداد المسابقة الى ما بعد كأس الأمم الأفريقية نظرا لكثرة التأجيلات غير المبررة مما سيؤدى حتما الى كثير من السلبيات فى المواسم اللاحقة لهذا الموسم، ففريق يتم اراحته وتدليله قبل مبارياته الأفريقية وفريق آخر لا يعامل تلك المعاملة ويتم ضغطه بالمباريات قبل منافساته الأفريقية حتى أننى أوجه أصابع الاتهام الى اتحاد كرة القدم المصرى بتسببه بخروج أعرق الفرق الكروية المصرية وهو الأهلى من البطولة الأفريقية الأولى فى افريقيا وهى دورى الأبطال بهزيمة قاسية لم يشهدها الأهلى طوال تاريخه نتيجة سوء ادارة اتحاد كرة القدم والمجاملات الفجة التى ينتهجها أعضاؤه فى ادارة كرة القدم المصرية، ومن المظاهر أيضا عدم انتظام المسابقات التى يشرف عليها ذلك الاتحاد حتى أنك ترى فرقا تلعب كل ثلاثة أيام مباراة وفرقا أخرى تستمر فى غياب عن المباريات لمدة شهر أو أكثر وهو أمر بالغ الضرر فنيا وبدنيا على اللاعبين فى كلتا الفئتين وكان ذلك واضحا وضوحا جليا فى المستوى الفنى والبدنى لمعظم اللاعبين المنضمين الى المنتخب فى منافسات البطولة الأفريقية التى انتهت منذ أيام قليلة وخرج منه المنتخب صفر اليدين. ربما تلك المظاهر التى أسردها تتعلق الى حد كبير بالفنيات والمسابقات ولكن الأهم والأخطر على الكرة المصرية هو أن ذلك الاتحاد المخلوع أدار أموره وأمور الكرة المصرية بنوع من اللا احترافية بل طغى على سلوكه وعلى قراراته المجاملات والمحاباة سواء لذوى النفوذ والسلطة والمال أو لذوى اللسان السليط الشتامين اللعانين مع عدم تفعيل دور لجان الاتحاد النوعية والمتخصصة مثل لجان الانضباط والاستئناف والقيم، ناهيك عما يحدث من مهازل فى لجنة التحكيم الرئيسية حتى أصبح الحكم المصرى سىء السلوك والسمعة وما أن يجد فريق مصرى نفسه فى مباراة حاسمة الا طلب الاستعانة بالتحكيم الأجنبى وليس أدل على ذلك من خروج المدير العام للاتحاد المصرى لكرة القدم فى احدى المداخلات التليفونية فى أحد البرامج الرياضية التليفزيونية ليعلن بفجر وسفور أن اتحاد كرة القدم رفض طلب أحد الأندية (المصرية) بالاستعانة بتحكيم أجنبى خلال نهائى احدى البطولات وأصر على تواجد تحكيم مصرى لأن رئيس الفريق الآخر يطمح الى الفوز بهذه البطولة. فهل رأيتم مساخر علنية أعظم وأكبر من ذلك !!!. كل هذه الأمور أدت الى عدم العدالة و عدم المساواة بين الأندية وعندما تختفى العدالة فاعلم أن الفشل آت لا ريب فيه، وها نحن ذا نعيش أزهى وأعظم عصور الفشل الكروى الذى جرنا اليه ذلك الاتحاد الفاشل الفاسد الذى طالته شتى تهم الفساد، ذلك الاتحاد الذى عندما أراد اختيار مدير اداري للمنتخب الوطنى خلال البطولة الأفريقية المقامة على أرض مصر والتى نجحت نجاحا تنظيميا مبهرا نتيجة قيام الدولة المصرية بمهام هذا التنظيم بعيدا عن هذا الاتحاد الذى أدمن الفشل، انتقى نفس المدير الفاشل الذى أشرف ببراعة على فشل المنتخب فى كأس العالم الماضى، وكأن نفس المعطيات والمدخلات يمكن أن تؤدى الى نتائج ومخرجات مختلفة. فهل هو الفساد أم الغباء أم الاثنين معا!!!.
ولكن ما هو الحل؟ .... الحل من وجهة نظرى هو ضمان استبعاد هذه الوجوه القبيحة الى الأبد ودون رجعة مع الاتيان بوجوه شابة شريفة جديدة تستطيع ادارة كرة القدم المصرية باحترافية وعدالة مع مواكبة أحدث ما وصل اليه العالم من تطور فى عالم كرة القدم، وهذا لن يتأتى الا بتنقيح القاعدة الكروية وهى الجمعية العمومية للاتحاد التى تدار اليوم بالرشاوى الانتخابية لانتخاب هذه الوجوه دائما وأبدا حيث احترفت لعبة الانتخابات دون احتراف ادارة كرة القدم، فلا يعقل على الاطلاق أن تضم الجمعية العمومية أكثر من مائتى عضو (نادى) أكثرهم من مراكز الشباب التى يأتى رئيسه للادلاء بصوته فى انتخابات الاتحاد لاختيار أسماء بعينها مقابل حفنة من الجنيهات لذلك المركز أو مقابل وجبة غداء من الكباب والكفتة، ثم يكون صوت مركز الشباب هذا مساو تماما فى القوة لبعض الأندية العريقة مثل الأهلى والزمالك. فهل يعقل أن تدار الكرة المصرية بهذا الأسلوب!!! أعلم أن هذا الأمر وهذا التغيير ليس بالأمر الهين حيث لا يمكن لأى جهة فى الدولة التدخل فى ادارة كرة القدم المصرية التى تعتبر مستقلة استقلالا كاملا عن الدولة وتتبع قراراتها الفيفا دون غيره، ولكن لا بد من وجود صيغة تفاهم نستطيع بها تغيير هذا النظام الكروى الفاسد الذى عشناه طويلا ولا زلنا نعيشه حتى نتقدم بمصر الى آفاق أرحب وأنجح فى مجال كرة القدم.