كيف ستلتهم أبل البنوك وتهيمن على التكنولوجيا المالية؟

  • بقلم  : اليساندرو هاتامي

    المحلل والباحث فى التكنولوجيا والإعلام

    ما رأيك لو كان حسابك البنكي الجديد جاهزا في هاتف أيفون ؟ يبدو أن ذلك ضمن خطط شركة التكنولوجيا الأمريكية.

    تلتهم أبل، كما هو حال باقي عمالقة التكنولوجيا الأمريكية، الشركات الناشئة عبر شرائها أو تطوير تكنولوجيا مماثلة تنافسها وتقصيها بسرعة، وها هو دخولها لحلول ما يعرف بـ “الشراء الآن والدفع لاحقا” خير مثال.

    لكن المسألة أكبر من ذلك بكثير فهناك احتمال شبه مؤكد وهو أن أبل التي أصبح لديها رخص لتقديم المال والإقراض في بعض الولايات الأمريكية، ستهيمن على قطاع السداد والدفع وعناصر أخرى في العمليات المصرفية التي تنافس بنوك التجزئة تحديدا بحسب عدة خبراء مثل المستثمر صاحب أحد أفضل البحوث عن مستقبل البنوك اليساندرو هاتامي.

    وفيما يلي نستكشف كيف تتشكل الصورة الكبيرة، ولكن قبل ذلك يكفي أن تسأل أي مستخدم لهاتف أيفون إن كان سيقبل جعل أبل بديلا عن البنك لديه، من شبه المؤكد بأنه سيرحب بذلك خاصة وأن الثقة هي أهم قيمة تتمتع بها البنوك، وبالطبع هناك لصاقة أو حتى عدة لصاقات لتفاحة أبل البيضاء قد تكون على سيارته أو أغراضه أوحقائبه فيما يشبه الولاء الدائم لتلك الشركة التي أصبحت قادرة على التحكم بحياة وسلوك ورغبات مليارات المستخدمين حول العالم!

    في فبراير الماضي اعلنت أبل عن تكنولوجيا تلغي جهاز الدفع وقدمت في سوق الولايات المتحدة تلك الأداة التي تحول هاتف أي فون لدى الشركات إلى مثابة جهاز دفع من خلال قبوله تسديد المبالغ من هاتف آي فون لدى الزبون أو بطاقة تعمل بدون لمس أو خيارات الدفع الأخرى بدون لمس وذلك بالتكامل مع تطبيقات الدفع (Point of Sale app) من شركات أخرى مثل سترايب وغيرها.

    وأعلنت أبل أنها ستطلق ميزة جديدة للشركات تتيح لهم قبول الدفع بهواتف آيفون لتسهيل قبول الشراء من خلال استخدام هواتف أيفون لدى الشركة بالضغط على هواتف المشترين (Tap to Pay) إلى جانب قبول الدفع من خلال بطاقات الائتمان اللاتلامسية.

     ويقتصر ذلك في الوقت الراهن على الشركات في الولايات المتحدة فيما لم يحدد بيان الشركة شمول الأسواق الأخرى لهذا النظام الذي يعتمد الدفع لاسلكيا بتقنية الاتصالات قريبة المدى NFC ويعمل مباشرة مع أجهزة أيفون ويسمح بمدفوعات “نظير إلى نظير” peer-to-peer payments. وسيصبح بإمكان الشركات قبول ميزة أبل باي وبطاقات الائتمان وبطاقات السحب debit وباقي المحافظ الرقمية باللمس على شاشة أي فون .

    لا تكشف أبل عن استراتيجيتها للتحول إلى ما يشبه بنك تجزئة بل تتكشف بعض ملامح هذه الاسترتيجية مثل الشراكات التي تعقدها مع البنك الاستثماري جولدمان ساكس وجرين دوت أكبر شركة بطاقات مسبقة الدفع وغيرها.

    وتنخرط أبل مثل أمازون وغوغل بخطط في المجال المالي والأعمال المصرفية، لكنها لن تنافس البنوك التقليدية مباشرة بل ستسحب البساط من تحتها بطرق غير مباشرة.

    وكان تقرير لبلومبرغ كشف أن أبل تقوم بصياغة إستراتيجية على مدى عدة سنوات لتطوير مجموعتها الخاصة من تقنيات عمليات الدفع، وأنها تبتكر تقنيات وحلول لتقديم الخدمات المرتبطة بالدفع بحيث تقلل من اعتمادها على مقدمي الخدمات الخارجيين. قد يبدو هذا وكأنه مجرد الدخول في مجال السداد والمدفوعات، لكن ما تعمل به الشركة أصبح يمتد ليشمل عناصر معالجة الدفع ، والتقييم الائتماني ومخاطر الإقراض ، وتحليل كشف الاحتيال ، وخدمة الاشتراك في أجهزة أبل، وميزة الشراء الآن ، والدفع لاحقًا، التي تنفد من محفظة أبل باي Apple Pay الخاصة بها.

    في يونيو 2022 ، تم إعلان أبل عن طرح خدمة Apple Pay Later ، كجزء من ترقية نظام التشغيل iOS 16، وتتكامل مع بطاقة أبل Apple Card بالتعاون مع بنك جولدمان ساكس وحصول أبل على رخص إقراض (Apple Financing LLC) أي أنك ستقترض من مال أبل وتسدده لها لاحقا وليس من بنك آخر.

    وبالفعل تتيح أبل إقراض بدون فائدة لشراء منتجاتها في دول عديدة مثل بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب تقديم حل للشراء الأن والدفع لاحقا، عبر دفعات لا تتكبد فائدة عليها لغاية 6 أسابيع.

    وحين يكون الحديث عن أبل فالامر يرتبط بشركة بقيمة سوقية تزيد عن 2.1 تريليون دولار ، أي أكبر من 96٪ من الناتج المحلي الإجمالي لـ 96 بالمئة من دول العالم، وهي قائمة تشمل إيطاليا والبرازيل وكندا وروسيا، ولا يوجد سوى سبع دول فقط في العالم تتمتع بناتج محلي أعلى من القيمة السوقية لشركة أبل، والتي توازي إحدى الدول السبع الكبار (الخارطة أدناه تعقد مقارنة بين قيمة الناتج المحلي للدول مقابل أبل- الدول الخاسرة في المقارنة هي باللون الأبيض).

    تتمتع أبل مزايا تفوق فريدة ويمكنها أن تجني أكبر الأرباح لأنها لا تزال أول من يهيمن على السوق، وستقضي أي منافسة سواء كان ذلك بفضل حجمها أو بفضل البيانات التي تملكها، وهي الأصول الأكثر أهمية في القرن الحادي والعشرين فى النهاية سنصاب بالذهول لو لم تصبح أبل بمثابة بنك قريبا.



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن