بقلم : فريد شوقى
مع تزايد تحول المستخدمين الى الهواتف المحمولة "الذكية " ، لنحو 3 مليار مستخدم حول العالم ، والتى اصبحت تنافس اجهزة الكمبيوتر المحمول فى وظائفها من البقاء على اتصال دائم بالانترنت والقدرة على تخزين المعلومات ناهيك عن الخدمات الصوتيه بدأت الكثير من اجهزة المخابرات التابعة للدول الاجنبية فرض سطوتها الرقابية على هذا الكنز اللانهائى من المعلومات والذى يد منجما لا ينضب من المعلومات .
وفى الحقيقة نحن هنا لسنا فى معرض تقيم ايجابيات او سلبيات التليفون المحمول ولكن سنحاول التركيز على كيفية حماية خصوصية الهاتف المحمول باعتباره جهاز خاص لا يحق لاحد اختراقه او التجسس عليه الا وفقا للقوانيين المنظمة .
ووفقا لتقارير صحفى صدرت مؤخرًا إتضح أن بعض موظفي تطبيق " Snapchat " ، والذى يستخدمه مئات الملايين حول العالم، و أساءوا إستخدام مناصبهم للتجسس على المستخدمين وأوصح التقرير ،الذي يستشهد بالموظفين السابقين كمصدر له، أن العديد من موظفي "سناب شات" أساءوا إستخدام صلاحياتهم قبل بضع سنوات اذ لدى" التطبيق " بعض الأدوات الداخلية التي تسمح للموظفين بالوصول إلى معلومات المستخدم، مثل موقعه، والمشاركات المحفوظة، وغيرها من المعلومات الشخصية الأخرى موضحا ان واحدة من الأدوات التي تم تطويرها تدعى SnapLion، وهي أداة تتيح لشركة" Snap Inc " الوصول إلى معلومات المستخدمين في حالة تلقيها طلب من إحدى المحاكم والمؤسسات القانونية الأخرى. هذا أمر منطقي لأننا على يقين من أن الكثير من الشركات الأخرى لديها طرقها الخاصة للوصول إلى معلومات المستخدمين في مثل هذه الحالات، ولكن في هذه الحالة، يدعي التقرير أن بعض الموظفين أساءوا إستخدام هذه الأداة.
ولعل هذا ما يذكرنا بما حدث فى مطلع العام الماضى عندما تم اكتشاف اختراق بيانات نحو 87 مليون مستخدم لتطبيق الفيسبوك وهو ما دعى مارك زوكربيرج والرئيس التنفيذى لشبكة الفيسبوك، لتقديم اعتذار وتعهده بمواصلة التحقيق فى تطبيقات الطرف الثالث التى يحتمل أن تنتهك خصوصية المستخدمين، حيث يعتقد أن الشركة ستعثر على المزيد من التطبيقات والتى ستقوم بحظرها فى النهاية مؤكدا ان هناك تطبيقات أخرى نريد إزالتها وأن "الفيسبوك" يحقق بالفعل فى آلاف التطبيقات، وقام بالفعل بإزالة أكثر من 200 تطبيق، حيث تأتى هذه الخطوة كجزء من قرارنا لاتخاذ نهج أكثر استباقية فى تنظيم التطبيقات التى تعمل على منصتها.
وفى نفس الاطار كان موقع " Wikileaks" كشف عن وثائق سرية تشير بعضها إلى أن لدى وكالة الإستخبارات المركزية الامريكية قائمة تدعى"Vault 7 " تضم مجموعة من الثغرات الأمنية التي تستخدمها الوكالة الأمريكية لإختراق أجهزة " iOS" ، بما في ذلك هواتف iPhone، وكذلك التجسس على هواتف أندرويد فضلاً عن أجهزة التلفزيون الذكية التابعة لشركة"سامسونج" ورغم مسارعة شركات التكنولوجيا والتاكيد انها قامت بسد غالبية هذه الثغرات فى اجهزتها من خل الاصدرات الجديدة من برامجها الا ان هذا لا ينفى انه تم اختراق خصوصة الكثير من مستخدمى اجهزة الهواتف المحمول فى الفترة من 2013 – 2016 .
وبغض النظر ،عن رود شركات التكنولوجيا ، فقد كشفت تلك الوثائق المسربة أيضا بأنه بمقدور وكالة الإستخبارات المركزية تجاوز تشفير العديد من خدمات الدردشة بما في ذلك WhatsApp و Telegram و Signal، وذلك من خلال إقتحام هواتف الأندرويد لسحب الملفات الصوتية والرسائل الإلكترونية قبل أن يتم تشفيرها. وهذا يعني ببساطة أنه قبل أن تقوم التطبيقات مثل WhatsApp و Signal و Telegram بعمل تشفير للبيانات والرسائل، يتم سحب البيانات من الجهاز نفسه، وهذا ما يعني بأن المشكلة لا تكمن في تطبيقات الدردشة ، المذكورة سابقا ، وإنما تكمن في نظام الأندرويد نفسه.
وفى البداية يجب ان نؤكد انه منذ احداث سبتمبر 2001 ، وتدمير برجى التجارة العالمية فى الولايات المتحدة الامريكية ، فان كافة الدول أصبحت تفرض نوع من الرقابة ، بدرجات مختلفة ، على كافة وسائل الاتصالات والانترنت بداية من الهاتف الشخصى مرورا بالانترنت والبريد الالكترونى ومن ثمة فان التجسس الالكترونى للدولة لم يعد ظاهرة جديدة ولكن الاخطر انها اصبحت لا تقتصر على الارهابيين او اللصوص وتجار المخدرات او حتى المعارضيين السياسيين وانما اصبحت ترصد وتتصنت على المكالمات الهاتفيه للعشرات الملايين من المواطن العادى .
ويؤكد خبراء امن المعلومات والمتخصصين في قضايا التسلل والأمن والخصوصية ، إن شركات خدمة الهاتف المحمول بانحاء العالم تقاعست عن اتباع حلول تكنولوجية متاحة منذ 2008 كان من شأنها ان تجهض قدرة وكالة الأمن القومي الامريكية على التجسس على الكثير من مكالمات الهواتف المحمولة وانه تم اكتشاف الأمر اثناء مراجعة الاجراءات الأمنية التي تتبعها شركات خدمة الهاتف المحمول بانحاء العالم حيث فشلت شركات خدمة الهاتف المحمول في معالجة بعض الثغرات بشكل تام مما اتاح للمتسللين استنساخ بعض شرائح الاتصال بشكل خاص والتحكم فيها عن بعد.
ورغم الانتقادات الموجه لمشغلى شبكات خدمة الهاتف المحمول لفشلها في اتباع تكنولوجيا تحمي المستخدمين من المراقبة وكذلك الاحتيال ، الذى قامت به وكالة الأمن القومي الأمريكية ، الا اننى لا أعتقد ان هذه الشركات فعلت ذلك تحت ضغط من اجهزة المخابرات ولا يمكت ان اتخيل ان هناك تواطؤ وانما يمكن ان يدخل فى دائرة الاهمال. لا اريد ان اصدق بوجود مؤامرة عالمية بين جميع شركات خدمة الهاتف المحمول بانحاء العالم وانما هناك تكاسل فردي واعطاء اولوية لسرعة الشبكة وتغطيتها على حساب الأمن.
ونحن بدورنا نتوجه بالتساؤل الى رابطة النظام الموحد للاتصالات المحمولة "جي اس ام" ، والتي تمثل نحو 800 شركة لخدمات الهاتف المحمول بانحاء العالم ، حول ما هو دورها فى الزاما مشغلى شبكات الاتصالات بتطبيق المعايير والقواعد اللازمة لحماية خصوصية المستخدمين والحد من عمليات الاختراق الالكترونى لشبكات المحمول كما نامل على المستوى المحلى ان يكون للجهاز القومى للاتصالات دورا فى حماية خصوصية المستخدمين ونتطلع ان يشهد النصف الثانى من عام 2109 نوع من التنسيق بين هيئات تنظيم الاتصالات على مستوى دول العالم للحيلولة دون تفاقم ظاهرة التجسس الالكترونى على اجهزة الهواتف الذكية بما لا يؤثر سلبيا على معدلات نمو سوق خدمات الهواتف الذكية خاصة عندما يشعر المستخدمين بأنهم خصوصيتهم محل شك وليس فى مأمن كما كنا نعتقد جميعا .