تعويض المصريين ..وكوارث القطارات

  •      بقلم فريد شوقى

     

    فى فصل جديد من مسلسل حوادث القطارات الملخط باهدار دماء المصريين على قضبان ومزلقانات السكة الحديد نتيجة تجاهل التطورات التكنولوجية فى ادارة خطوط السكة الحديد والإهمال المتعاقب والطرق التقليدية في التعامل مع الحوادث، وكان آخرها مصرع 22 شخص واصابة نحو 41 أخرين فى حادث تصادم جرار وردية ، بدون سائق ، بالمصدادات الخرسانية بنهاية الرصيف رقم 6 بمحطة مصر ، حيث إن الوفيات نتجت عن احتراق المواطنيين بعد انفجار خزان الوقود الموجود بالجرار بسبب قوة التصادم .

     

    ورغم التعامل السريع من جانب كافة اجهزة الدولة مع الكارثة لانقاذ اكبر عدد من المصابيين الا ان هذا لا يمنع من حدوث تقصير كبير ادى الى تكرار مثل هذه الحوادث المحزنة والتى لم تعد مقبولة على كافة الاصعدة خاصة بعد تعديل هيكل اسعار خطوط السكة الحديد ،و رفع اسعار تذاكر القطارات، بجانب اعلان وزارة النقل عن خطتها الاستراتيجية لعملية تطوير شاملة للسكة الحديد باستثمارات تتجاوز 55 مليار جنيه لشراء نحو 100 جرار بجانب اصلاح وصيانة 80 جرار أخرى بالاضافة الى 1300 عربة ناهيك عن تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص فى عملية التحديث وهنا نتساءل عن مصير خطة التطوير للموراد البشرية الموجودة فى الهيئة ،والتى لديها معهد الاعداد التابع للسكة الحديد ،  وتدريب عامل التحويلة واستبدال التحويلات اليدوية بالالكترونية ، والتى تم تخصيص 15 مليار جنيه لمراجعة خطوط السكك الحديدية ، بجانب رفع كفاءة عمال الصيانة والتشغيل لتقليل نسبة الاخطاء البشرية وكذلك ماذا عن منظومة غرفة المراقبة الالكترونية " RTS"  لكافة خطوط السكة الحديد والمتابعبة اللاحظية للقطارات الموجودة على الخطوط وعمل سيطرة حقيقة للقطارات .

     

    مع خالص تعازينا القلبية لأسر شهداء حادث تصادم القطار وتمنياتنا بتمام الشفاء للمصابيين نود أن نتساءل كيف سنخفف من آلم هذه الأسر التى فقدت أعز ما لديها ، سواء الأب أو الأم أو الابن أو الأخت ، ؟ كذلك كيف سنتعامل مع المصابين خاصة من أصيب بإعاقة مستديمة ؟

    نعلم أن التعويض المالى يمكن أن يكون أحد العناصر الهامة فى تخيف مثل هذه المصائب وأن الجهات الحكومية قررت صرف بعض التعويضات المالية للمتوفيين، حيث تقرر صرف 80 ألف جنيه لأسرة كل متوفى ودراسة تعويض المصابين حسب درجة الإصابة،إلا أن تواضع هذه التعويضات تدفعنا للدهشة إذ لماذا يحق لشهيد الطائرة أو العبارة الحصول على تعويضات تقدر بمئات الآلاف من الجنيهات على حين أن شهيد القطار لا يتجاوز التعويض المالى عن الآلاف محددة !

    أليست هذه أرواح بشرية وتلك أرواح بشرية أم أن التفرقة ستمتد أيضا بعد الموت لتعتمد فقط على مدى غناء أو فقر الشهداء باعتبار أن من تكلفة ركوب القطار أقل من الطائرة والعبارة  !

    فى الحقيقية يبدوا لى الأمر مستفزا إذ مع تكرار كوارث القطارات كان من الضرورى ان تقوم وزارة النقل بإجراء تامين شامل على حياة ركاب جميع القطارات التى تديرها وان يكون التامين بقيمة تعادل أو حتى تقترب من نفس قيمة التأمين على ركاب الطائرات والسفن ، خاصة إذا ما أخذنا فى الاعتبار العدد الكبير والمتزايد من مستخدمى القطارات  ومن ثمة فان الكم الكبير سيعوض التكلفة المنخفضة للتذكرة ، كذلك ماذا عن المصابين بحالة إعاقة دائمة ماذا تفعل 10 الاف جنيه ليستطيع استكمال حياته بصورة طبيعية .

    كذلك من المهم التنويه الى المبادرة لايجابية التى أطلقها مجلس الأمناء المصري للقضاء على حوادث القطارات وإيقاف نزيف الدم عن طريق وضع خطة لتطوير السكة الحديد وربطها بالأقمار الصناعية من خلال تشكيل لجنة من المهندسين المصريين من كليات الهندسة بالجامعات المصرية والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري وعدد من خبراء النقل، وتواصل شباب المجلس بالخارج مع العقول المصرية المهاجرة في العديد من دول العالم على أن تكون مهمة هذه اللجنة وضع تصور لمنظومة السكك الحديدية على مستوى الجمهورية عن طريق تكنولوجيا الأقمارالصناعية وتكنولوجيا ال GPS والتي يمكن عن طريقها معرفة سرعة كل قطار والتحكم به وإيقافه في حال الخطر وتحديد المسافات البينية بين القطارات وبعضها والتحكم في فتح وغلق المزلقانات بشكل أوتوماتيكي والتأكد من صلاحية وسلامة القضبان وعدم وجود قطع أو تلف بها كما يتم ربط كابينات القيادة بالجرارات بنظام كاميرات على مدار الساعة لمراقبة السائقين ومنظومة الحركة.

     

    نطالب بضرورة قيام هيئة السكك الحديدية بإنشاء صندوق قومى لمساعدة منكوبى وضحايا كوارث تصادم القطارات ، بالتعاون مع شركات التأمين وتحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعى ، ويتم تمويله بصورة أساسية من خلال فرض رسوم قدرها جنيه على كل تذكرة قطار بجانب الموافقة على تنظيمه لحملات للتبرعات من الجهات والمؤسسات الخاصة والحكومية والدولية على أن يكون الدور الأساسى لهذا الصندوق هو إعادة استثماره موارده المالية مرة أخرى فى تقديم التعويض المادى وخدمات المعالجة الجسمانية والنفسية لضحايا مثل هذه الكوارث وبحث مساعدة الأسرة التى فقدت عائلها سواء من خلال الالتزام بمصاريف المدارس والعلاج للأبناء أو توفير عمل مناسب لأحد الأبناء لتحمل مسؤولية الأسرة إذ أحيانا تكون مصائب وخسائر المصابين الناجين من هذه الحوادث أكبر بكثير من مصائب الذين اشتهدوا فيها . 



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن