بقلم د/ غادة عامر
في الوقت الذي تعاني فيه كل الاقتصاديات والصناعات في كل دول العالم من الأزمة المالية، يكافح رجال الاعمال لتحقيق التوازن بين الاحتياجات على المدى القريب و بين البقاء على شركاتهم و منتجاتهمعلي قيد الحياة لمدة طويلة، و ذلك عن طريقالعثور على مصادر جديدة عن طريق الابتكار ليس للنمو فقط و انما للبقاء في السوق، لذلك فان الحاجة للابتكار و الريادة اصبحت شيئ اساسي و حتمي لبقاء اي عمل اقتصادي ناجح.
لقد أكد الكثير من قادة الشركات العالمية الناجحة ان الابتكار و ريادة الاعمال يسيران جنبا الي جنب، لذلك خرجت بحوث من جهات أكاديمية بالتعاون مع جهات تجارية لتشرح العلاقة بين ريادة الاعمال و الابتكار و النمو الاقتصادي السريع . و ذلك من خلال تطوير منتجات وخدمات جديدة، وتجديد العمليات التنظيميةأو اعتماد نهج جديدة للشراكات، و أكدت هذة البحوث علي انه يمكن للشركاتالاستفادة منوالانكماش الاقتصادي لتحويل أعمالهم الي أعمال جديدة و غير تقليدية. يقول معظم اصحاب الاموال و الشركات العملاقة أنه ليس هناك وقت أفضل من وقت الانكماش الاقتصادي للاستفادة عن طريقالتفكير الريادي!
أن هناكدراسة حديثة أجرتها مؤسسة إرنست أند يونغ، قالفيها غالبية أصحاب المشاريع الناجحة أنهم يرون أن الانكماش الاقتصادي هو الوقت المثالي لاعطائهم فرصة لفتح سوق جديدة. كما أكد العديد من الاقتصاديين والأكاديميين وقادة الصناعة، على أن في حالات الركود الاقتصادي , يميل السوق و المستهلك الي تفضيل روح الابتكار في المنتاجات الريادية. لذلك ولدت بعض من أكبر الشركات في العالم خلالفترات الركود الاقتصاديمثل جينيرال اليكتريك عام 1890، و اي بي ام 1896، جينيرال موترورز 1908 ، سي أن أن 1980 و غيرهم من الشركات التي تبنت الفكر الابتكاري و الريادة في الاعمال في أثناء الظروف الاقتصادية السيئة و استغلوا الوضع السيئ للبعض ليكون فرصة لنجاحهم و لدخولهم مزاج المستهلك.
هناك مقوله مشهورة بين رجال الاعمال تقول "أن قادة السوق اليوم ليست بالضرورة أن يكونوا قادة السوق غدا"، و هذة حقيقية لان ما يحدث دائما هو ان الشركات ذات الهيمنة يتم استبدالها بشكل دائم بشركات تكون لها قيادات بعقليات رواد الاعمال، هذا الاحلال -هذة الايام بسبب التكنولوجيا الحديثة -اصبح سريع بصورة لا يصدقها عقل، و اصبحت الشركات ذات العقلية الريادية تكسب كل يوم اسهم جيدة في السوق. أن الابتكار عادة – و لابد ان يكون كذلك- ما يكون غير متوقع او غير محكوم (disruptive Innovation) ، لذلك تعاني كل القطاعات التي تتعامل مع الابتكار في البداية،لان الابتكار عادة ما يكون فيه كثير من التحديات للوضع الراهن في أي جهة، لكن المنظمات و الجهات القوية التي لها رؤية تستطيع احتضان الابتكار و اخماد عواصف محاربتة حتي ينمو الابتكار و يزدهر.
أن مقوله اننا منظمة كبير او اننا منظمة قديمة في قواعدها و قوانينها لذلك لا يمكن ان نتحول الي منظمة تتبني الابتكار و ريادة الاعمال لهو تفكير خاطئ و عقيم. أن كثير من المنظمات و الشركات الكبيرة يعوقها الهياكل المؤسسية و العقول المتحجرة التي قد ترى اي أفكارا أو استراتيجيات غير تقليدية، عليانه مجهود غير قابل للتطبيق وغير حكيمة بل و للاسف ممكن ان يتعاملوا معه علي انه تهديد. ولكن هذة المنظمات ممكن ان تبتكر منتجات و اساليب جديدة بنجاح لو اعتمدوا الثقافات الموجهة نحو الابتكارمع عمل تغير طفيف (لن أقول جذري ) في القيادات داخل تلك المنظمات.
ان دور الحكومات الذي يشجع الشركات و الهيئات الحكومية و الخاصة علي الابتكار و علي دعم ريادة الاعمال اساسي و مهم جدا لكي ينتج ابتكار و منتج وطني، أن الحكومات التي غالبا ما ينظر إليها على أنها أكثر فاعلية من غيرها (التي تبقى بعيدا عن قطاع الأعمال بحجة ان القطاع العام لا يجوز ان يكون قطاع ربحي ) تلعب في الواقعدورا هاما في رعاية وحماية واحدة من أهم المحركات القوية للنمو الاقتصادي: ريادة الأعمال. كما أنه قد حان الوقت لصانعي السياسات ورجال الأعمال للتركيز على المدى الطويل،من خلال تحديد ودعم و إلهام أصحاب المشاريع والمبتكرين على جميع مستويات الاقتصاد.
ان جميع البحوث والخبرات تؤكد أن الابتكار يوفر خطا أساسيا كبير الفائدة من الناحية الاقتصادية ، و ان العملية الابداعية التي تقوم علي الابتكار تضمحل و قد تختفي الي الابد عندما تقيد او لايكون هناك حرية حقيقية للفكرة او المواهب، كذلك بدون التمويل والدعم من القطاع العام أو الخاص، حتى أفضل و اقوي الأفكار يمكن أن تفشل، لذلك يجب علي الجميع الحكومه و الافراد أن يفعلوا كل ما في وسعهم لرعاية وتحفيز التفكير الإبتكاري وريادة الاعمال عبر جميع قطاعات الدولة لانه بحسب كل البحوث و المؤشرات،مفاتيح الاصلاح الاقتصادي هما الابتكار و ريادة الاعمال.
.