بقلم : د / غادة عامر
لقد لعبت الابتكارات المجتمعية دورا فعالا في خدمة و نهضةالامم، لان المجتمع لديه الحافز و الحاجة ليبدع و ليبتكر،في العصر الماضي كان أمام الابتكارات المجتمعية طريقين لا ثالث لهما، أما أن تأخذ وقت كبير لتشتهر او ان تندثر و لا يسمع عنها الا من حول المبتكر. أما الان لعبة الشبكة العنكبوتية دورا فعالا لتري كثير من الابتكارات المجتمعية النور ، اي أصبحت فرصة المبتكرين كبيره لاختبار ابتكاراتهم و التأكد منها و تسويقها. لذلك سؤالي هل المبتكرين في حاجة لمؤسسات داعمة و مستثمرين بشكل أساسي لكي تري ابتكاراتهم النور؟و لكي نفعل الابتكار الوطني ؟
الطبيعي ان تكون الاجابة نعم ، لان الكل سوف يقول (و انا كنت اقول هذا سابقا) نريد ان نجد جهة تدعمنا و تأخذ افكارنا للنور، نريد تمويل و نريد من يجرب افكارنا و يطبقها، و أنا من وجهة نظري الان و في ظل الثوره التكنولوجية التي نعيشها، نحن لا نحتاج لاي جهة أو هيئة لننظم افكارنا او لننجز مهام كبيره و معقده مثل ابتكار أنظمة و برمجيات جديدة.
للاسف اننا جميعنا أفرادا و حكومات مازلنا محتفظين بالنظرة التقليدية للمبتكر و للابتكار، فمازال البعض يعتقد ان الابتكار و الابداع حكر علي أناس معينين، أناس باوصاف معينه و في ظروف خاصة جدا، مثلا يتخيل البعض ان المبتكرين يلبسون بالطو ابيضو شعرهم طويل و غير مهذب، لا يتكلمون الا الكلام العلمي فقط، أو انهم نخبة من اساتذة الجامعات او انهم اشخاص يقضون يومهم في المختبرات او اشخاص يعملون في شركات دولية و يجلسون في غرفة فيها كل انواع التكنولوجية الحديثة و لها نوعية تأثيث و ألوان مختلفه، و أحيانا كثير يأخذنا خيالنا لان نتخيل ان المبتكرين هم اشخاص محظوظين و لهم طرقهم الخاصة، و قنواتهم التي يستطيعون عن طريقها اختراق الاسواق بابتكاراتهم، بل وان المجتمع سلبي و يقبل كل ما يبتكره هذا الصنف من البشر بشكل مباشر!
و بسبب هذا الاعتقاد الخاطئ بين أفراد المجتمع، و بسبب النظرة التقليدية لبعض الحكومات العربية و استمرارها في تطبيق الاسلوب القديم، مثل دعم من لهم هذة الصفات اواصحاب الوظائف الاكاديمية فقط - مع أن المجتمع مليئ بالمبتكرين – لم يخرج ابتكار عربي قوي الي الان، لذلك ان الاوان لكل مبتكر و لكل أفراد المجتمع ان يغيروا نظرتهم للمبتكر و للابتكار العربي حتي تتغير نظرة حكوماتهم لهم (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)
أن فرصة كل فرد يريد ان يكون مبدع و مبتكر كبيره جدا في هذا العصر– عصر التكنولوجيا و الفضاء المفتوح- ، اذا هو اولا امن بنفسه و بفكرته، و ركز علي توجيه افكاره لحل مشاكل المجتمع او خدمته حتي يضمن السوق، و بعدها ينطلق عبر العالم الافتراضي يتعلم و يطور منتجة و يجربه عن طريق كل الوسائل المتاحة عبر الانترنت،لابد ان تعي اننا اصبحنا في عصر التجارة و السوق الالكتروني. و هناك أمثله كثيره لابتكارات لم يكن اصحابها يعلمون تحديدا كيف سوف تستخدم بالشكل الاقتصادي الفعال ، مثال ذلك ، عندما ابتكرت شركات المحمول الرسائل النصية عملتها كتطويربسيط في عمل التلفون المحمول ، لكن مجموعه شباب هم من عملوا علي ابتكار استخدمها بشكل اقتصادي فعال،ومثل ويكيبيديا تطورت خلال وقت كبير عن طريق المستخدمين. الان ممكن ان تبتكرفي اي مجال تريده، بغض النظر عن المستوى التعليمي الذي حصلت عليه، يمكنك ان تجرب في كل المجالات الي ان تجد موهبتك الحقيقية، فعلي سبيل المثال علم الفلك كان قبل 30 عاما كان حكرا علي علماء الفلك المحترفون، وكانوا يقومون ببحوثهم باستخدام التلسكوبات الكبيره مثل تلسكوب جودرن بانك الموجود في شمال انجلترا، الان و مع الثورة التكنولوجية يمكن لاناس عاديين ان يستخدمواالتلسكوبات الرقمية (و هي مصادر مفتوحه) مع بعض المجسات الخفيفة ليقوموا بما كان يفعله التلسكوب العملاق جوردن بانك و علماء الفلك في الماضي!
لذلك ان كان عندك فكره مبتكرة و اردت ان تجد لها داعم او راعي ،اقنع نفسك اولا ان تكون راعي، اقنع نفسك ان تستثمر مالك و جهدك و الاهم و وقت فراغك في التعلم و في البحث عن التقنيات الحديثة لتجد الادوات الارخص و الافضل لتكون داعمة لابتكارك، استثمر في نفسك و في فكرتك حتي يستثمر فيها غيرك.