بقلم : د/ محمد عدلى
ويمكن تسميتها كذلك بالحواسب الخارقة وهو اتجاه تكنولوجى تسعى إليه العديد من الشركات العملاقة العاملة فى مجال الحوسبة، وتهدف من خلاله إلى إنتاج نوع جديد من أجهزة الحاسب التى تتوفر لديها أمكانات ألف أو أكثر من أجهزة الحاسب العادية التى نعرفها، نعم لم يعد ذلك مستحيلاً مع التقدم المهول الذى حدث فى تقنيات صناعة الحواسب بالإضافة إلى علم الذكاء الاصطناعى الذى يمكن تلك الأجهزة من التعلم واكتساب الخبرات بحيث تكون نتائج حساباته للعمليات الحسابية والمنطقية أصح وأدق مع تكرار تعرضه لما يشابهها من عمليات على المدى الزمنى الطويل، وذلك هو ما يماثل إلى حد كبير ما يقوم به العقل البشرى من نفسه عند اكتساب المهارات والخبرات.
ولنأخذ مثالا كعادتنا فى هذا الباب لتقريب الفكرة من الأذهان ولنتصور جهازا واحدا للحاسب مكون من ألف من المعاجات الدقيقة وله سعة تخزينية تعادل هى الأخرى ألف من تلك التى تتوافر لأجهزة الحاسب العادية التى نتعامل معها فى المنزل أو فى مقار العمل، إنه وبحق الحاسب بألف حاسب والذى سنقوم بتوصيله كذلك بالإنترنت من خلال سعة اتصال ضخمة تسمح له بإجراء عمليات البحث على تلك الشبكة لكل ما يعرض له من كلمات مفتاحية فى أى مجال من مجالات الحياة، ودعونى هنا أشير إلى أنى أتحدث عن حاسب موجود بالفعل فأنا هنا لا أفترض أو أتخيل، ولقد تم تخصيص هذا الحاسب من قبل الشركة المالكة له لتقديم الاستشارة الطبية للأطباء والمتعلقة بتشخيص الأمراض بناءً على شكاوى المريض وما يقوم بسرده من أعراض يعانى منها، فالطبيب هنا يقوم بإدخال تلك الأعراض إلى الحاسب الذى يقوم بدوره وخلال زمن قياسى لا يتعدى الثوانى بمراجعة آلاف المراجع الطبية المتاحة على الإنترنت والمختصة بالأعراض المذكورة وبناءً عليها يقوم بتشخيص حالة المريض وتقديم هذا التشخيص للطبيب المعالج وليس للمريض نفسه، وللطبيب الحق فى قبول هذا التشخيص أو مراجعته بخبرته البشرية بالطبع.
الأهم من ذلك أن هذا الحاسب العملاق يمكن لمن يعمل معه من الأطباء أن يغذوه بملاحظاتهم على نتائجه من خلال ما يرونه من صحتها أو عدمه وهو ما يتيح لهذا الحاسب أن يتعلم، نعم يتعلم، ويتطور بحيث تكون نتائج التشخيص الخاصة به أصح وأدق فيما بعد كما ذكرنا، ويمكننا بمرور الوقت أن نجد ذلك الحاسب يقدم تشخيصه الذى وصل إلى نسبة عالية من الدقة بعد فترة من التعلم إلى المريض مباشرة دون واسطة الطبيب المعالج، نعم يمكننا فى المستقبل القريب إذا ما شعرنا ببعض الأعراض المرضية أن نتصل بالإنترنت من خلال الحاسب الشخصى أو الهاتف المحمول لنقوم بإدخال ما نشعر به من أعراض وذلك ليقوم واحد من تلك الأجهزة العملاقة بعملية التشخيص لما بنا من مرض، ولن يكون صعباً وقتها أن يتم وصف الدواء لحالتنا المرضية من قبل ذلك الحاسب العملاق وذلك بالاستعانة بنفس طريقة التعلم سابقة الشرح والتى يمكن أن تجعله يصف الدواء الصحيح للعديد من الحالات المرضية
يبدو الأمر غريباً الآن وربما مضحكا أو مرعباً أعرف ذلك ولكن تكنولوجيات تصنيع الحاسبات إلى جانب علم الذكاء الاصطناعى الذى يتطور بسرعة مذهلة هو الاخر كلاهما يساهم إلى حد كبير فى تقريب هذا اليوم الذى نتحدث عنه والذى سيقوم فيه الحاسب العملاق بدور الطبيب من على شبكة الإنترنت.