باحثة مصرية في مجال الذكاء الاصطناعي العاطفي تعمل على أنسنة التفاعل مع الآلات

  • طورت العالمة المصرية رنا القليوبي تقنية الذكاء الاصطناعي العاطفي إيموشن إيه آي (Emotion AI)، أثناء عملها في إحدى المشاريع البحثية في معهد ماساتشوستس للتقنية، في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي تقنية تحلل المشاعر والانفعالات الإنسانية بناءً على تعابير الوجه، ثم حولتها من مجرد مشروع بحثي إلى شركة أفيكتيفا المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي العاطفي وتعلم الآلة.

    تسعى القليوبي إلى إضافة الذكاء الاصطناعي العاطفي إلى جميع التقنيات والأجهزة التي نستخدمها في حياتنا اليومية، لجعلها قادرة على قراءة انفعالات البشر وردود أفعالهم والتفاعل معها.

    تخيل أن تخبرك ساعتك يومًا بحالتك المزاجية، أو تشعر سيارتك بتعبك وتنبهك إن كنت مشتت الانتباه أو غفوت أثناء القيادة، أو ربما تغلق ثلاجتك بابها تلقائيًا إن فتحتها وأنت متوتر لتمنعك من أكل طعام لا تحتاج إليه. وتخيل أن تشعر التطبيقات التعليمية بملل المتلقي فتُسرِع من وتيرتها، لكنها تُبطئ إن شعرت أن استيعابه انخفض، كما يفعل المدرس مع تلاميذه. وهذا غيض من فيض من التطبيقات الممكنة للتعرف على تعابير الوجه وإيماءاته.

    وقالت القليوبي التي تشغل منصب المدير التنفيذي والمؤسس المشارك في شركة أفيكتيفا العالمية «إن ردود الأفعال التي تظهر على وجوهنا من أقوى الوسائل التي نستخدمها، للتعبير عن حالاتنا النفسية والعاطفية كالفرح والحزن والإثارة والشغف والدهشة، فنحو 10% فقط من تفاعلنا مع بعضنا يعتمد على اختيارنا الفعلي للكلمات، أما النسبة المتبقية (90%) فيعبر عنها من خلال تعابير الوجه وإيماءاته ونغمة الصوت. وفي علم المشاعر يُرمَز لكل حركة من عضلات الوجه برقم لتَمييزها، وتوجد 45 حركة للتعبير عن مئات المشاعر، فمثلًا حركة رسم الابتسامة رقمها 12، وحركة تقطيب الحاجبين للإشارة إلى مشاعر سلبية قوية منحت الرقم 4، وهكذا، وكان يصعب تعليم الحاسوب قراءة كل هذه المشاعر، نظرًا لأن حركات الوجه تحدث في لمحة عين وأحيانًا يُجمَع بينهما بطرق مختلفة، فلو نظرنا للابتسامة الحقيقية والابتسامة الصفراء، سنجد أنهما يتشاركان الجزء السفلي من الوجه، لكن شتان بينهما.»

    لذا قادت المبتكرة فريقها في معهد ماساتشوستس للتقنية وصممت خوارزميات معينة، وأضافت إليها ملايين الوجوه وهي تعبر عن مشاعر مختلفة، إذ استعانت بأناس من مختلف الأعمار والأعراق والأجناس، وباستخدام عملية معقدة تبحث الخوارزميات عن الخطوط والأخاديد الموجودة بين التعابير المختلفة، ثم تتوصل الخوارزميات في النهاية إلى مزايا مشتركة بين التعبير الواحد.

    ويعني هذا أن الخوارزميات ستفرق بين الابتسامة العادية والابتسامة الصفراء وستتعرف على الوجه الحزين والسعيد والغاضب وفقًا للصفات المشتركة لكل منهما.

    حللت المبتكرة وفريقها نحو 9 مليون وجه حول العالم لأشخاص وافقوا على مشاركة بياناتهم، وجمعوا أكثر من 12 مليار نقطة بيانات عاطفية حتى العام 2017، ليحصلوا بذلك على أكبر قاعدة بيانات عاطفية في العالم.

    حصل الفريق على معلومات كثيرة من قاعدة البيانات العاطفية المجمعة: أولًا الجنس؛ وُجِد أن النساء أكثر تعبيرًا عن مشاعرهن من الرجال، ثانيًا الجانب الثقافي؛ كشفت التقنية أن نساء الولايات المتحدة الأمريكية يعبرن عن مشاعرهن أكثر من الرجال بنسبة تبلغ نحو 40%، في حين لا توجد أي فروق في التعبير عن المشاعر بين رجال ونساء المملكة المتحدة، وتوجد فروق طفيفة بين الرجال والنساء في فرنسا.

    وبالاعتماد على العمر كمقياس وُجِد أن الأشخاص الأكبر سنًا في عمر الخمسين مثلًا أكثر تعبيرًا عن مشاعرهم من الشباب بنحو 25%، والنساء في سن العشرين يبتسمن أكثر من الرجال، وأظهرت التقنية أن الأشخاص يعبرون عن مشاعرهم في كل وقت؛ وهم جالسون بمفردهم أمام أجهزتهم الإلكترونية، وهم يكتبون الرسائل، وهم يتسوقون.... إلخ

    أدخلت القليوبي تقنية إيموشن إيه آي في العديد من التطبيقات التي تعزز قدرات التقنيات وتمكنها من قراءة المشاعر. فمثلًا استخدمتها في تطوير نظارات لضعاف البصر لتساعدهم على قراءة تعابير الوجوه، بالإضافة إلى استخدامها مع مرضى التوحد لمساعدتهم في تأويل مشاعر الآخرين، الأمر الذي يعانون منه كثيرًا.

    وقالت القليوبي خلال الاحتفال بمئوية الجامعة الأمريكية في القاهرة «إن ذهب شخص مصاب بمرض نفسي إلى طبيبه، فإن المعالج سيلقي عليه عدة أسئلة وستكون الإجابات على مقياس معين من واحد إلى عشرة، مثل: كم تشعر بالألم؟ ما نسبة شعورك بالاكتئاب؟ وكم رغبتك في الانتحار؟ كلها أشياء مجردة لا يمكن قياسها عمليًا كضغط الدم أو درجة الحرارة، لذا أشعر بالحماسة والشغف الشديد تجاه ما سيقدمه الذكاء الاصطناعي العاطفي في مجال الرعاية الصحية عامةً والصحة العقلية خاصةً.»

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن