تعتزم سلطنة عُمان إنشاء أول محطة هيدروجين أخضر، في منطقة الدقم على الساحل الشرقي للبلاد، في إطار خطةٍ لتنويع مصادر الطاقة وتقليل انبعاثات الكربون وتأمين حاجة البلاد من الهيدروجين ومشتقاته؛ مثل الميثانول والأمونيا، وتصدير الفائض.
وذكر موقع سولارابيك المتخصص بالطاقة المتجددة، إن مجموعة ديمي البلجيكية وقعت اتفاقية شراكة حصرية مع شركاء عُمانيين، لتشييد المحطة.
وتتضمن المرحلة الأولى من المشروع دراسة الجدوى الاقتصادية من خلال تحديد الخيارات التقنية وخيارات التغذية بالكهرباء وخيارات شحن الهيدروجين ومشتقاته ونقله. لتبدأ المرحلة الثانية بالتصميم وتحديد التمويل والطرق، ويُتوقَّع أن تتراوح قدرة المحطة بين 250 إلى 500 ميجاواط في المرحلة الأولى، والتوسع لاحقًا.
مستقبل الهيدروجين في السلطنة
وتعمل سلطنة عُمان على تعزيز الاعتماد على الهيدروجين، وفي هذا الإطار أطلقت الجامعة الألمانية للتقنية في عُمان، أواخر العام الماضي، مبادرة هيدروجين عمان، بالتعاون مع شركة هيدروجين رايس الألمانية، للاستفادة من الفرص الاقتصادية لتقنيات الهيدروجين الخضراء في السلطنة.
وتهدف المبادرة إلى جعل سلطنة عمان دولة مُصدِّرة للهيدروجين، وتقديم حلول الطاقة القائمة على الهيدروجين، وإيجاد خبرات أكاديمية وتقنية واقتصادية للهيدروجين في السلطنة، بتعاون وثيق مع المؤسسات الحكومية والشركاء الأكاديميين والصناعيين في عُمان وألمانيا.
وافتتحت عُمان في يناير/كانون الثاني الماضي، مركز عُمان للهيدروجين، الأول من نوعه في السلطنة، في مقر الجامعة الألمانية للتقنية، في محاولة لتسريع عملية التحول إلى الطاقة المتجددة.
الوقود الهيدروجيني
والهيدروجين عنصر أساس في الانتقال نحو الطاقة المتجددة على مستوى العالم، وأحد أنواع الوقود البديلة الواعدة لتطبيقات الطاقة المستقبلية، ومصدر بديل خالٍ من ثاني أكسيد الكربون، وينتج عن طريق تقسيم الماء بالطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح. وهو ناقل طاقة قابل للتخزين بكميات كبيرة والنقل لمسافات طويلة، ومادة خام لعديد من التطبيقات الصناعية.
وليس الحديث عن إنتاج الوقود الهيدروجيني بأمر جديد، وكان من المفترض أن تكون خلايا الوقود الهيدروجيني أهم اختراع في العصر الحديث، ووصل الحديث عنها إلى ذروته خلال أزمة الغاز في سبعينيات القرن الماضي، لتكون مصدرًا للطاقة النظيفة لتشغيل السيارات والمحطات الكهربائية، لكننا لم نصل إلى هذه المرحلة لأن إنتاجه مكلف جدًا. ونتيجة لذلك، اقتصر الوقود الهيدروجيني غالبًا على المختبرات، مع محاولات خجولة يحاول المهندسون من خلالها استخدامه لصنع مركبات ومولدات احتياطية تعمل بالطاقة الهيدروجينية لم تنتشر على نطاق واسع.
مشكلات التخزين
رحب كثير من المتخصصين وأنصار البيئة باستخدام غاز الهيدروجين كوقود صديق للبيئة لفترة من الوقت، ولكن اقتصر استخدامه على نطاق ضيق لأسباب عملية؛ لأن استخدامه يتطلب ضغطه في خزانات كبيرة وهذا يجعل نقله وتخزينه أمرًا صعبًا.
وفي ختام العام 2015 لم يكن في ولاية كاليفورنيا الأمريكية مثلًا سوى عشر محطات وقود هيدروجيني مفتوحة، وتشهد مشاريع محطات الهيدروجين في الطرق السريعة في أوروبا الغربية والدول الأسكندنافية تباطؤاً مماثلاً، والأكثر من ذلك أنه ليس هناك سوى بضع عشرات من السائقين في الولايات المتحدة يستقلون سيارة تستخدم خلايا الوقود الهيدروجيني. ومن هنا تبرز أهمية الأبحاث والمشروعات الحديثة لتطوير القطاع.
وعربيًا؛ تعتزم أرامكو؛ عملاق النفط السعودي، إنشاء أول محطة هيدروجين لتعبئة مركبات خلايا الوقود الهيدروجيني، في المملكة العربية السعودية، ويأتي المشروع الجديد ثمرة تعاون بين أرامكو وشركة إير برودكتس؛ الشركة العالمية الرائدة في مجال الغازات الصناعية، ويُتوقَّع أن يبدأ تشغيلها في الربع الثاني من العام الجاري.
الطاقة المتجددة في عُمان
وشهدت الأعوام الأخيرة، تنامي الاهتمام في سلطنة عُمان بالطاقة المتجددة، ونفذت مشاريع وأطلقت خططًا للدخول إلى هذا المضمار، ما يعكس تقدمًا ملحوظًا لمواكبة أحدث التقنيات العالمية في استخلاص الطاقة الخضراء والاستغناء التدريجي عن استخدام مشتقات الوقود الأحفوري بما يحمله من أضرار بيئية مُسبِّبة للاحترار العالمي.
واستمرت السلطنة بتنفيذ مشروعها الطموح لتركيب ألواح طاقة شمسية مزدوجة ومتعقبة للشمس لتزويد المدارس بالطاقة الشمسية بالتعاون مع شركة شل، ويهدف المشروع إلى تحسين حياة أكثر من 1000 شخص من خلال الحد من الانبعاثات الضارة بالبيئة بمعدل 73.5 طن سنويًا من ثاني أكسيد الكربون من كل مدرسة تُزوَّد بألواح شمسية.
وأطلقت عُمان مشروع «مرآة» أحد أضخم مشاريع الطاقة الشمسية عالميًا، في محافظة ظفار جنوب البلاد، بهدف توليد نحو 1021 ميجاواط من الطاقة الحرارية، لتُستخدَم في توليد بخارٍ يفصل النفط الثقيل عن الخفيف، ما يسهل عملية استخراجه من «حقل أمل» النفطي.
وفي العام 2019، أعلنت سلطنة عُمان إنشاء أول وأضخم محطة لاستثمار طاقة الرياح لإنتاج الكهرباء في منطقة الخليج العربي، بقدرة إجمالية تصل إلى 50 ميجاواط/سا، وبطاقة إنتاج سنوية تصل إلى نحو 160 جيجاواط/سا، عبر إقامة 13 توربين للرياح. وتنفذ المشروع، الذي تتجاوز تكلفته 125 مليون دولار، في محافظة ظفار، شركة كهرباء المناطق الريفية التابعة لمجموعة نماء للطاقة المتجددة، بالشراكة مع شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر) ويعمل المشروع على تفادي إطلاق 110 آلاف طن من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون سنويًا.