بقلم : خالد حسن
من المعلوم أن التحول الرقمي، والشمول المالي، هما جزء من رؤية الدولة، ومحط اهتمامها ضمن خطة مصر للتنمية المستدامة الحالية، ووفق رؤية مصر 2030 فإنه من أجل اللحاق بالميكنة والرقمنة؛ التي تخطو بخطى سريعة على مستوى العالم، فإنه على الحكومة أن ترى ضرورة تحجيم الاعتماد على التعاملات الورقية، مما سيدفع المواطن المصري إلى التوجه للاعتماد على أساليب الدفع الإلكتروني .. لتأدية احتياجاته كأحد أهم العناصر المحفزة للتجارة الإلكترونية، والتي يتوقع أن تتجاوز نحو 2 مليار دولار خلال 2020 ويتجاوز معدل النمو 20 % ، وفقا لبيانات مكتب التمثيل التجاري المصري ، خاصة في ظل جائجة " كوفيد ـ 19 " ومما شهدته من تغير كبير في النمط الاستهلاكي نحو تصاعد الاعتماد على التجارة الإلكترونية وتسجيل الاقتصادات الناشئة أعلى تحول تجاه التجارة الرقمية .
وشهدت التجارة الإلكترونية نموا بمعدلات سريعة تجاوزت 30 % سنويا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، لاسيما مع زيادة قاعدة مستخدمة الإنترنت والهواتف الذكية ، ليس فقط من حيث التوسع والانتشار، ولكن أيضا في جودة المنتجات وتنوعها، فقد تحسن عدد كبير من المنتجات المباعة عبر منصات التجارة الإلكترونية وأصبحت خيارات المنتجات الإلكترونية كثيرة، ومتاحة أمام المستهلك لتجعل من هذه السوق سوقا شاملة خاصة أن بعض الدراسات المتخصصة تتوقع نمو حجم قطاع التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 28.5 مليار دولار بحلول عام 2022 مقارنة حين أن منظمة التجارة العالمية تتوقع تجاوز حجم التجارة الإلكترونية نحو 26 تريليون دولار على المستوى العالمي .
وتشير بيانات وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية أن الأسواق الإلكترونية ستمتلك أكثر من مليارى متسوق عبر الإنترنت في جميع أنحاء العالم بحلول 2020، وأن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعد واحدة من أسرع المناطق نموًا في التجارة الإلكترونية بنسبة نمو تبلغ 25٪، مع وجود حوالي 100 مليون مشترى رقمى في المنطقة العربية، وأن قيمة التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تُقدر بحوالي 60 إلى 70 مليار دولار حاليًا، لتُقدر تجارة التجزئة الإلكترونية العربية بحوالى 30 و35 مليار دولار.
وفي الحقيقة فإن تغلغل الأدوات التكنولوجية في حياتنا حعلت آليات التجارة الإلكترونية تأخذ قفزات نوعية كبيرة في السنوات الأخيرة في ظل ما تقدمه للمستهلك من فوائد وتسهيلات للمستخدمين مقارنة بآليات التجارة التقليدية، ومنها توفير الوقت والمجهود والتكلفة والقدرة على الاختيار بين الالاف من المنتجات وسهولة الاختيار ، من خلال ضغطة زر على لوحة الكمبيوتر أو الهاتف المحمول ،وتنوع آليات الدفع ولعل من أهم ثمار التجارة الإلكترونية بالنسبة للمؤسسات التجارية أنها باتت قادرة علي الوصول لعميلها المستهدف وهو في منزله، وأصبحت المتاجر مفتوحة على مدار اليوم، وطوال أيام العام بتكلفة أقل وبأنظمة أكثر دقة وفعالية وإتمام عملية البيع في دقائق محدودة من خلال المواقع والمنصات الإلكترونية لعرض منتجاتها .. ناهيك عن القدرة على الوصول إلى عدد كبير من المستهلكين سواء في السوق المحلية أو الإقليمية أو العالمية .
وفي هذا الإطار أكد الدكتور مصطفى مدبولي ـ رئيس مجلس الوزراء أن أهداف المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي تتمثل في الإصلاح الهيكلي ، من خلال 6 محاور رئيسية؛ سعياً للحفاظ على مكتسبات المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي، بجانب معالجة جوانب الضعف الاقتصادية، والعمل على تشجيع النمو الاحتوائي وخلق فرص عمل جديدة عن طريق تنويع وتطوير أنماط الإنتاج، وتحسين مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال، وتوطين الصناعة المحلية، وتنافسية التصدير.
وبالنسبة لمحور تحسين وتنمية بيئة الأعمال فإنه يستهدف تسهيل وتطوير حركة التجارة وإزالة القيود المعرقلة، وخلق بيئة صحية نظيفة، والمحافظة على الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية، بجانب ما يتعلق بملف الإصلاحات التشريعية، والتي من بينها الإسراع في وضع إطار تشريعي للتجارة الإلكترونية مع تطوير البنية المعلوماتية خاصة على مستوى المحافظات لدعم التجارة الإلكترونية، لما تشكله من فرصة هائلة أمام مصر للتوسع وزيادة الاستثمارات في قطاع تكنولوجيا المعلومات من خلال التنسيق مع الجهات المعنية.
وفي اعتقادي أن مشروع القانون سينظم كل المعاملات التجارية الإلكترونية ويقضي على ما يعرف بالفهلوة والتلاعب وبعض الممارسات غير القانونية وسيكتمل مثلث تشريعات منظومة التكنولوجيا في مصر، والتي تضم إصدار قانون " مكافحة الجريمة الإلكترونية " الذي صدر العام الماضي ، وكذلك مشروع قانون حماية البيانات الشخصية ، الذي صدر هذا العام ، بالإضافة إلى مشروع قانون تنظيم المعلامات و التجارة الإلكترونية الذي نتوقع صدوره العام المقبل .
ويؤكد جميع العاملين في هذا القطاع أن تلك المنظومة التشريعية ستحافظ على بيانات المواطنين، وتقنن تنظيم تعاملاتهم على الإنترنت لحماية البلاد والمواطنين من عمليات النصب والاحتيال التى يتعرضون لها، فالمواطن المصري ما زال يتخوف من سوق التجارة الإلكترونية بسبب التلاعب وعدم المصداقية ولكن مثلث التشريعات سيلزم ضبط هذه السوق لضمان حقوق المواطن إضافة إلى ذلك فإن هذه المنظومة ستخدم كلا من التاجر والمستهلك لمساهمتهما في القضاء على الاحتكار والرشوة والمحسوبية، وعلى الصعيد الآخر ستوفر الوقت والجهد الذي يبذله المواطن بسبب التزاحم داخل الهيئات الحكومية والخاصة.
كذلك من المهم الإشارة إلى أن حجم التجارة الإلكترونية في مصر ما زال لا يتجاوز 2 % تقريباً من حجم التجارة الكلي ، مقارنة بنحو 84 % في كوريا الجنوبية ، و 66 % في اليابان ، و42 % فى امريكا ، و32 % فى بريطانيا ، و 29 % فى فرنسا ، و42 % في استراليا و23 % في إسبانيا ونحو 17 % في الصين ومن ثمة فما زالت هناك فرص كبيرة ومتنوعة لتحقيق طفرة نوعية في التجارة الإلكترونية.
أيضا على كل المؤسسات التجارية ـ كبيرة أو متوسطة أو صغيرة ـ أن تبدأ الآن في تنفيذ استراتيجية التحول الرقمي والجمع بين أساليب التجارة التقليدية والتجارة الإلكترونية استعدادا للتحول المتوقع في عمليات الشراء واعتماد المستهلكين على منصات وتطبيقات التجارة الإلكترونية إذا ما كانت جادة في الحفاظ على مكانتها في السوق والعمل على تنمية حجم أعمالها في ظل ما يعرف بالاقتصاد الرقمي وتوفير آلية رقمية وتجربة ابتكارية للتواصل مع عملائها.
وأخيرا فاننا نؤكد أن التجارة الإلكترونية هى مستقبل الاقتصاد العالمي، وأن المنافسة في السوق المصرية ليست بالسهلة على الإطلاق، فالمستهلك على قدر كبير من الوعي ويحتاج إلى جهد متواصل لتوفير توقعاته حيّال الجودة وسرعة التوصيل والأسعار المميزة بجاب تنظيم وتقنين كل مراحل وخطوات عملية التجارة الإلكترونية .