بقلم : خالد حسن
لعلنا نتفق ان مجافظات اقليم الصعيد شهدت فى الأونة الاخيرة اهتماما غير عادى من جانب الحكومة المصرية وفقا لتوجهات القيادة السياسية ودعم مباشر من الرئيس عبد الفتاح السيسى ، رئيس الجمهوية ، بضروة اعادة هيكل عملية التنمية فى كافة مجافظات الصعيد والحصول على كافة حقوقها الاقتصادية والخدمية والتنموية وتطبيق مبداء " التنمية العدالة " أسوة بالمحافظات الرئيسية .
واتساقا مع القول المأثور " رب ضارة نافعة " فان تعطل عملية التنمية فى محافظات الصعيد وتجاهل بناء الانسان على مدار عقود متتالية كان هو الدافع الاساسى لبدء التخطيط لتعظيم الاستفاد من الثروات الطبيعية الموجودة بها لاسيما مع اطلاق المبادرة الرئاسية " حياة كريمة" لتطوير القرى المصرية باستثمارات تتجاوز 700 مليار جنبه على مدار 3 سنوات تنتهى فى مطلع عام 2024 .
وبالطبع فان عملية الشاملة وتعزيز البنية التحتية فى محافظات الصعيد ستبدأ من حيث انتهينا ووفقنا لاحدث التقنيات التى توصلنا اليها حيث أكد الدكتور مصطفى مدبولي ، رئيس مجلس الوزراء، أن الصعيد كان له نصيبه من مشروعات التحديث والرقمنة، الخاصة بتطوير ورقمنة المحاكم والنيابات، وأقسام الشرطة، وتطوير مكاتب البريد، ومكاتب الشهر العقاري، ومن المشروعات المهمة في هذا القطاع كان مشروع كابلات الفايبر التي تدخل محافظات الصعيد لأول مرة للقرى الصعيد ضمن مشروع حياة كريمة، وهي خدمة لم تكن متوافرة من قبل في الصعيد .
كما اوضح رئيس مجلي الوزراء ، خلال افتتاح الرئيس السيسي لعدد من المشوعات بمحافظات الصعيد ، أنه تم وجار تنفيذ استثمارات فى الصعيد بقيمة 1.1 تريليون جنيه منها 180 مليار جنيه استثمارات تخص الصعيد بالمرحلة الأولى لمبادرة الرئاسية "حياة كريمة " كما شاركت 6 وزارات نفذت مشروعات في قطاع التشييد والبناء بالتعاون مع آلاف الشركات من القطاع الخاص وفرت مئات الآلاف من فرص العمل باستثمارات بلغت 535 مليار جنيه مشيرا ان جهود التحرك لتحقيق التنمية المتكاملة بإقليم الصعيد تتم على ثلاثة محاور، الأول: تطوير البنية التحتية ومد جسور التنمية، والثاني: تنمية وبناء الإنسان، والثالث: التنمية الاقتصادية وتعظيم الاستفادة من الثروات الطبيعية، بجانب المبادرة الرئاسية " حياة كريمة" لتطوير القرى المصرية.
ومع تزايد عدد السكان فى المدن والقرى بشكل مستمر بات الحديث يتركز حلول قدرة الاجهزة الحكومية على تلبية الاجتياجات الأساسية المتزايد لمواطنيها وفى نفس الوقت العمل على تطوير هذه الخدمات بداية من النقل ، المواصلات ، المياه ،الكهرباء ،الاتصالات ،الانترنت ، الأمن ،جودَة البيئة ومكجافحة التلوث ومن هنا ظهر بدأ مفهوم عن " المدن الذكية " والتى تقوم على توظيف الحلول والبنية التكنولوجية والانظمة المعلوماتية المتكاملة وثورة الانترنت والاتصالات بما يساعد الجهاز الادارى للاستجابة للاحتياجات المتغيرة بشكل سريع .
وربما يتخيل البعض ان مفهوم " المدن الذكية " ينحصر فقط المدن التى يتم تأسيسها حديثا او التى تم انشائها ، منذ البداية ، وهى تعتمد على أنظمة إلكترونية، ولكن فى الحقيقة فأنه يمكن لمدن معروفة ومخططة منذ القدم "مدن تقليدية" أن تتحول إلى مدن ذكية بإقحام التكنولوجيا الحديثة إلى بنيتها التحتية وما فيها من خدمات وخير مثال على ذلك ما حدث فى عدة مدن أمستردام ،هلسنكي ، لندن ،واشنطن ،سان فرانسيسكو والعديد من المدن أوروبا الغربية و امريكا الشمالية و اليابان الا انه بالتاكيد أن المدن الجديد القائمة على التخطيط المركزى للأنظمتها وبنيتها التحتية التكنولوجيا الحديثة ، كتقنيات الألياف البصرية وطاقة الليزر والشرائح الإلكترونية وغيرها ، هو عماد بناء المدينة الذكية لتتميز عن المدن الأخرى بتوفير خدمات تجعل حياة السكان أسهل وأفضل في المجالات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها.
ونتطلع ان يشهد أقليم الصعيد حركا ملموس نحو تبنى نشر الحلول التكنولوجية فى محافظاته بداية من خلال التنسيق بين إماكانيات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لبحث سبل بناء وإدارة المدن الذكية المستدامة داخل المجتمع ، بالتنسيق مع محافظى أقليم الصعيد وشركات التكنولوجيا والاتصالات لاستعرض الفرص والتحديات التي من الممكن أن تواجه تطبيق هذا المفهوم داخل المجتمع الصعيدى مع التركيز على بعض المحافظات والتى اتخذت خطوات جادة فى مجال التحول الى محافظة ذكية .
كذلك من المهم تعظيم الاستفاد من جهود وزارة التخطيط لاقامة مراكز خدمات المواطنين والمستثمرين ، وذلك ضمن برنامج تطوير الخدمات الحكومية "مشروع تطوير المحليات" ، والذى يهدف لتقديم الخدمات للمواطنين بصورة حضارية سريعة ودقيقة تناسب المواطن وتحقق تطلعاته من خلال تطبيق نظام الشباك الواحد لفصل مقدم الخدمة عن طالبها مما يخلق بيئة مناسبة بعيدة عن التعرض لأى عامل من عوامل الفساد وكذلك ميكنة وتبسيط إجراءات الحصول على الخدمات وتقليل زمن الحصول عليها ونجح البرنامج فى بتطوير 200 مركز خدمة مواطنين والانتهاء من إنشاء البوابات الإلكترونية للمحافظات .
فى تصورى ان التفكير فى تطبيق مفهوم " المدن الذكية " لم يعد نوع من الخيار او الرفاهية ، كما كان يتحدث عنه فى نهايات القرن الماضى ، بل أصبح ضرورة محلة اذا كنا نتحدث بجدية عن حل جذرى للكثير من المشاكل التى تعصف بالمواطن عند تعامله مع الجهات الحكومية للحصول على خدمة ما لاسيما وانه من واقع التجريبة العملية فان الحلول التكنولوجية أدت الى زيادة الكفاءة والفعالية الإقتصادية والإدارية، وتحسين مستويات العدالة الإجتماعية وتحقيق الأمن وزيادة النمو الإقتصادي ورفع كفاءة إنتقال الأموال الإستثمارية عبر الحدود كما خفضت من اجمالى التكلفة الإقتصادية في مجالات مختلفة وحاصرت الكثير من صور الفساد والبيروقراطية والروتين، وأختصرت الإجراءات التي تهدر الوقت، وقلّلت من الضغط على شبكات النقل والإزدحام على الطرق، وخفضت من معدلات استخدام الطاقة، وبالتالي من نسب التلوث، كما قلصت مستويات الجريمة ومخاطر العمل في المصانع والمكاتب ومن ثمة يمكن القول ان التوسع فى تطبيق مفهوم " المدن الذكية " يؤدى الى تحسين مستوى حياة المجتمعات والتجمّعات السكانية المختلفة.
فى تصورى أنه من المهم ان ندرك جمبعا " حكومة وشعبا " ان تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تعتبر مكون أساسي لتطوير نمط حياة الموطن بشكل عام ، اينا كان فى القاهرة او بعواصم المحافظات او القرى ، وتحسين الخدمات الحكومية بشكل خاص وانها آداة لتوفير حلول المبتكرة لقضايا والتحديات التى تواجههنا جميعا مثل الاستدامة الحضرية والمياه والكهرباء والنقل فمثلا يمكن لوسائل النقل المتعددة الوسائط خفض وقت تنقل المواطن من خلال السماح له بالتخطيط مقدماً لرحلته والوصول إلى الوجهة النهائية بكفاءة، ما سيزيد من استخدام وسائل النقل العام والحد من استخدام السيارات وانبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون." وينطبق الأمر ذاته، على إدارة حلول الطاقة للعملاء، والتي تتيح لمزودي الطاقة لإدارة الطلب على الطاقة والاستثمارات في محطات توليد الطاقة.
فى النهاية اعتقد ان مستقبل "المدن الذكية" يعتمد بصورة كبيرة على اخذ الحكومة " الجهة المخططة " زمام المبادرة من جهة وسكان محافظات الصعيد " باعتبارهم المستفيدين الاساسيين " من جهة أخرى كما اتمنى ان تكون هناك رؤى او استراتيجية واضحه من جانب الحكومة لكيفية تشجيع شركات تكنولوجيا المعلومات لتطوير حلول مرتبطة بمفهوم "المدن الذكية " اذ يمكن الاعتماد على مشروع تطوير منتج تكنولوجى ، والذى اطلقته هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات " ايتيدا " منذ عدة سنوات ، كنواة يتم البناء عليها فى المستقبل لتطوير حلول تكنولوجية محلية يمكن لاعتماد عليها بصورة امنه فى ميكنة نظم العمل بالجهات الحكومية كذلك نؤكد ألف مرة أنه من المهم تسريع وتيرة المبادرة القومية لنشر واتاحة خدمات الانترنت فائق السرعة " البرود باند " فى كافة المحافظات باعتبارها الاساس الذى يمكن البناء عليه .