بقلم : خالد حسن
لم تعد الشبكات العالمية للتواصل الاجتماعى مجرد ظاهرة او موضة تكنولوحية نسعى لتجربتها بل باتت أحد أهم اهتمامات شعوب العالم ولاسيما منطقة الشرق الاوسط وبات هذه الشبكات اهم مصدر للحصول على المعلومات ، بصرف النظر عن مدى صحتها وأسرع وسيلة للسيطرة على الراى العام وتشكيله من خلال ما يعرف بالحملات الدعائيه والكتائب الالكترونية التى تسعى لحشد التأييد لفكرتها والترويج لها بين اوساط المستخدمين ومخاطية المواطنيين .
وبالطبع أصبحت المعلومات المغلوطة عن الزواج العصري التي تنشر عبر المنصة الرقمية لمواقع التواصل الاجتماعي هي السبب وراء تغير مفاهيم الشباب عن الزواج، واللهاث وراء تقليعات الموضة والحياة العصرية التي يقدمها مشاهير الإعلام الاجتماعي عبر الإنترنت أثرت سلباً على طريقة تعامل الشباب مع الارتباط الاجتماعي حيث اختلفت الأسباب التي تقف وراء المشكلات الزواجية اليوم عن الماضي، فقد كانت في وقت مضى الخلافات المالية ولكن اليوم أصبح الإنترنت وأساليب الحياة المختلفة لمشاهير السوشيال ميديا هي التي دفعت الشباب لتغيير تفكيرهم عن الاستقرار الأسري.
ومع تزايد الدعاوى ، المحلية والعالمية ، لفرض المزيد من الرقابة على شبكات التواصل الاجتماعى وتطبيقات الاجهزة الالكترونية المحمولة بسبب سوء استخدامها من قبل البعض للترويج لافكار متطرفه أو أخبار مغلوطه ومضلله والتأثير السلبيى على اسقرار الحياة الاسرية وكان اخرهم تأكيد إبراهيم سليم ، رئيس صندوق المأذونين الشرعيين، أن حالات الطلاق في مصر ستقل بنسبة 60% إذا تم غلق الإنترنت ومنصات مواقع التواصل الاجتماعي موضحا قبل الإنترنت كان لدينا 84 ألف حالة طلاق في عام 2008 لكن هذا الرقم ارتفع الآن إلى 222 ألف حالة .
وقال شبكات التواصل الاجتماعي مسؤوله عن تضاعف عدد حالة الطلاق بين الأزواج فى مصر وانها أدت الى تضاعف عدد حالات الطلاق لعدة مرات في المجتمع حيث أصبح ما بات يعرف بمرض"إدمان الإنترنت" سبب رئيسي في زيادة حالات الطلاق، ومثال على ذلك، عدم اهتمام بعض الأزواج بزوجاتهم، والزوجات المهملات بحق أزواجهن وأسرهن موضحا ان الفترة الأخيرة شهدت في مصر والمجتمعات العربية عموما تفاقم ظاهرة الطلاق، حيث أصبحنا نسمع يوميا عن حالات طلاق أزواج حديثين، وأيضاً قديمين استمر زواجهم لعشرات السنوات، فلم يعد مقتصرا على حديثي الزواج بل إنه صار أول الحلول المستخدمة للتعامل مع المشاكل الزوجية.
ويرى خرراء الاجتماع أن وسائل التواصل الاجتماعي أفسدت على الأزواج معيشتهم ، حيث يعيش كل من الزوجين في عالمه الخاص عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، فهو يشبع ذاته ونجد الأزواج يعيشون تحت سقف بيت واحد، ولكنهم لا يعرفون بعضهم البعض، بخلاف الأفكار التي تبث عبر تلك القنوات من تكوين حياة هلامية لا وجود لها على أرض الواقع، ليعيش الأزواج حلم أن تصبح حياتهم شبيهة بتلك الحياة التي يشاهدونها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بخلاف متابعة مشاهير التواصل الاجتماعي كقدوة لأغلب الزوجات والأزواج ليملوا عليهم ما يجب فعله، ثم يصطدموا من جديد بواقعهم.
وفى نفس الوقت كان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري دق ناقوس الخطر بتقرير نشره ، مؤخرا ، كشف فيه ارتفاع نسب الطلاق في مصر بشكل غير مسبوق في الآونة الأخيرة حالة كل دقيقتين، الأمر الذي يؤكد أن هذه الظاهرة زادت في السنوات الأخيرة وتمثل تهديدا للواقع الاجتماعي في مصر وأكد خبراء علم نفس والاجتماع مجموعة من العوامل وراء ذلك، أبرزها سوء الاختيار وغياب التكافؤ بين الطرفين، فضلا عن تدخل الأسر في حياة أولادهما، مشددين على ضرورة وجود برامج تأهيل المقبلين على الزواج للوعي بطبيعة الحياة الزوجية وتحدياتها وكيفية التغلب على المشكلات.
ورغم ما أكده ، مؤخرا ، الرئيس التنفيذي لشركة "فيسبوك" ، مارك زوكربيرج ، إن فيسبوك يعمل على حل مسألة المعلومات الخاطئة منذ فترة طويلة، ووصف القضية بأنها مشكلة معقدة، سواء فنيًا أو من الناحية الفكرية ولخص سلسلة الخطوات يجري تنفيذها حاليًا، ومنها استخدام أكبر لبرامج "آلية "ترصد ما سيصفه الناس بأنه زائف قبل أن يقوموا هم أنفسهم بذلك وقال إن الشركة ستستهل عملية الإبلاغ عن محتويات زائفة وستعمل مع منظمات وخبراء وصحفيين في جهود التحقق من المعلومات والكشف عن التدوينات ودراسة مسألة وضع علامات تحذيرية على المحتويات التي تصنف بأنها زائفة.
أن الشركة "تعتمد على مجتمعنا لمساعدتنا على فهم ما هو كاذب وما هو ليس كذلك"، مشيراً إلى التوسع فى أداة للإبلاغ عن الروابط المزيفة والمواد المشاركة من مواقع التحقق من صحة الأخبار اذ أنهم، وعلى غرار مشكلات إغراء المستخدمين بالنقر على الروابط والبريد المزعج والاحتيال، يعاقبون التضليل في الأخبار مما يسهم في التقليل من انتشارها.
ومن ثمة فأن التحدى الذى يواجه حاليا كافة شبكات التواصل الاجتماعى العالمية هو مصداقية ما يتم تداولها من خلالها من معلومات وعليها التعامل مع الأخبار المضلله بنوع من الجدية اذ ان المستخدمين يريدون معلومات دقيقة وليس خدع او احبار كاذبة ستؤدى بمرور الوقت الى عزوف المستخدمين عن شبكات التواصل والبحث عن مصادر بديلة .
وفى اعتقادي ان أثر الاخبار الكاذبة لا يقتصر فقط على الحياة السياسية أو تضليل الراى العام او خداعه وانما يمكن ان يتسبب فى تحقيق الكثير من الخسائر الاقتصادية والمالية والاخطر هو التاثير السليى على الحياة المجتمعية وتغير سلوكيات وعادة المستخدمين لذا علينا مواجهة هذا الفيضان من الاخبار المزيفة بنفس الاسلوب والذى يعتمد على نشر الاخبار الحقيقية على شبكات التواصل الاجتماعى وبنفس السرعة وليس اسلوب تجاهل الرد على الاشاعات والذى يجعل الكثيرون يعتقدون انها حقيقة.
وفى تصورى شبكات التواصل الاجتماعي العالمية نجحت فى ان تغلل ، بل وأقتحام، حياتنا بصورة كبيرة فأحدث تغيرات جذرية فى نمط حياتنا وسلوكيات ابنائنا واصبحت الاستخدام السيىء لهذه المنصات يشكل تهديد كبير لاستقرار مجتمعنا على كافة المستويات ، وليس السياسى والاجتماعى فقط ، وباتت للاسف منصات غير موثوق بها ونشر كل ما هو مزيف الزيف ناهيك عن نشر الاشاعات وتداول الاكاذيب والترويج لبعض الممارسات الغير اخلاقية والتى لا تتاسب مع مجتمعنا الامر الذى اخرج هذه الشبكات من دورها الاساسى كوسيلة للتواصل والتقارب وتبادل المعرفة بين البشر .
ومن ثمة فان تنظيم التعامل مع مفرادات العالم الرقمي يحتاج بالضرورة الى وضع قواعد وقوانين تتناسب مع المستجدات وحماية الحقوق والأخلاق المجتمعية ومن هنا تاتى اهمية اصدار مصر لقانون "مكافحة جرائم تقنية المعلومات " كتشريع يكافح ويواجه حرباً جديدة من حروب الجيل الرابع، التى تتخذ من منصات التواصل الاجتماعى والسوشيال ميديا وتطبيقات الهواتف أرضا خصبة للانطلاق منها لتوجه أسهمها نحو المواطن المصرى، بهدف إثارة الفوضى وضرب الاستقرار الاجتماعي والاخلاقي وبث الشائعات المغرضة، او نشر كل ما هو ضد الاعراف والاخلاق المجتعية .