بقلم : خالد حسن
تعتبر ريادة الاعمال من أحدث الأدوات الإدارية الجديدة التي تساعد في تطوير وتنفيذ وتخطيط وتحسن اداء المشروع أو المنشأة، ويأتي هذا من خلال حل المشكلات الإقتصادية الموجودة وتقديم حلول أو قرارات إستراتيجية تفيد المشروع أو المنشأة، على أن يتم كل هذا بدون تعرض المشروع لأى نوع من الخسائر أو التأثير السلبى عليه وعلى كفاءته، وتساعد ريادة الاعمال بخلق روح متطورة وتنافسية تفيد الشروع وتحسين ترتيبه بين جميع المشاريع المماثلة والموجودة بالسوق.
وبالطبع فان كل إنسان لديه قدرات إبداعية ولكن القليل من الأشخاص هم الذين يسعون لتوظيف هذه القدرات ويسعون لتطوير أنفسهم ونشر إبداعهم ، فالإبداع لا يقتصر على أشخاص دون غيرهم فهذه نظرة خاطئة للأمور الا انه فى نفس الوقت فان التفكير الابداعى لا ياتى من فراغ وانما ياتى نتيجة الادراك الجيد للمشكلة والرغبة فى حلها لذا فأن غالبية الأفكار البناءة والمبتكرة تأتي من العلماء المحترفين ، العاملين فى مؤسسات بحثية متخصصة ، الا أن طبيعة قطاع تكنولوجيا المعلومات تعطى لحماس الشباب وأفكارهم المبتكرة فرصة كبيرة للنجاح ،وذلك رغم الظروف الصعبة و الأجواء الغير مواتيه ، ولكن لا يجب ان نغفل عن حاجة هؤلاء الشباب للاحتكاك بالتجارب الدولية وإعطاءهم الفرصة لمواصلة نشاظهم وحماسهم وأن ندفع بالأفكار الجديدة ونترك جانباً ما يجذبنا للخلف.
وفى الحقيقة شهدت السنوات الثلاثة الماضية نجاح شركات التكنولوجيا الناشئه المصرية فى حصد المليارات من الدولارات فمن 200 مليون دولار فى عام 2019 الى 300 مليون دولار فى عام 2020 الى 490 مليون دولار فى عام 2021 ثم الى 500 مليون دولار فى النصف الاول من عام 2022 ومن المتوقع ان تتجاوز 750 مليون دولار مع نهاية العام الحالى باجمالى يزيد عن 2 مليار دولار فى 4 سنوات وهو ما يؤكد اهمية دور رواد الاعمال وشركات التكنولوجيا الناشئه فى جذب الاستثمارات العالمية والعربية لاسيما فى ظل اهتمام الكثير من صناديق راسمال الجرىء " العربية والعربية " بضخ المزيد من الاستثمارات فى الشركات التكنولوجيا الناشئه المصرية .
وبصرف النظر عما شهدته مؤخرا احدي كبرى شركات التكنولوجيا الناشئه ، المتخصصة فى التجارة الالكترونية ، من تحديات ادت الى اتخاذ مجلس ادارة الشركة قرارا بعزل مؤسسيها فان هذا لايمكن ان يتم تعميمه على كافة شركات التكنولوجيا الناشئه فالتمويل الذى تحصل عليه هذه الشركات من الجهات المانحة هو تمويل ذو طبيعة خاصة وقائم اساسا على المخاطرة العالية ، ولكن المدروسة ، وهذا التمويل يهوى البعض بتسميته " غسيل أموال " نظرا للقيم المالية الكبيرة التى يمكن ان تحصل عليها هذه الشكات فى جولاتها التمويلية والذى يبدأ بعدة مئات من الالاف الدولارات ويمكن أن يتجاوز مئات الملايين من الدولارات .
وبالطبع يتوقف قيمة التمويل الذى يمكن ان تحصل عليه الشركات الناشئه على عدة عناصر لعل اهمها امتلاكها لمنتج او خدة ابتكارية قادرة على جذب المستخدمين بصورة دائمة وقابلة للنمو وكذلك امتلاك هذه الشركات لفريق عمل من الكفاءات البشرية والذى يمتلك شغف الابتكار والخبرة فى مجال تخصصها وتوطيف التكنولوجيا فى افضل فى صورة ممكنة وقدرة هذه الشركات على الابداع المستمر للمنافسة المحلية والعالمية ناهيك عن ضرورة امتلاك هذه الشركات لاستراتيجية مستقبلية بماذا ستفعل بالتمويل الذى تسعي لجذبه وان يكون لديها رؤية واضحة ومحددة زمنيا كيف سيتم استثمار هذا التمويل لمضاعفة حجم أعمالها وعملائها وبالتالى ارتفاع قيمتها السوقية بما يحقق اهداف المستثمرين ، سواء صناديق رأسمال مخاطر او مستثمرين أفراد ، كذلك من المهم ان تدرك هذه الشركات ان الممارسات الغير قانونية والغير تجارية لتحقيق نتائج أعمال وهمية لايمكن ان يكون هو الوسيلة الانسب لجذب المزيد من الاستثمارات .
ووفقا للدراسات المتخصصة فى مجال ريادة الاعمال فان أهم التحديات التى يمكن أن تواحه الشركات الناشئه تتمثل فى اولا" إدارة الماليات" حيث يواجه بعضها صعوبة في إدارة ماليات مشروعاتهم وتخصيص الميزانية للمهام المختلفة بشكل صحيح والتحدص الثاني" المبيعات والتسويق " اذ يرى نسبة كبيرة من رواد الأعمال في العالم إن تحدي المبيعات والتسويق هو أصعب تحدي يواجهونه لذا يجب علي رائد الأعمال الذي ليس لديه خلفية عن المبيعات والتسويق أن يلجأ لتعيين شخص محترف يساعده في وضع وتنفيذ استراتيجيات التسويق المناسبة لنشاطه.
اما التحدي الثالث فهو " المنافسة غير العادلة " حيث تواجه المشروعات الجديدة صعوبات كبيرة عندما ينافس خدمة أو منتج يقدمه غيره من المؤسسات الكبيرة لكنها في نفس الوقت بتتميز عنهم في قلة التكاليف الإدارية والمرونة على حين ان التحدي الرابع فهو " قصور الرؤية والتخطيط " اذ يسقط الكثير من رواد أعمال في خطأ الحصول على تمويل يكفي تأسيس وإنشاء المشروع من غير التخطيط للمستقبلكن الصح إنه يتم الحصول على تمويل يكفي المشروع لمدة من 18 وحتى 24 شهر، وهي الفترة التي يحتاجها المشروع لبدء جني الأرباح.
وفى وجهة نظرى ان التحدى الاكبر هو " اتخاذ القرارات الصحيحة "اذ يطالب رائد الأعمال باتخاذ عشرات القرارات بشكل يومي، منها يتوقف عليه مستقبل الشركةومنها قرارات أخرى بسيطة لتسيير الشغل، لذا من المهم جدًا أن يكون لديه القدرة على اتخاذ القرارات بسرعة وبحكمة
فى اعتقادى أنه من الخطأ أن ننظر للإبداع بوصفه موهوبة شخصية فقط يولد بها الانسان وهذا فى الحقيقة ضد كل نعرفه من قصص المبدعين فليس المبدع هو من يستطيع تخزين اكبر كم من المعلومات فى ذهنه وإنما من يستطيع الربط بين الأشياء وترتيب طريقة التفكير ولديه الرغبة والإرادة والتصميم على التغير ومن ثمة فانه كما يتم تعليم الأطفال والشباب ممارسة كرة القدم او أى رياضة او اعمال فنية يجب أن يتم التعامل مع مواردنا البشرية ، سواء أفراد أو مؤسسات ، من خلال تعليمهم وتدريبهم على التفكير بصورة دائمة بطريق ابتكارية ، وليس حادثا عارضا ، وتقبل أفكارهم الجديدة والتفاعل معها .
وبالطبع نتفق جميعا على ضرورة التركيز على توطين ثقافة الابتكار والإبداع لدى الشباب بما يسمح بإيجاد حلول جديدة ومبتكرة للمشاكل الحالية كونهم يمثلون وقود أى أمة تبحث عن التقدم والتطور والمصدر الرئيسى للافكار المبتكرة ، خارج الصندوق ، لطرح حلول جديدة للتحديات التى تواجه عملية التنمية علاوة على كونهم الأقدر على الحركة والمرونة وفقا للمشاكل التى نبحث لها عن حلول .
فى تصورى أن الحديث عن " ريادة الاعمال وتنمية الإبداع " يجب أن يكون للشباب ، كأفراد أو مؤسسات صغيرة ، دور كبير فى تفعيل هذه المبادرة من خلال وضع آليات محددة وخطوط واضحة لمخاطبتهم والتحاور معهم بصورة مباشرة والاستفادة من قدرات الشباب وتوجيهم نحو الابداع والذى باتت نمط من التفكير يمكن لأي شخص أن يتعلمه ويتدرب عليه، فالمبتكر هو الذي يطور شيئًا لم يكن موجودًا من قبل وهذا الشيء لا بد من أن يكون له قيمة فممارسة الابتكار تعتبر حافزًا قويًا لأنها تجعل الأفراد أكثر اهتمامًا بما يقومون به، وتعطي الأمل في الوصول إلى أفكار قيمة كما أنها تجعل الحياة أكثر متعة وإثارة للاهتمام خاصة إذا كان الابتكار مرتبط بوجود عائد مادى .
نعلم مدى اهتمام ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ودعمها للتفوق وكل من يتميز فى مجالات الإبداع والابتكار لوضع الشباب المصرى على طريق طويل للتنافسية ودعم الابتكار والإبداع إلا إننا نؤكد أن أمامنا فرصة ذهبية خلال الخمس إلى العشر سنوات القادمة فى مجال المنافسة بقوة فيما أصبح يعرف باقتصاد المعرفة ولاغتنام هذه الفرصة هناك حاجة إلى جهد مختلف ومتكامل وعمل دءوب لتأهيل الشباب وثقل مهاراته فى مجال الإبداع التكنولوجى فالتنافسية تقوم فى الفترة القادمة على البحث والتطوير والإبداع وكل ما هو خلاق بالنسبة للشباب لكل تحصل بلادنا على مكانتها اللائقة فى هذا المجال ووضع بصمة تكنولوجية حقيقية على طريق الإبداع العالمى للمعلوماتى .
وفى الحقيقة كانت جريدة " عالم رقمى " مدركه تماما لأهمية نشر وتوطين ثقافة الإبداع لذا تبنت منذ 16 عام مبادرة " الإبداع .. طريقك للنجاح " فى الجامعات المصرية والتى تعتمد على مفهوم الاحتكاك المباشر بين ممثلى شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات العالمية والمحلية وشباب كليات الهندسة وعلوم الحاسبات على مستوى كافة المحافظات إذ تؤكد التجربة الواقعية أن لدينا بالفعل شباب مبدع فى مجال التكنولوجيا إلا أن غياب المعلومات لديهم ونقص الإمكانيات يشكل حجر العثرة لهؤلاء الشباب ونأمل أن تكون مبادرة الإبداع التكنولوجى وريادة الأعمال " هى طوق النجاة لهؤلاء الشباب وبناء قاعدة كبيرة لشباب المبدعين وشركات التكنولوجيا الناشئه المصرية فى مجال تكنولوجيا المعلومات.