بقلم : خالد حسن
نعلم جميعا أن المستقبل سيشهد تحولا جذريا إلى المجتمع اللا نقدي وأن الاتجاه العالمي هو تحفيز استخدام الوسائل والقنوات الإلكترونية في عمليات الدفع وقريبا جدا ربما لن نضطر إلى الذهاب لأي جهة حكومية لسداد أي مستحقات مالية حيث منذ قرر وزير المالية ، في مايو الماضي ، تم إلزام المواطنين بسداد رسوم الحصول علي جميع الخدمات الحكومية وكل المستحقات الحكومية بما فيها الضرائب والرسوم الجمركية باستخدام إحدى وسائل الدفع الإلكترونية وذلك تنفيذا لقرارات المجلس القومي للمدفوعات الخاصة بالتحول إلي مجتمع رقمي وتحقيق الشمول المالي .
وللأسف، وحتى وقتنا هذا ، ما زال هناك قطاع كبير من المواطنين المصريين الذين يرفضون التعامل مع الجهاز المصرفى وليس لديهم أي حسابات بنكية وبصرف النظر عن السبب " نقص الوعي أو خوف أو عدم القرب الجغرافي أو الثقافة الدينية .. الخ " الا أنه حان الوقت ونحن نتحدث عن أهمية مضاغفة التحرك سريعا نحو الاقتصاد الرقمي فإنه لابد من تقديم نوعية جديدة من الحوافز لكسر الهواجس لعزوف هؤلاء عن التعامل باليات الدفع الالكتروني .
وبالطبع تعد بطاقات الائتمان بكل صورها " ممعنطة – الذكية " بمثابة الشرط الضروري لتحقيق مفهوم مجتمع الاقتصاد الرقمي لكونها آلية الدفع الإلكتروني المقبولة حتى الآن من كل الجهات ومؤسسات الأعمال التي تعلن عن تقديم الخدمات الإلكترونية عبر الإنترنت بجانب كروت الدفع المقدم والدفع عند الاستلام .
إلا أننا بالنظر إلى أرض الواقع فإن هناك العديد من التحديدات التي تواجه استخدام بطاقات الائتمان في دفع قيمة اى خدمة حكومية إذ إن أى خطا لا يضمن ان يقوم المواطن باسترداد ما قام بدفعه إلكترونيا ومؤخرا حاولت استخراج شهادة بيانات المخالفات الخاصة بسيارتي من خلال الموقع الإلكتروني لمخالفات المرور وبعد إتمام كل البيانات والخطوات وتقديم التظلمات ، والتي بالطبع لم يتم قبولها ولكن تم تحصيل 50 جنيها لكل تظلم على أي مخالفة ، وهو نوع من الابتزاز غير المقبول بالطبع فما معنى أنني أتظلم من مخالفة مرورية لم أرتكبها فتقوم بمعاقبتي بفرض رسوم إضافية جديدة وهنا حكى لي صديق بأنه لم يكن يعرف قيمة التظلم ، لأنه غير مكتوب ولكنه عرفها بعد القيام بتقديم التظلم أون لاين ، اذ تقدم بتظلم من مخالفتين بقيمة 20 جنيها لكل منها وفؤجىء بزيادة قيمة المخالفات ألى 140 جنيها نتيجة رسوم التظلم المبالغ فيها 50 جنيها لكل مخالفة وهى نتيجة استخدامك لخدمات التظلم إلكترونيا !
نعود الى تجربتي الشخصية فبعد إتمام لكل الإجراءات سلمت أمري إلى الله وقررت الدفع وقمت بوضع بطاقة الائتمان وأخترت الاستلام من خلال هيئة البريد وأنتظرت الحصول على إصدار الكود الذي يؤكد استلام لشهادة بيانات المخالفات ولكن للأسف فؤجئت بالسيستم يصدر له عبارة " طلب مرفوض " ولابد من الذهاب الى وحدة المرور التابع لها وبدون الدخول في التفاصيل والاتصالات لمعرفة السبب قمت في النهاية بالذهاب لوحدة المرور لدفع قيمة المخالفات المرورية فاكد لي الموظف المختص أنه غير ممكن لأن هناك طلبا بالفعل مقدم على الانترنت ولابد من الغائه وعبثا حاولت أشرح للموظف أن الطلب لم يتم قبوله ولم يتم إرسال الكود الخاص باستلامي للشهادة وبالطبع لم يشفع لى أى شىء وأصر الموظف على موقفه وأن هناك طلبا الكترونيا ولا يمكن التعامل إلا قيامي بإلغائه .
وفى هذه الحالات يجب أن تذهب الى موظف اكبر وبالفعل ذهبت الى وكيل النيابة والذي قام مشكورا بالاتصال بالدعم الفني الخاص بالموقع وإلغاء الطب الالكترونى الخاص بى الا انه اكد أن الاموال التى قمت بدفعها ، باستخدام بطاقة الائتمان الخاصة بي ، لا يكن إستردادها سواء مخالفات او رسوم التوصيل الخاصة بهيئة البريد المصري ..ليه !! لماذا مش ده فلوسى وانا لم أحصل على الخدمة نتيجة خلل ما فى النظام وليس ذنبي .
وبالطبع عليك الاختبار أما استعواض ربنا فى فلوسك حتى تحصل على الشهادة وتخلص نفسك أو القيام بجولة جديدة على مكاتب وحدة المرور وهيئة البريد للتاكيد أنك لم تستكل الطلب الالكترونى الخاص باستلام شهادة بيانات المرور وبالطبع حرصا على وقتك ومجهودك وعقلك فإنك تختار الحل الاول وتستعوض ربنا فى الفلوس !
فى الحقيقة لا أعرف كيف يمكن لاى جهة، حكومة او خاصة، ان تقوم بالحصول على اموال بدون ان تقدم خدماتها للمواطن ولماذا يقوم النظام بخصوم الاموال من البطاقة الائتمانية قبل التأكد من ان الطلب سليم وأنه سيتم تقديم الخدمة للمواطن ولا يخفي له مفاجأة بعد أن يقوم بوضع بطاقة الائتمان واختيار الدفع اون لاين الاغرب لماذا لا تقوم هذه الجهة عندما تتأكد بان المواطن لم يحصل على الخدمة برد امواله له على نفس الفيزا .
الأمر الأغرب انني تلقيت رسالة من " هيئة البريد المصرى" ، بعد يوم من حصول على شهادة بيانات المخالفات من وحدة المرور ، أن طلبي مع المندوب وفى الطريق للتسليم خلال 48 ساعة ويطلب منى تاكيد النواجد بالعنوان المرفق مع الطلب ..لا يارااااجل بجد والله وطبعا منذ اكثر من اسبوعين لا حس ولاخبر ويبدو ان مندوب هيئة البريد تائه حتى الان ولم يستطيع الوصول الى عنوانى ! ولم تقوم ايضا الهيئة برد قيمة خدمة التوصيل ، لحسابى ، والتى لم أحصل عليها بالفعل ليس بسبب ولكن لان النظام قرر رفض طلبي لسبب مجهول ,
فى النهاية لا أقصد من سرد هذه التحديدات الى التقليل من أهمية الانجاز الذى تم فى اطلاق الكثير من الخدمات الحكومية والالكترونية وخدمات الدفع الالكترونى ولكن علينا الاستمرار فى تحسين هذه الخدمات ومعالجة ما يظهر بها من خلل او عيوب فى المنظومة الالكترونية عند التطبيق اذ من الخطأ ان تكتفى بمجرد اطلاق الخدمة دون مراجعتها بصورة دورية لتحسينها وتطويرها خاصة وأن غالبية الخدمات الالكترونية بات لها تكلفة وتكلفة كبيرة ايضا ولم تعد مجانية وكأن الحكومة تقوم بتحصيل تكلفة تقديم هذه الخدمة من المواطنين ، بغض النظر عن كونها دورها الأساسي ، بل وتريد ان تحقق أرباح من تقديم هذه الخدمة الالكترونية ... ولكن ماذا عن القيمة المضافة الحقيقة التى يمكن للمواطن الحصول عليها ؟ وماذا عن مساعدة المواطنين " العملاء " في الحصول على ما يرغبون به من خدمة بالسرعة والكفاءة التي يأملونها من التحول الرقمي؟