نبضات
بقلم : خالد حسن
أصبحت الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أكثر انتشاراً، إذ تشكل جزءاً لا يتجزأ من العديد من القطاعات والأنظمة بما يتجاوز قطاع الاتصالات والتكنولوجيا نفسه. واستجابةً لذلك، أطلق العديد من دول العالم نحو 250 مشغل خدمات الاتصالات فى 97 دولة حول العالم منذ ابريل عام 2019 خدمات الجيل الخامس لشبكات الاتصالات المحمول " 5G " لتحسين خدمات الاتصالات، حيث كانت كوريا الجنوبية اول دولة تنجح في إطلاق التشغيل التجاري للخدمة يليها الولايات المتحدة الامريكية، وتجاوز عدد المستخدمين حاليا نحو 1.2 مليار مستخدم حول العالم.
ولمواكبة هذا التطور قام الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات بطرح رخصة تشغيل خدمات الجيل الخامس لاتصالات التليفون المحمول "5G " على كافة مشغلى خدمات الاتصالات العاملين فى السوق المصري للاتصالات اذ نجحت الشركة المصرية للاتصالات “WE " في الحصول على اول رخصة لتقديم خدمات الاتصالات بتقنيات الجيل الخامس، بقيمة 150 مليون دولار، لمدة 15 عام بعيدا عن الترددات وبدون أي مميزات أخرى.
وفى الحقيقة فان تقديم خدمات الاتصالات عبر تقنيات ال " 5G " بالسوق المصرى كانت مثار تساؤلات كثيره فى سوق الاتصالات المصرى لاسيما وأننا تأخرنا عن تقديم خدمات الجيل الرابع للاتصالات لنحو 5 سنوات مقارنة بغيرنا من الدول ، وهو ما كنت شخصيا أطلق عليه " فترة الفرص الضائعة على سوق للاتصالات المصرى "، الامر الذى اثر كثيرا على قدراتنا التكنولوجية ومدى توافر البنية التحتية لتطوير خدمات الاتصالات واتاحة الفرصة لشركاتنا ومؤسساتنا للاستفادة من ثورة الاتصالات فى تطوير حلول ابتكارية قادرة على المنافسة ويبدوا اننا كنا سنكرر نفس التجربة وتاجيل اتاحة تقنيات الجيل الحامس للاتصالات وتأخير استفادة السوق من هذه القفزة النوعية فى خدمات الاتصالات للعديد من الاسباب ، التى كان يرددها البعض ، منها أن السوق غير جاهز أو عدم وجود طلب حاليا او أرتفاع تكلفة الاستثمارات المطلوبة لاطلاق خدمات ال " 5G " والعالم والبلد فى أزمة أقتصادية او لعدم توافر اجهزة الهواتف الذكية القادرة على التعامل مع تقنيات الجيل الخامس او عدم امتلاكنا للتطبيقات والحلول التكنولوجية التى تحتاج الى تقنيات الجيل الخامس للاتصالات والانترنت .
وبالطبع مع نجاح وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بفتح هذا الملف منذ اكثر من عام ، واجراء دراسات جدوى عن مدى اهمية الجيل الخامس للاتصالات ، واتخاذ قرار استراتيجي وحازم بعدم الانتظار لاكثر من ذلك والقيام بطرح رخصة تقنيات الجيل الخامس للاتصالات ، بصرف النظر عن كل الاسباب او الحجج التى كان يتم اثارتها عن عدم جدوى ال " 5G" فان دخول مصر لعصر الثورة الصناعية الرابعة وتسريع التحول الرقمي و الشمول المالى كان يحتاج الى قفزة نوعية فى البنيه التحتية للأنترنت وتوافر خدمات الاتصالات بمستوى جودة وكفاءة كان من المستحيل اتاحتها فى الوقت الحالى والمستقبل القريب الا من خلال تقنيات الجيل الخامس للاتصالات المحمولة لاسيما من التزايد او النمو المضطرد في قاعدة المستخدمين لخدمات الاتصالات والانترنت المحمولة .
وفى هذا الاطار عقدت المصرية للاتصالات " WE " مؤتمر صحفيا للاعلان عن استراتيجيتها واهدافها من الحصول على أول رخصة تقديم خدمات الاتصالات بتقنيات ال " 5G" ، على غرار انها كانت اول من أطلقت رسميًا خدمات الهاتف المحمول في مصر فى سبتمبر 2017 ، وفى الحقيقة كان لى مجموعة التساؤلات والتى وجهتها الى المهندس محمد نصر الدين ، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي للشركة المصرية للاتصالات ، وأولها عن رؤية الشركة عن مدى ارتباط حصولها على الرخصة بامكانية دعمها لشركات التكنولوجيا الناشئه ورواد الاعمال لتطوير حلول ابتكارية جديدة قائمة على ال " 5G " اذ اكد اننا كنا امام سؤال هام " البيضة ام الفرخة" بمعنى هل تاخذ المصرية للاتصالات المبادرة لتطوير سوق الاتصالات المحلى وتوفير البنية التحتية اللازمة لتشجيع وجذب الشركات للتواجد فى السوق أم ننتظر الى ان يكون هناك احتباجات وطلب كبير فى السوق على هذه التقنيات وبعد اجراء المزيد من الدراسات حول هذه التقنيات ومراجعة العديد من التجارب العالمية كان قرار مجلس اداره الشركة ان تقوم المصرية للاتصالات بالمبادرة والقيام بدورها كلاعب استراتيجي في هذا السوق وكمشغل متكامل لخدمات الاتصالات بتوفير خدمات الجيل الخامس خلال الشهور الثلاثة القادم ووفقا للخريطة التي وضعتها الشركة لمدى توافر الطب على هذه الخدمات فى الاماكن الجغرافية على مستوى مصر .
أوضح الشركة على استعداد تام وترحب بدعوة كافة شركات التكنولوجيا المحلية والشركات الناشئه ورواد الاعمال واصحاب الافكار الابتكارية للتعاون والشراكة لتطوير تطبيقاتهم وافكارهم التى تعتمد على تقنيات الجيل الخامس للاتصالات في كافة المجالات الاقتصادية والخدمية والصناعية وسنقدم كافة التسهيلات والدعم الفنى المطلوب منا لتطوير هذه التطبيقات واتاحتها فى السوق المصري.
وردا على سؤال " عالم رقمى " عن مدى ارتباط حصولها على رخصة ال " 5G " بالتحول الى مشغل ومطور تكنولوجى اقليمى اكد نصر اننا بالفعل كنا اول شركة اتصالات تحولت الى مشغل متكامل لخدمات الاتصالات والانترنت والان لدينا بالفعل رؤية متكاملة للتحول الى مطور تكنولوجي ليس على مستوى السوق المصرى فقط ولكن على المستوى الإقليمي من خلال ابرام العديد من الاتفاقيات مع العديد من المشغلين فى منطقة الشرق الاوسط وافريقيا واوروبا للتوسع في تقديم خدمات كوابل الالياف الضوئيه البحرية والمساهمة فى اتاحة خدمات الانترنت بسرعات عالية فى العديد من الأسواق ، حيث تمثل عوائد هذا القطاع نحو 45 % من اجمالى العوائد السنوية للمصرية للاتصالات ، موضحا فى مجال الحلول التكنولوجية الجديدة نحن نتعاون بالفعل مع العديد من شركات التكنولوجيا وندرس كيفية تعزيز اوجه الشراكة معها سواء من خلال تعزيز الاستثمار بها او الاستحواذ عليها او حتى تقديم الدعم الفني والمالى لها لتطوير حلولها التى تعتمد على تقنيات المصرية للاتصالات على غرار ما يحدث من قيام المصرية للاتصالات بالشراكة مع الكثير من كبرى شركات تطوير العقارات فى مصر لاتاحة افضل خدمات الاتصالات المتكاملة لعلائهم .
وردا على سؤال " عالم رقمي " حول مدى انعكاس تقديم خدمات الاتصالات الجيل الخامس بدعم الشركة بمفهوم التنمية المستدامة والتحول عن الطاقة المتجددة قال العضو المنتدب والرئيس التنفيذي للشركة المصرية للاتصالات اننا بالفعل ندرك مدى اهمية تبنى مفهوم التنمية المستدامة بوصفه احد أهم أهدف التنمية التى حددتها رؤية الدولة المصرية 2030 وضرورة الاعتماد على حلول الطاقة المتجددة لتلبية احتياجاتنا لتشغيل البنية التحتية الخاصة بالمصرية للاتصالات والتى تحتاج بالتأكيد الى الطاقة لذلك فاننا لدينا استراتيجية مستقبلية للتوسع فى تبنى حلول الطاقة المتجددة لتشغيل محطات المحمول المتوافرة لدينا كذلك تعزيز مفهوم المشاركة فى ابراج محطات المحمول ، مع باقة المشغلين ، وبالتأكيد فانه مع تخصيص المصرية للاتصالات لاستثمارات مالية جديدة لتطوير العديد من محطاتها ، سواء على مستوى السوفت وير او الهارد وير ، فاننا نتوقع ان يشمل هذا تبنى حلول الطاقة المتجددة .
وردا على سؤال " عالم رقمي " حول مدى احتياج العملاء الى تغيير السيم كارت للاستفادة من خدمات الجيل الخامس للاتصالات اكد المهندس محمد نصر لن يحتاج عملائنا الحاليين ، 12.5 مليون عميل ، او المستقبليين لخدمات الاتصالات والانترنت المحمولة لاجراء اى تعديل فى السيم كارت الموجود بالفعل لديهم حاليا ويستخدمونه موضحا ان الشركة اجرت بالفعل تجارب لتشغيل الخدمة فى 5 اماكن جغرافية مختلفة للتاكد من كفاءة تشغيل خدمات ال " 5G " وذلك بدون قيام المستخدمين باجراء اى تعديل ولكن بشرط ان يكون لديهم جهاز تليفون زكى قادر على التعامل مع هذه التقنيات مشيرا ان هناك 8 % من اجهزه الهواتف المستخدمة في مصر قادرة على الاستفادة من تقنيات الجيل الخامس ومن المتوقع ان تتزايد وتتضاعف هذه النسبة خاصة مع قيام العديد من مصنعى الهواتف الذكية بتصنيعها فى مصر لاسيما وأن اضافة تقنيات الجيل الخامس يالهواتف الذكية ليست مرتفعة التكلفة ، على مستوى الهارد وير ، كذلك فان اتاحة تقنيات " 5G " سيشجع تلك المصانع عن انتاج واتاحة هواتف باسعار تنافسية للمستخدمين .
وردا على سؤال " عالم رقمى " عن الجدول الزمنى لتطوير المحطات التابعة للمصرية للاتصالات لتكون قادة على التعامل مع تقنيات الجيل الخامس قال وفقا للداسات الفنية التى اجراتها الشركة فانه سيتم اتاحة الخدمة خلال الشهور الثلاثة القادمة فى بعض الاماكن الجغرافية التى سيقع عليها الاختبار وفقا لمدى توافر الاحتياج فيها لخدمات الجيل الخامس سواء من حيث عدد المستخدمين او نوعية وفئة المستخدمين، افراد او مؤسسات خاصة أو حكومية، ومن الصعب حاليا الحديث بدقة عن اماكن اتاحة الخدمة فالامر يحتاج الى مزيد من الدراسة.
ولعله من المهم الاشارة الى انه وفقا لاحصائيات الاتحاد الدولى للاتصالات فانه رغم التراجع فى معدلات نمو جميع الاقتصاديات على مستوى العالم الا أنه من المتوقع أن تقوم كافة الشركات المشغّلة للاتصالات المحمولة في دول منطقة الشرق الاوسط بإطلاق تقنيات الجيل الخامس لشبكات الاتصالات المحمولة بشكل تجاري ابتداءً من عام 2024، مما يؤدي إلى خلق خدمات جديدة مبتكرة في أنحاء المنطقة وتحفيز النمو المستقبلي. وبحلول عام 2025، ستشكل شبكات الجيل الخامس نسبة 16 % من مجموع الاتصالات في هذه الأسواق.
أظهرت بيانات الرابطة الدولية لمشغلي الهواتف المحمولة، أن قاعدة اشتراكات خدمة الجيل الخامس حول العالم، وصلت إلى أكثر من 1.2 مليار اشتراك مع نهاية العام الماضي، وهو رقم قياسي عند مقارنة عمر وتواجد الخدمة في العالم منذ 4 سنوات ونصف فقط ومن ثمة من المتوقع ان تشهد "تقنية الجيل الخامس" توسعا ونموا كبيرين خلال الفترة المقبلة في ظل إطلاق شبكات جيل خامس جديدة وانتشار الخدمة وزيادة عدد اشتراكاتها.
وستشهد أسواق الاتصالات المحمولة نموا مطردا بعدد مستخدمي واشتراكات الجيل الخامس ففي الوقت الذي احتاجت فيه تقنية الجيل الثالث اكثر من 10 سنوات للوصول الى مليار اشتراك والجيل الرابع الى حوالي 8 سنوات فإن الجيل الخامس وصل إلى أكثر من مليار اشتراك بعد 5 سنوات من اطلاقه اذ من المتوقع ان يتجاوز عدد المشتركين بالجيل الخامس حاجز المليارين في 2025 والخمسة مليارات في 2030 كذلك من المتوقع أن يكون حوالي نصف الاشتراكات في العالم العربي اشتراكات جيل خامس في 2030 فيما ستصل النسبة الى اكثر من 90 % في اميركا الشمالية .
فى اعتقادى ايضا أن دخول خدمات الجيل الخامس سيسهم في تغيير كبير باستخدام الإنترنت والبيانات كما انه سيساهم في دعم الإبداع والابتكار في الاعتماد على الخدمة وسرعاتها العالية لإنتاج تطبيقات هامة لكافة القطاعات الاقتصادية ولعملية التحول الرقمي.
كذلك من المهم الاشارة الى انه بفضل الدعم الحكومي الإستباقي، سارعت الشركات المشغّلة للاتصالات المحمولة، وبخاصة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، لوضع الأسس للريادة العالمية في نشر تقنية الجيل الخامس والانتقال بسرعة من مرحلة التجارب إلى الترويج التجاري المبكر و في حين يشجعنا هذا التقدم ،الذي أحرزته حكومات المنطقة حتى الآن، من الضروري أن تقوم هذه الحكومات بإنشاء بيئة تنظيمية تتيح لشبكات الجيل الخامس بالازدهار بما في ذلك إطلاق الطيف الترددي الكافي، بحيث تتمكن الشركات والمواطنين من الاستمتاع بشكل كامل من الخدمات الجديدة المبتكرة التي ستقدمها شبكات الجيل الخامس، فضلاً عن الفوائد الاجتماعية الاقتصادية المرتبطة بها".
ويؤكد الخبراء ان الصناعات ستقود ثورة الجيل الخامس ومن القطاعات الصناعية التى من المرجح أن تكون من أوائل المتبنين لشبكة الجيل الخامس ، وهي الرعاية الصحية والسيارات كما ان تطور تطبيقات الجيل الخامس سيؤدى الى تزايد الاعتماد عليها في قطاعات التصنيع والطاقة والنفط والغاز والتعدين والأعمال الزراعية والبنية التحتية خاصة ان أهم ما يميز تقنيات الجيل الخامس للمحمول هو السرعة الكبيرة جدا فى نقل البيانات مما يفتح الباب على مصراعية للحديث عن تواصل الالات مع بعضها بصورة " أون لاين" وهو ما يعرف بتقنيات التصنيع الذكى والاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي وانترنت الاشياء والحوسبة السحابية و البيانات الضخمة وتحليل البيانات وعلوم الرويوتات وكل هذه التقنيات تحتاج الى سرعات عالية لنقل البيانات لضمان سير العملية الانتاجية وتجسيد عملية التصنيع بالمؤسسات الصناعية
ومن ناحية أخري كشف تقرير " فيتش " ان تقنيات الجيل الخامس بمثابة تطور أولاً ، ثم ثورة ، مع قطاع المؤسسات الصناعية المستخدم الرئيسي للتكنولوجيا " PDE " اذ أطلقت 98 دولة هذه التكنولوجيا حتى الآن ، لكن العديد من الأسواق الناشئة لن ترى خدمات"5G " الا بعد عام 2025 ، مع استمرار " 4G" في لعب دور رئيسي خلال هذا العقد ، ويؤكد التقرير ان قطاع الصناعات سيقود الثورة نحو مزيد من الاعتماد على تقنيات" 5G " وعلى مشغلي التركيز على التكاليف والمزادات الطيف التي تم تأخيرها، وهذا يعني أن الشبكات التجارية ستنطلق في وقت لاحق مما كان متوقعا.
وبالطبع مع تنبى الحكومة المصرية لحلول التحول الرقمى لتطوير الدولة المصرية بصورة عامة مع تحديد التصنيع كركيزة أساسية لاستراتيجية التحول الاقتصادي فى مصر فانها تسعى لتوفير تكنولوجيا رقمية وميكنة على مستوى عالمى لرفع معايير الجودة للتصنيع المصرى ورفع مهارات القوى العاملة الصناعية بالاقتصاد المصري والا نكرر تجربة الفرص الضائعة مع اطلاق الجيل الرابع للاتصالات " 4G " .
فى النهاية نؤكد أنه مع تزايد اهتمام الحكومة المصرية بتنمية القدرات التنافسية للصناعة المصرية ومع تزايد اعتماد قطاع الصناعة المحلى على تقنيات الثورة الصناعية، القائمة على توظيف الذكاء الاصطناعي، سيقود ذلك حتما الى تسريع خروج شبكات الجيل الخامس للمحمول " 5G" للنور خاصة وإننا لا نمتلك تقنيات بديلة يمكن الاستناد عليها لانتقال ومواكبة الصناعة المحلية لمفهوم التصنيع الذكي.