الذكاء الإصطناعي..ومواجهة نمو الطلب على الطاقة

  • بقلم : خالد حسن

     

    باتت تشكل أزمة " تغير المناخ " التهديد الوجودي " للبشرية كلها لاسيما مع وصول مستويات الغازات الدفئيه الي مستويات قياسية وغير مسبوقه الامر الذى يفتح الباب على مصراعية على كيفية الحفاظ على النظام البيئي والتنمية الخضراء خلال العقد الحالى بالتعاون بين مختلف دول العالم ولاسيما الدول الكبري المسؤوله عن تزايد الغازات الدفيئه الملوثة للطبيعة والقيام بواجبها لحماية البيئة والتوجه لدعم مصادر الطاقة النظيفة .

    ومع مواجهة غالبية دول العالم لموجة ارتفاع درجات الحرارة ، بصورة غير مسبوقة ، سواء بسبب ظاهرة إل " نينو  " ، وهي تغير دوري غير منتظم في الرياح ودرجات الحرارة في المحيط الهادئ الاستوائي الشرقي تؤثر على المناخ في الكثير من المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية وتؤدي إلى زيادة في درجة حرارة البحر، فاننا لا يمكن أن ننكر أننا نعانى منذ سنوات من ارتفاع في درجات متوسط درجة الحرارة العالمي بسبب النشاط الصنىاعي و تزايد الاعتماد الوقود الاحفوري الملوث للبيئة والمؤدي لظاهرة الاحتباس الحراري .

     

    وفى هذا الاطار كشفت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي ، في أعقاب مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين (كوب-29) الذي عُقد مؤخراً في باكو في أذربيجان،  انه مسألتا التغيّر المناخي والاستدامة ما زالتا محط اهتمام عالمي.

    الا أن الذكاء الاصطناعي يُبشر بحلول من شأنها أن تخفف من التحديات التي يطرحها التغيّر المناخي، رغم استهلاكه لكميات كبيرة من الطاقة.

    من هذا المنطلق، سلطت الجامعة الضوء على عدّة طرق يمكن للذكاء الاصطناعي من خلالها المساعدة في تعزيز الاستدامة والتخفيف من أبرز الآثار الناجمة عن التغيّر المناخي، إلى جانب تعزيز كفاءة الذكاء الاصطناعي وفعاليته والحد من كمية الطاقة التي يستهلكها وأولها " الحد من استهلاك الذكاء الاصطناعي للطاقة " حيث يستهلك الذكاء الاصطناعي كميات هائلة من الطاقة، مما يؤدي إلى ارتفاع الطلب عليها ويطرح تحديات كبيرة أمام مراكز البيانات التي تسعى إلى تلبية احتياجاتها من الطاقة.

    وبيّنت تقديرات أبحاث "جولدمان ساكس" أن الطلب على الطاقة في مراكز البيانات سيشهد نمواً مطرداً بنسبة 160% بحلول العام 2030 ولمعالجة هذه المشكلة، أطلقت الجامعة العديد من المبادرات والمشاريع البحثية، إلى جانب تركيزها على مجالات ذات صلة، مثل تصميم الأجهزة والبرمجيات.

    كما سلطت الجامعة الضوء، بناءً على أبحاثها في هذا المجال، على أهمية تحسين كفاءة هيكليات الحوسبة التقليدية، مثل وحدات معالجة الرسومات ووحدات معالجة تينسر. كذلك يسعى فريق من الباحثين في الجامعة لإيجاد الطرق المناسبة للحد من الهدر ونشر الموارد بكفاءة أكبر في الطبقات العليا، وتحقيق الاستدامة في عملية تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي وتطبيقها كما عملت على تطوير نظام تشغيل الذكاء الاصطناعي الخاص بها بهدف تقليص استهلاك الطاقة والبصمة الكربونية وخفض تكلفة إنشاء نماذج وتطبيقات الذكاء الاصطناعي واعتمادها.

     

    اما الالية الثانية فتركز على " حماية الغابات والموائل الطبيعية في العالم بواسطة الذكاء الاصطناعي " حيث شهدت الأراضي المغطاة بالأشجار تراجعاً بحوالي 488 مليون هكتار من مساحتها بين عامي 2001 و2023، أي بنسبة 12% منذ العام 2000 تواجه السلطات، لا سيما في الدول التي تمتد على مساحات واسعة مثل الهند والبرازيل، تحديات تكمن في مراقبة الغطاء الشجري لاكتشاف الممارسات غير القانونية لقطع الأشجار أو تمهيد الأراضي وإزالة الغطاء النباتي منها. من هذا المنطلق، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في مراقبة الأراضي باستخدام الرؤية الحاسوبية وتكنولوجيا التعرف عليها،  مما يتيح تقييمها بسرعة ودقة والإبلاغ عن كيفية استخدام الأراضي ولحل هذه المشكلة، طوّرت الجامعة أداة جيوتشات+ (GeoChat+) التي تهدف إلى تعزيز الاستدامة والتنمية والتخطيط باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي.

    ويتيح هذا الحل، الذي يُعتبر أول نموذج لغوي-بصري كبير Large Vision Language Model (LVLM) مصمم خصيصاً لحالات الاستشعار عن بُعد، والتحديد الدقيق للمناطق الجغرافية التي تظهر في صور الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار. كما يساهم في إنجاز العديد من المهام، مثل المسح الكمي والتحقق من حجم المباني والمجمعات وتفاصيلها وتقييم الأضرار التي لحقت بالممتلكات جراء الكوارث أو غيرها من الأحداث.

     

    والالية الثالث هى " توزيع الطاقة بكفاءة " ففي قطاع الطاقة، يعمل الذكاء الاصطناعي على تحسين العمليات وزيادة الكفاءة وتعزيز الاستدامة.

    ويتسم هذا الدور بأهمية كبرى لاسيما مع طرح المزيد من مصادر الطاقة المتنوعة، بما في ذلك الطاقة الشمسية على أسطح المنازل ومصادر الطاقة المتجددة على مستوى المرافق. في الوقت نفسه، تحرص الحكومات على تشجيع المستهلكين والشركات على التمعن في طريقة استهلاك الطاقة، وذلك للحد من الطلب المرتفع والمساعدة في توفير شبكة ثابتة تمد الجميع بالطاقة حيث قام فريق في الجامعة بتطوير حلول الذكاء الاصطناعي لشبكات الطاقة الذكية من خلال استخدام تقنية تُعرف بالتعلّم الموحد لتدريب نموذج تعلّم الآلة، مما يتيح لها تحديد أنماط  استخدام ملايين السكان للطاقة وفهمها، من دون المساس بخصوصية البيانات، الأمر الذي يسمح بدوره لمزودي الطاقة بتوزيع الطاقة بكفاءة وموثوقية أكبر.

     

    على حين ركزت الالية الرابعة هلى " الزراعة والأمن الغذائي " حيث باتت أزمة التغيّر المناخي تؤثر اليوم أكثر من أي وقت مضى على قطاع الزراعة، إذ تسببت بموجات جفاف وموجات حر وأمطار غزيرة أدت إلى إتلاف المحاصيل وتراجعها.

     

    لمواجهة هذه المشكلة، يمكن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لزيادة المحاصيل وتعزيز الأمن الغذائي وتحسين الموارد المستخدمة في الزراعة.

    كما يمكن للطائرات بدون طيار، المزودة بأجهزة استشعار تعمل بالذكاء الاصطناعي، مراقبة المحاصيل واكتشاف الأمراض التي تعاني منها ونقص المغذيات فيها في مرحلة مبكرة، مما يتيح التدخل المبكر لمعالجتها. أما خوارزميات تعلّم الآلة فقد ساهمت في تحليل أنماط الطقس وبيانات التربة لتوفير بيانات حول الزراعة الدقيقة.

    كما تمكّنت الروبوتات المزودة بالذكاء الاصطناعي من مساعدة المزارعين في مراقبة محاصيلهم وحمايتها ونقل المنتجات والأدوات التي يستخدمونها في المزارع.

    وتشكّل هذه المجالات محط اهتمام قسم علم الروبوتات في الجامعة ، وتسليط الضوء على التأثير المحتمل للروبوتات على قطاع الزراعة، مبيناً استخدامات الذكاء الاصطناعي في قطاع الزراعة والتي تمتد من المسح الميداني للأراضي للزراعة وصولاً إلى تقدير عدد المحاصيل التي من المحتمل حصادها في موسم معيّن. بالتالي، تساهم الروبوتات المستخدمة في تنفيذ عمليات مسح الحقول، في خفض أعداد العمّال والتكاليف المترتبة عن ذلك.

    والالية الأخيرة تدور حول " التخفيف من آثار ارتفاع درجة الحرارة حول العالم " ففيما يؤدي التغيّر المناخي إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل متزايد في مختلف أصقاع العالم، بات من الضروري أن يعمل مخططو المدن والبلديات على إيجاد طرق لخفض درجات الحرارة، لاسيما في المدن الكبيرة ذات الكثافة السكانية العالية، والتي يمكن أن تتحول بسهولة إلى مراكز لتجمع الحرارة، مما يجعلها غير صالحة للعيش خلال موجات الحر الشديد وإدراكاً منها لدور الذكاء الاصطناعي في التخفيف من هذه الآثار، تعمل الجامعة ، بالتعاون مع شركة "آي بي إم"، على إيجاد حلول مدعومة بالذكاء الاصطناعي للكشف عن الجزر الحرارية الحضرية، وهي مناطق داخل المدن تشهد درجات حرارة أعلى بكثير من البيئات الريفية أو الطبيعية المحيطة بها. ومن خلال الكشف عن هذه المناطق وتحليلها، سيساعد هذا الحل مخططي المدن والبلديات والسكان على التخفيف من أبرز التداعيات الناجمة عن الجزر الحرارية، مما يجعل بيئة المدن أكثر ملاءمة للعيش لاسيما في ظل الظروف المناخية غير المتوقعة.

    فى اعتقادي ان تقنيات " AI " ، والتى تعد بمثابة حجر الاساس للثورة المعلوماتية الرابعة التى نعيشها حاليا ، يمكن ان تفتح الباب امام شركات التكنولوجيا الناشئه لتطوير مجموعة من الحلول والتطبيقات الابتكارية التى تساعد المجتمع على المشاركة بفاعلية فى مكافحة ظاهرة التغير المناخي وهو ما ما يمكن ان نطلق عليها حلول المدن الذكية او النظيفة والتى تعتمد بصورة اساسية على توظيف التكنولوجيا بصورة مثلي من اجل ترشيد استخدام الموارد " مياه ، كهرباء ، غاز ، وقود احفوري ..."  والاعتماد علي موارد الطاقة المتجددة النظيفة.

    فى تصورى أننا نحتاج الى تحفير الشركات الناشئه المتخصصة فى مجال تطور حلول لمواجهة التغيرات المناخية ، من خلال مسابقات محلية ودولية أو ضخ تمويل اضافى ومزيد من تنسيق التعاون بين المراكز البحثية بالجامعات  ، لتكون بداية لتحفيز شركات التكنولوجيا الناشئه لتسخير امكانياتها لتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي، وعلوم البيانات لتطوير التطبيقات التي تمثل أولوية بالنسبة للحفاظ على حياة البشر ، وليس التطبيقات الترفيهه ، و أبرزها التطبيقات المتعلقة بالرعاية الصحية، والزراعة، والنقل المرور بالإضافة تعزيز التعاون الثنائى والدولى بين كافة المؤسسات البحثية والتعليمية المحلية والاقليمية والعالمية ؟

    فى النهاية نؤكد أن مكافحة التغيرات المناخية والأرتفاع المستمر فى درجات الحرارة باستخدام التكنولوجيا تعد فرصة حقيقة كبيرة أمام شركات التكنولوجيا لاسيما الناشئه ، وتؤكد الحاجة لمزيد من الأفكار والشركات التي تركز على حل مشكلة لا تؤثر على مكان واحد بل على البيئة كاملة.

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن