ضبط الأسعار ومنظومة التجارة الالكترونية

  •              نبضات

    بقلم : خالد حسن 

     

    بسبب الرقمنة المتزايدة للعالم بات هناك أكثر من 33% من سكان العالم يتعاملون مع التسوق عبر الإنترنت، وأصبحت  " التجارة الإلكترونية " الآن صناعة قائمة بذاتها حيث توقعت منظمة " eMarketer  " العالمية المتخصصة فى مجال الدراسات السوقية ، ان يتجاوز حجم التجارة الالكترونية العالمية نحو  8.1 تريليون دولار للمرة الاولى بنهاية عام 2028  مقابل 5.6 تريليون دولار فى عام 2023 و نحو 6.1 تريليون دولار فى عام 2024 ، منها 2.1 تريليون دولار حجم التجارة عبر الهاتف المحمول مقابل  1.71 تريليون دولار  فى عام 2023، وهو ما يعنى تتضاعف معدلات التجارة الالكترونية العالمية خلال السنوات الخمس الماضية حيث مثل عام 2024 زيادة سنوية بنسبة 8.4% - وهو ثاني أسرع معدل نمو لمبيعات التجارة الإلكترونية العالمية في الفترة المتوقعة بين عامي 2022 و2028 وبالطبع يعود هذا النمو مدفوعًا بالعدد المتزايد من المتسوقين والشركات التي تستخدم القنوات الرقمية لشراء السلع والخدمات.

     

    ومن المتوقع أن تستمر المبيعات عبر الإنترنت في الارتفاع وأن تستحوذ على حصة أكبر من كعكة التجزئة. وفي عام 2025، من المتوقع أن ترتفع مبيعات التجارة الإلكترونية العالمية إلى 6.56 تريليون دولار، قبل إضافة 500 مليار دولار أخرى في عام 2026، إلى 7.06 تريليون دولار. وفي عام 2027، من المتوقع أن يتباطأ النمو قليلاً إلى 7.2٪، لتصل عائدات المبيعات عبر الإنترنت إلى 7.57 تريليون دولار ويمثل هذا زيادة إجمالية قدرها 57.7% ومعدل نمو سنوي متوسط قدره 7.6%.

     

    وعلى المستوى الاقليمي شهدت التجارة الالكترونية نموا بمعدلات سريعة تجاوزت 30 % سنويا فى منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ، لاسيما مع زيادة قاعدة مستخدمي الانترنت والهواتف الذكية ، ليس فقط من حيث التوسع والانتشار ولكن أيضا فى جودة المنتجات وتنوعها، فقد تحسن عدد كبير من المنتجات المباعة عبر منصات التجارة الالكترونية وأصبحت خيارات المنتجات الالكترونية كثيرة ومتاحة أمام المستهلك لتجعل من هذا السوق سوق شامل خاصة ان بعض الدراسات المتخصصة تتوقع نمو حجم قطاع التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى  28.5 مليار دولار بحلول عام 2024 مقارنة.

     

    و تشير الدراسة إن الأسواق الإلكترونية تمتلك حاليا أكثر من 2.7 مليار متسوق عبر الإنترنت فى جميع أنحاء العالم في 2024 بمعدل نمو 2.7 % مقارنة بعام 2023، وان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعد واحدة من أسرع المناطق نموًا فى التجارة الإلكترونية بنسبة نمو تبلغ 25٪، مع وجود حوالي 150 مليون مشترى رقمى فى المنطقة العربية، وأن قيمة التجارة الإلكترونية فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تُقدر بحوالى 60 إلى 70 مليار دولار حاليًا، لتُقدر تجارة التجزئة الإلكترونية العربية بحوالى 30 و35 مليار دولار.

     

    وبالطبع فان احد اهم مزايا التجارة الالكترونية ، سواء من خلال ملايين المواقع الالكترونية او الصفحات على منصات التواصل الاجتماعى المتخصصة فى بيع المنتجات والحدمات، هو اتاحة المنتجات باسعار أقل بالتأكيد من المعروضة فى الأسواق التقليدية ناهيك عن سهولة الحصول علي المنتجات ، من أى مكان ، بدون اضطرار المستوقين الى التحرك او السفر وكل ما عليهم هو الضغط على هواتفهم الذكية او اجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم لاختيار ما يريدون شرائه .

     

    وفى الحقيقة اردت الاشارة الى تزايد اهمية التجارة الالكترونية وقدرتها على اتاحة المنتجات باسعار تنافسية فى أطار حديث الدكتور مصطفى مدبولى ، رئيس مجلس الوزراء ، إلى ملف ضبط الأسعار واستقرار الأسواق، وخاصة مع قرب حلول شهر رمضان المعظم، وأن الدولة تعمل على ألا يواجه المواطن المصري أية موجات من زيادة الأسعار، مُشيراً إلى اجتماع لجنة ضبط الأسعار الأسبوع الماضي، وأنه سيتم عقد اجتماعات أخرى مع اتحاد الغرف التجارية، وجميع التجار والقطاع الخاص؛ لضمان استقرار الأسعار خلال الفترة المقبلة.

     

    كذلك يجب التنويه انه فى ظل تأكيد الدكتور شريف فاروق وزير التموين والتجارة الداخلية بتعميم تجربة أسواق اليوم الواحد بكل المحافظات لتكثيف ضخ السلع الغذائية للمواطنين، وتنظيم الشركة القابضة للصناعات الغذائية التابعة للوزارة عدد 5 أسواق اليوم الواحد فى كل من محافظات "الدقهلية وجنوب سيناء والوادي الجديد والقاهرة وكفر الشيخ " لخدمة المواطنين وتلبية احتياجاتهم حيث تشهد توسعًا مستمرًا وإقبالًا متزايدًا من المواطنين حيث توفر الأسواق السلع الأساسية والخضروات والفواكه واللحوم الطازجة والمجمدة وهنا ايضا نتوقع من الدكتور شريف فاروق وزير التموين ، والذى لديه خبرات طويلة وخليفة متميزة فى مجال التكنولوجيا والمدفوعات الرقمية ، ان يتم توظيف حلول التجارة الالكترونية لتكون احد اهم الادوات التى تعتمد عليها الدولة لمواجهة أى محاولة لرفع الاسعار من جانب بعض التجار الجشعين وذلك من خلال اطلاق الشركة القابضة للصناعات الغذائية ،التابعة للوزارة ، منصة الكترونية لعرض منتجات على جمهور اكبر بكثير ، بدلا من حصر المنظومة اليوم الواحد بعدد محدود جدا جدا من المستهلكين ومن ثمة فان تاثيرها على ضبط الاسعار يكون محدود ايضا .

     

    فى تصورى انه فى ظل جدية الدولة للتحرك بقوة لضبط الاسعار والسيطرة على معدلات التضخم وحماية المستهلك من الممارسات الاحتكارية والغير شريفة ، من جانب بعض التجار ، فانه من المهم تعزيز التعاون بين كل من وزاة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ووزارة التموين والتجارة الداخلية لاطلاق عدد من المنصات الالكترونية التابعة لوزارة التموين بحيث يكون لكل محافظة منصة الكترونية لبيع السلع الأساسية والخضروات والفواكه واللحوم الطازجة والمجمدة وأن تدخل هذه المنصات فى منافسة مشروعة مع نظيرتها من المنصات الاجنبية الحالية لتقديم هذه المنتجات باسعار تنافسية .

     

    فى اعتقادي انه مع تغير سياسات كافة " الهايبر ماركت " التى تعمل بالسوق المحلى وتركيزها على تعظيم وجنى الأرباح والمبالغة فى أسعار المنتجات والخدمات التى تقدمها للمستهلك ، بحجة ارتفاع تكاليف التشغيل والايجارات والمرتبات و.. الخ " فان منصات التجارة الالكترونية للسلع الغذائيه يمكن ان تكون الحل الامثل لاتاحة هذه المنتجات باسعارها مناسبة للمستهلكين النهائى والذى اصبح يعانى بصورة تفوق قدراتهم على تحمل مثل هذه العبث والفوضى فى أسعار كافة السلع والمنتجات والخدمات ولاسيما السلع الغذائيه .

    كذلك من المهم الاشارة أن حجم التجارة الإلكترونية فى مصر مازال لا يتجاوز 4 % تقريباً من حجم التجارة الكلى ، مقازنة بنحو 84 % فى كوريا الجنوبية ، و 66 % فى اليابان ، و42 % فى امريكا ، و32 % فى بريطانيا ، و 29 % فى فرنسا ، و42 % في استراليا و23 % فى اسبانيا ونحو  17 % فى الصين ومن ثمة فمازالت هناك فرص كبيرة ومتنوعة لتحقيق طفرة نوعية فى التجارة الالكترونية 

     ايضا على كافة المؤسسات التجارية ، كبيرة او متوسطة او صغيرة ، ان تبدأ الان فى تنفيذ استراتيجية التحول الرقمي والجمع بين اساليب التجارة التقليدية والتجارة الالكترونية استعدادا للتحول المتوقع فى عمليات الشراء واعتماد المستهلكين على منصات وتطبيقات التجارة الالكترونية اذا كانت جادة فى الحافظ على مكانتها فى السوق والعمل على تنمية حجم أعمالها فى ظل ما يعرف بالاقتصاد الرقمي وتوفير آلية رقمية وتجربة ابتكارية للتواصل مع عملائها.

    وأخيرا فاننا نؤكد ان التجارة الالكترونية هى مستقبل الاقتصاد العالمي وان المنافسة في السوق المصرية ليست بالسهلة على الإطلاق، فالمستهلك على قدر كبير من الوعي ويحتاج إلى جهد متواصل لتوفير توقعاته حيّال الجودة وسرعة التوصيل والأسعار المميزة بجاب تنظيم  وتقنين كافة مراحل وخطوات عملية التجارة الالكترونية .

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن