جيتكس دبى... ووضع مصر على الخريطة الخليجية

  •  

     بقلم : خالد حسن

    باتت التكنولوجيا وثورة الاتصالات تشكل جزءًا مهمًا من حياتنا اليومية وتلعب دوراً في تشكيل المجتمعات وتحفيز الانسان للابتكار للمستقبل ناهيك عن دورها الاستراتيجى كقاطرة لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية لمجتمعاتنا العربية لمواكبة التغيرات العالمية وتوفير بيئه جاذبه للعمل والاستثمار واحتضان العقول العربية ومن هنا ياتى اهتمام الحكومات العربية بدعم وتوطين صناعة تكنولوجيا المعلومات كواحدة من اهم الصناعات التى سترسم مستقبلنا وما اذا كنا قادرين على الانتقال من صفوف الدول المستهلكه للتكنولوجيا الى صفوف الدول المنتجه والمصدرة لها .

    وفى الحقيقة تعد قضية فتح أسواق جديدة لصناعة التكنولوجيا والبرمجيات المصرية هى القضية الرئيسية التى تشغل حيز كبير من تفكير الكثير من شركات البرمجيات المحلية وكذلك الكيانات الحكومية المعنية بتنمية وتطوير هذه الصناعة اعتمادا على ما نمتلكه من مقومات وإمكانيات .

    ولعله من المهم أن نتفق على أن قضية زيادة وتشجيع صادراتنا التكنولوجية ، والتى تبلغ حاليا 3.5 مليار دولار ، لن تحدث بين يوم وليلة ولن يقوم بها أحد نيابة عن شركات البرمجيات المصرية ولن نستطيع فى ظل المنافسة الدولية الشديدة تصدير اى برنامج أو تطبيق لا يراعى المواصفات والمعايير الدولية فى هذا المجال كذلك من الضرورى التأكيد على أهمية دور المعارض الدولية المتخصصة فى فتح أسواق جديدة لصناعة البرمجيات المصرية.

    واذا كنت لست مع المتشائمين  الذين يرون أن الأمور كلها سيئة وأن الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها العديد من الدول العربية ، ومنها وطننا مصر  ، يمكن ان نتجاوزها عبر تنظيم الادارة بل على العكس فرب ضارة نافعة إذا عادة ما تلعب مثل هذه الأزمات دور الكشاف الذين يتيح لنا التميز بين الغث والثمين وبين من لديه رؤية وإستراتيجية مستقبلية يسعى لتحقيقها وبين من يلهث وراء ضربة حظ او الفرص العابرة ناهيك عن هذه الازمات تجعلك تفكر جيدا فى كيفية الاستغلال الامثل لكافة مواردك المتاحة .

    وتأتى الدورة الثامنة والثلاثون ل" أسبوع جيتكس دبى للتقنية 2018 " فى ظروف ، أرها أنها أفضل بكثير من عدة دورات سابقة ،لاسبما مع ثبات سعر البترول ، إذ تشير التقارير العالمية إلى أنه وبالرغم من التحديات الاقتصادية الحالية، فإن سوق تكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط وافريقيا تمكن من تسجيل معدلات نمو تجاوت 3.5 % وهى أعلى من أسواق رئيسية أخرى ،بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا الغربية واليابان ، اذ تتجاوز قيمة الإنفاق على تكنولوجيا والاتصالات بالمنطقة حاجز الـ 155 مليار دولار خلال عام 2018 ، وفقا لتوقعات تقرير مؤسسة الابحاث"  جارتنر" العالمية للابحاث ، على حين بلغ حجم الانفاق لدول الخليج اكثر من نحو 60 مليار دولار ومن هنا تأتى اهمية هذا السوق .

    ولعل مثل هذه التقارير تدلل بقوة على الفرص المتنوعة التى مازالت تذخر بها منطقة الخليج فى جميع القطاعات وبصفة خاصة قطاع التكنولوجبا والاتصالات وان علينا استغلال ما لدينا من مقومات وامكانيات لتحقيق قفزات نوعية وكمية نحو مستقبل أفضل فى تعميق مفهوم الشراكة والتعاون التكنولوجى المصرى – الخليجى .

    وإذا كنا نتفق جميعا على أن "جيتكس" بات أكبر تجمع اقليمى للعاملين في قطاع المعلومات والاتصالات ، ومنصة مهمة توفر لنا فرصاً ممتازة للتفاعل مع العملاء وبناء وتعزيز العلاقات أكثر مع العملاء الحاليين وغيرهم من شركاء الأعمال الجدد أيضاً فان علينا أن نتساءل كيف يمكن أن يمثل المعرض فرص لكثير من الشركات المصرية العاملة بمحال التكنولوجيا والاتصالات سواء العارضة او الزائره ،لاسيما مع وجود الدعم الحكومى والسياسى ،وفى ظل الدعم المالى للمشاركة المصرية بالمعرض من قبل هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات "ايتيدا" ، للوقوف على احتياجات سوق المعلومات الخليجى من حلول تقنية وكيفية التواجد بهذا السوق ، سواء بصورة جماعية او فردية ، خاصة وأننا كل عام نسمع عن مقترحات واليات للتواجد المصرى بهذا السوق ما تلبث أن تذهب ادراج الرياح ويبقى فقط التحرك الفردى والمجهود الذاتى المعتاد من بعض الشركات . 

    فى تصورى التوقيت الزمنى ل "جيتكس دبى " ، مع نهاية العام وحدوث الاستقرار السياسى والاجتماعى وبوادر انفراج الأزمة الاقتصادية فى مصر ،يمكن أن يكون عنصر ايجابيا للشركات المصرية للمعلومات ليلتقى الأطراف الجادة للبحث عن إقامة علاقات شراكة " مصرية – خليجية " وكيفية المساهمة في رسم ملامح الاستثمار الناجح في قطاع التكنولوجيا العربى فالجميع فى حاجة ماسة الأن لمعرفة المعلومات الصحيحة التى تساعده على اتخاذ قرارات سليمة بعيدا عن مفهوم المجازفة والمخاطرة غير المحسوبة خاصة مع امتلاك غالبية دول  المنطقة لاستراتيجية للتوجه نحو ما يعرف بالاقتصاد الرقمى القائم على المعرفة والتكنولوجيا .

    فى اعتقادى من المهم التفكير فى شكل جديد للمشاركة المصرية بالمعرض وتحديد الأهداف المرجوة منها فالجميع لديه القناعة بان الجناح المصرى بالمعرض ، ككيان هيكلى فخم يعد من أكبر الأجنحة ويضم مجموعة من الشركات ، تناهر 32 شركة تقريبا ،  لا يكفى فقط لوضع مصر على خريطة التكنولوجيا العالمية والتعبير عن التطورات التى شهدتها هذه الصناعة على مدار السنوات الماضية وإنما لابد من وجود مجموعة العوامل المساعدة وأجندة محددة بصورة مسبقة لما نريد تحقيقه وتوجيه الدعوات للزوار ومتخذى القرار فى مؤسسات الاعمال والتكنولوجيا وهو ما تفتقده المشاركة المصرية فلا أحد يعلم ما هى أجندتنا الوطنية المسبقة للمعرض ونوعية المنتجات التى سيتم عرضها ، اللهم باستثناء المنظمين والمشاركين ، أم الزوار ووسائل الإعلام  فعليهم التخمين !

    لا نريد أن نعمم أو نصدر أحكاما ولكن ما نريد التأكيد عليه أن منطقة الشرق الأوسط شهدت حركة نمو قوية فى مجال التنمية التكنولوجية نتيجة الاستثمارات الحكومية الكبيرة فى هذا المجال بالإضافة لنمو الطلب الاستهلاكى للمستخدمين وعلى شركات تكنولوجيا العمل على استمرار هذه النمو بأسس سليمة تؤدى تحقيق مصلحة جميع الأطرف المعنية ، المستخدمين وشركات التكنولوجيا والجهات حكومية ، أخذين فى الاعتبار للمتغيرات التى شهدتها الأسواق العالمية للتكنولوجيا ورغبتنا فى التحول من مجرد مستخدمين للتكنولوجيا إلى مرحلة منتجين ومساهمين فى عملية الإبداع العالمى للتقنية .

    سنظل نردد ، بصورة متكررة سنويا ، اننا  نتطلع كذلك من خلال التواجد الرسمى المصرى ان نتوصل لاليات واضحة ومحددة تتيح لشركات التكنولوجيا المصرية التواجد بقوة فى سوق الحليج عبر فتح مكاتب مصرية بدول الخليج مهمتها الترويج لحلول التكنولوحيا التى نطورها ، حيث كان هناك محاولة لجميعة "اتصال " منذ ثلاث اعوام لا نعرف مصيرها الان ، وكذلك البحث عن الفرص التى يمكن للشركات التكنولوجيا المصرية المشاركة بها بالسوق الخليجى ، سواء فى القطاع الحكومى او القطاع الخاص ، وكذلك العمل على جذب استثمارات مالية خلجية لاقامة مشروعات تكنولوجية فى مصر ، وخاصة بالمناطق التكنولوجية الاربعة التى تم اقامتها بالفعل فى برج العرب واسيوط وبنى سويف والسادات ، بجانب التخطيط للتوسع فى عدد من المحافظات الاخرى ، والاستفادة من توافر الكثير من الامكانيات والكوادر والطلب الكبير الذى يمثله السوق المصرى كبوابه للتواجد بالسوق الافريقى .

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن