بقلم : خالد حسن
آلو صباح الخير معاك ... للجمعية ... الخيرية ....شكرا
آلو صباح الخير معاك ...لبيع الوحدات العقارية ...شكرا
آلو صباح الخير معاك..لمستشفى ...للأمراض ... شكرا
آلو معاك ....لتقديم خدمات بوالص التأمين ... شكرا
آلو معاك ... لتقديم القروض البنكية ... شكرا
آلو معاك ... لبيع عروض التيم شير ...شكرا
غير الرسائل القصيرة التي تصلك أيضا للترويج للخدمات أو المنتجات أو المسابقات
وهكذا يمكنك أن تستقبل يوميا 10 مكالمات ، ومثلها رسائل قصيرة ، كلها تستهدف بيع إحدى السلع أو الخدمات لك وعليك أن تعتذر بأسلوب مهذب ، لمحدثك من الشباب الذين يحاولون جاهدين إقناعك بأسرع وقت وبأي وسيلة لاستكمال المكالمة واتخاذ قرار الشراء معهم أو على الأقل تحديد موعد للمقابلة ، ومع خالص تقديرنا واحترامنا لهؤلاء الشباب إلا أن السؤال الأهم من أين تأتي الشركات بأرقام الهاتف الخاصة بنا مصحوبة بالاسم ؟!
فمن المسئول عن تسريب بيانات العملاء؟ هل تتم سرقة قواعد البيانات الخاصة بمشغلي المحمول ؟ أم يتم بيع هذه البيانات من قبل شبكات التواصل الاجتماعي العالمية ؟ أم يتم تسريبها من المواقع الإلكترونية التي تطلب هذه البيانات ؟ وهل هناك عصابات متخصصة في مجال سرقة بيانات العملاء وإعادة بيعها لمن يدفع ؟
وبالفعل بات التسويق عبر مكالمات الهواتف المحمولة يشكل إزعاجا حقيقيا للمستخدمين ، لاسيما ممن لديهم اشتراك شهري ، حيث إنك يوميا تتلقى العديد من المكالمات الهاتفية بواقع أكثر من 10 مكالمات هاتفية تقريبا على مدار اليوم وفي أي وقت ، على هاتفك المحمول الشخصي ، لشركات تقوم بالتسويق لمنتجاتها بداية من خدمات تقسيط للأجهزة الكهربائية وخدمات العروض السياحية وصولا للخدمات البنكية والأعجب أنك تعتذر بهدوء وتؤكد للمتصل أنك لا تحتاج إلى هذه الخدمة ولكنك تفاجأ بعد مرور يومين أو ثلاثة بمتصل آخر من نفس الشركة يعرض عليك نفس الخدمة !!
حتى لو أنك قمت باستخدام بعض تطبيقات المحمول في حجب الأرقام التي يتم الاتصال منها بك ، للترويج ، تفاجأ بخطوط وأرقام هواتف جديدة للتسويق لنفس السلعة !! وكأنه تسويق بالإكراه .
جميعنا نتفق على أن أحد أهم سمات عصر المعلومات هو إلغاء الحواجز وإطلاق شعار العالم قرية صغيرة ولا خلاف في أن كلا من الإنترنت والتليفون المحمول أصبح الآن أحد الآليات الأساسية لتحقيق هذا الشعار .
ولكن يجب ألا ننسى أن تلك الآليات تميز في المقام الأول بكونها شخصية بمعنى أنها تتمتع بقدر عال من الخصوصية لمستخدمها ولا يحق لأحد " كائنا من كان " أن يستخدم تلك الآليات لصالح تحقيق بعض الأهداف مستخدما ما لديه من قواعد البيانات الخاصة بالمشتركين " سواء بالإنترنت أو المحمول " حيث أصبحت ظاهرة قيام بعض الشركات بالترويج لمنتجاتها أو خدماتها عبر البريد الإلكتروني أو التليفون المحمول رغم كونها ظاهرة صحية تكشف عن تزايد الوعي التكنولوجي بطرق كثيرة إلا أنها تتطلب في نفس الوقت وقفة تنظيمية جادة حتى لا تكون مثل الدب الذي قتل صاحبه، وتأتي بنتائج عكسية على الجميع .
فإذا كانت تلك الشركات ترى أن التليفون المحمول هو وسيلة مثلى بالنسبة لها للوصول إلى العميل بشكل مباشر " في أي وقت " فإن ذلك ربما لا يناسب أغلب مستخدمي المحمول وعادة تختار هذه الشركات الترويجية من يتصلون به خاصة المشتركين ذوي القوة الشرائية العالية وعند سؤالك كيف حصلت تلك الشركات على الرقم الخاص بك لا تجد إجابة مفهومة أو منطقية وتشعر أن هناك من يراقبك ويعرف عنك اكثر مما تريد أنت أن تقوله، وهنا تكمن المشكلة .
إذ إنه من المتصور أنه لا يحق لأي جهة أن تستغل قواعد البيانات الخاصة بمشتركيها دون الرجوع للمشترك نفسه حتى ولو كان الهدف هو تقديم بعض العروض الترويجية ونفس الموضوع نجده نسخة طبق الأصل ولكن بصورة مختلفة على الإنترنت فما أن تقوم بالتسجيل فى أحد المواقع على شبكة الإنترنت وفي بعض الأحيان دون التسجيل تجد يوميا سيلا من الرسائل والبريد الإلكتروني الذي يهدف للترويج لعدد من السلع وعادة ما تكون هذه الرسائل محملة بصور مما يجعل عملية تصفح البريد الإلكتروني أبطأ بكثير خاصة إذا كنت تنتظر رسالة مهمة إلا أنه من السهل " في بعض الأحيان" إيقاف هذه النوعية الجديدة من العروض الترويجية عبر الإنترنت من خلال إرسال بريد إلكتروني للسيرفر الخاص بتلك المواقع بأنك غير مهتم بتلك العروض إلا أن الاستجابة عادة تكون غير سريعة وتشعر أنك مجبرا على قراءة أو استقبال ضيف ثقيل لا تريده .
أعتقد أننا نتحدث عن آليات السوق وحرية المنافسة إذ يجب أن يكون هناك اتفاق ضمني على حرية المستهلك وعدم إهدار خصوصيته مستغلين في ذلك ما تتيحه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من وسائل حديثة ولا يعني أننا ضد مبدأ الترويج للخدمات والسلع بوسائل مبتكرة ولكن بشرط ألا يكون ذلك على حساب المستهلك أو بدون موافقته أو استغلاله كأداة لتحقيق أي مكاسب .
فمع تزايد قاعدة مستخدمي التليفون المحمول ، 95 مليون مستخدم فإن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن كيف يمكن لشركات الاتصالات والإنترنت والتكنولوجيا الحفاظ على حقوق هؤلاء العملاء خاصة إذا أخذنا في الاعتبار عنصر المنافسة فيما بين هذه الشركات على تنمية حصتها في الأسواق وتطوير الخدمات وفي نفس الوقت تحقيق الأرباح .
وفي الحقيقة فإن موضوع قاعدة بيانات العملاء الهاتف المحمول يمكن النظر إليه من شقين الأول هو ضرورة العمل على استكمال كل البيانات الخاصة بمستخدمي خدمات اتصالات المحمول وعدم السماح بتقديم الخدمة على أي خط مجهول الهوية ، حتى نتمكن من معرفة هوية من يستخدمه ومحاسبته عند وقوع أخطاء أو مخالفات أو تجاوزات أخلاقية ، كذلك من المهم أيضا أن تعمل شركات المحمول والإنترنت على ضمان سرية هذه البيانات وعدم استغلالها تحت أي مسمى دون إذن صاحبها .
ومن هنا نتصور أنه من المهم أن يكون هناك دور إيجابي للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات لتجريم عملية الاتجار في بيانات العملاء وضمان الحفاظ على خصوصية المستخدمين في مجال الإنترنت والتليفون المحمول فلا يعقل أن تظل الأمور على ما هى عليه الآن من عدم الاكتراث برغبة وخصوصية هؤلاء المستخدمين من قبل بعض الشركات الترويجية الساعية لجني مزيد من الأرباح وكذلك العمل على تشجيع شركات المحمول على استكمال بيانات كل العملاء والإيقاف الفوري لأي خدمة مجهول الهوية خاصة أن الجهاز قام بالفعل لتفعيل المادة رقم 25 في قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018ضد إحدى شركات إبادة الحشرات .
من ناحية أخرى حدد مشروع قانون مقدم من الحكومة لحماية البيانات الشخصية، المهلة القانونية للمخاطبين بأحكامه بتوفيق أوضاعهم، خلال سنة من تاريخ صدور اللائحة التنفيذية وحسب المادة الأولي من مواد الإصدار، يُعمل بأحكام هذا والقانون المرافق في شأن حماية البيانات الشخصية المعالجة إلكترونيًا جزئيًا أو كليًا لدى أي حائز أو متحكم أو معالج لها، وذلك بالنسبة للأشخاص الطبيعيين المصريين والأجانب داخل جمهورية مصر العربية.
ويكشف القانون عن صور حق الأشخاص فى حماية البيانات الشخصية لهم، ويُجرم جمع البيانات الشخصية بطرق غير مشروعة أو بدون موافقة أصحابها، وتجريم معالجتها بطرق تدليسه أو غير مطابقة للأغراض المُصرح بها من قبل صاحب البيانات وتنظيم نقل ومعالجة البيانات عبر الحدود بما يعود بالنفع على المواطنين وعلى الاقتصاد القومي بما يسهم في حماية الاستثمارات والأعمال، كما يتوافق مع المعايير الدولية في مجالات حماية البيانات الشخصية، وذلك من خلال قواعد ومعايير واشتراطات يضعها، ويباشر الإشراف عليها المركز المنشأ لهذا الغرض.
ويأتي القانون ليتواكب مع المعيار العالمي الخاص بحماية البيانات الشخصية حالياً في العالم فالمعيار الأساسي وهو اللائحة العامة لحماية البيانات الشخصية (GDPR)وهذه هي القواعد الذهبية الموجودة في العالم لحماية البيانات الشخصية للمستخدمين، والعمل على حماية خصوصية البيانات بشأن المواطنين والمؤسسات المختلفة داخل وخارج الدولة ويضمن حماية الاستثمارات الوطنية لاسيما المتعاملة مع الاتحاد الأوروبي كما يضع القانون التزامات على المتحكم والمعالج في البيانات ليضمن تطبيق معايير حكومة تكنولوجيا داخل المؤسسات المختلفة ويحد من عمليات انتهاك خصوصية البيانات الشخصية.
كذلك يضمن القانون، مستوى مناسب من الحماية القانونية والتقنية للبيانات الشخصية المعالجة إلكترونيًا ومكافحة انتهاك خصوصيتهم، وتقنين وتنظيم أنشطة استخدام البيانات الشخصية في عمليات الإعلان والتسويق على الإنترنت وفى البيئة الرقمية بشكل عام، ويضع إطارا إجرائيا لتنظيم عمليات نقل البيانات عبر الحدود، وضمان حماية بيانات المواطنين وعدم نقلها أو مشاركتها مع دول لا تتمتع فيها البيانات بالحماية، وإلزام المؤسسات والجهات والأفراد المتحكمين في البيانات الشخصية، والمعالجين لها بتعيين مسئول لحماية البيانات الشخصية داخل مؤسساتهم وجهاتهم، بما يسمح بضمان خصوصية بيانات الأفراد، واقتضاء حقوقهم المنصوص عليها في هذا القانون.
في النهاية نطالب كل مشغلي شبكات شركات الاتصالات بالإعلان عن رؤيته لحماية مفهوم خصوصية المستخدمين والشروط الضرورية التي يجب أن تلتزم بها شركات الإنترنت والاتصالات لمنع حدوث عملية قرصنة داخلية ، من جانب موظفيها ، أو عملية اختراق لأنظمتها الإلكترونية يكون ضحيتها هم العملاء الذين وثقوا في تلك الشركات ومنحوها تلك البيانات الخاصة بهم .