الاستثمار في البنية التكنولوجية " 2 "

  •      بقلم : خالد حسن

    في نفس هذا المكان – الأسبوع الماضي ـ أكدنا أن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أثبت خلال جائحة فيروس كورونا " كوفيد _19 " تزايد أهميته في كونه أصبح أحد أهم شرايين الحياة الطبيعية للبشر على غرار كل من المياه والكهرباء وأنه من الضروري أن تتم تلبية احتياجات هذا القطاع من البنية التحتية اللازمة ليمكن الاعتماد عليه بقوة في الفترة القادمة خاصة مع تبني مفهوم "النحول الرقمي " .

    وطالبنا من الحكومة المصرية بعد إعلان الدكتور مصطفي مدبولي ـ رئيس مجلس الوزراء بزيادة حجم الاستثمارات العامة إلي 240 مليار جنيه في الموازنة العامة الجديدة لعام 2020/2021 ليكون قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على اولويات قائمة القطاعات الاقتصادية التي ستتم مضاعفة الاستثمارات العامة بها وتوفير ما يحتاج اليه من تحسين كبير في مجال نشر والتوسع بالبنية التحتية وإتاحة الحلول التكنولوجية لكل المؤسسات الحكومية في إطار تنفيذ مشروع الحكومة الإلكترونية الذكية .

    بالتأكيد باتت مصر في حاجة ماسة لاستكمال تجديد وتوسعة البنية التحتية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ونقل البيانات لاسيما في ظل تزايد قاعدة مستخدمي الإنترنت في مصر بنسبة 7,9%، ليصل إلى 40,9 مليون مستخدم عام 2018/2019، مقارنة بـ 37.9 مليون مستخدم خلال عام 2017/ 2018، فضلاً عن زيادة عدد مشتركي الإنترنت عن طريق الهاتف المحمول بنسبة 15,7%، ليصل 36.2 مليون مشترك في مايو 2019، مقارنة بـ 31.3 مليون مشترك في مايو 2018 ناهيك عن التوسع العمراني الكبير الذي شهدناه في السنوات العشرة الأخيرة ، حيث لدينا نحو 23 مليون منزل يضاف إليها سنويا نحو 500 ألف منزل ، ومن المتوقع تضاعفه في السنوات العشرة القادمة بعد التخطيط الإقليمي الجديد للمحافظات واتساع رقعتها الجغرافية .

    وبالفعل عقد ـ يوم الخميس الماضي ـ الدكتور مصطفى مدبولي ـ رئيس مجلس الوزراء اجتماع مع كل من الدكتور محمد معيط ـ وزير المالية والدكتور عمرو طلعت ـ وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لمناقشة الاستثمارات المطلوبة لقطاع البنية الأساسية المعلوماتية وقال إنه يتم حالياً التركيز على تنفيذ عدد من مشروعات الميكنة الرقمية، وتحديث البنية التحتية المعلوماتية، وما يتطلبه ذلك من ضخ استثمارات والتزامات مالية كبيرة نعمل على توفيرها لرفع كفاءة وقدرة البنية المعلوماتية، وذلك في ضوء خطة الدولة التي تستهدف التركيز على تقديم الخدمات الحكومية الرقمية خلال المرحلة المقبلة.

    ولعل من المهم أن نشير إلى تأكيد رئيس الوزراء اهتمام الحكومة بدور قطاع البنية التحتية الذي أسهم بدور فعال أثناء أزمة فيروس "كورونا"، وهو الأمر الذي يدعونا إلى تنفيذ المزيد من مشروعات التطوير بهذا القطاع، باعتبارها ضرورية للغاية في الوقت الراهن كما شدد رئيس الوزراء على أن تحديث البنية التحتية يشمل جميع المحافظات، وفقاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بالإسراع في خطة تعميم جميع الخدمات الحكومية المميكنة على المواطنين.

    وفي تصوري من أهم إيجابيات هذا اللقاء توجيه الدكتور مصطفي مدبولي ـ رئيس الوزراء بضرورة تدبير الاحتياجات المالية التي تتطلبها خطة استكمال مشروعات تطوير البنية الأساسية المعلوماتية المهمة، والتي تتواكب مع الظروف الراهنة للاعتماد على شبكة الإنترنت؛ سواء في التعليم عن بعد أو التدريب، إلى جانب تنفيذ العديد من الأعمال المميكنة الأخرى في ظل انتشار فيروس " كورونا" المستجد.

    ومن المهم الإشارة إلى الدولة المصرية ، في إطار التحول إلى المجتمع الرقمي, قامت بتخصيص نحو 7.8 مليار جنيه في موازنة 2019/2020 لمشروع تحديث البنية المعلوماتية والمحتوى الرقمي للدولة المصرية  كما تم ارتفاع حجم الاستثمارات في قطاع الاتصالات بنسبة 22,9%، ليصل إلى  35,4 مليار جنيه خلال عام 2018/2019، مقارنة بـ 28,8 مليار جنيه خلال عام 2017/2018، في حين بلغت قيمة صادرات الخدمات الرقمية 3,6 مليار دولار خلال عام 2018/2019، ومن المتوقع أن تنمو صادرات القطاع بمعدل سنوي مركب نسبته 13,4% ليصل إلى 4,7 مليار دولار بحلول عام 2020 وفقاً لمؤسسة" IDC " البحثية العالمية.

    في حين قدم الدكتور عمرو طلعت ـ وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عرضا حول الموازنة المالية المقترحة للعام المالي المقبل، وكذا المتطلبات المالية اللازمة لتنفيذها، والموارد المالية المتاحة والمتوافرة، وتضمن ذلك استعراضاً موجزاً لمشروعات تطوير البنية الأساسية المعلوماتية لمصر بالكامل، ضمن مشروع "خدمات مصر الرقمية"، وكذا استعراض خطوات تنفيذ مشروع "مدينة المعرفة"، مؤكدا أن المرحلة الحالية والمستقبلية تتطلب وحدة وتكامل العمل في ملف التحول الرقمي تحت مظلة "مصر الرقمية"، التي يتم من خلالها تنفيذ مشروعات تجمع قطاعات مختلفة وفقا لأحدث تكنولوجيا، بما يسهم في تبادل البيانات والوثائق والمستندات إلكترونيا لتقديم خدمات رقمية متميزة للمواطنين.

    في النهاية نؤكد أن شبكات البنية التحتية للاتصالات والإنترنت في حاجة لاستثمارات مالية ضخمة بما لا يقل عن 3 أضعاف الاستثمارات التي تم تخصيصها العام الماضي ، لتتجاوز نحو 25  مليار جنيه في الموازنة الجديدة ، الأمر الذي لا يمكنه أن يتوقف فقط على استثمارات الشركة المصرية للاتصالات ، والتي تقوم بدور إيجابي في هذا المجال ولكن في حدود قدراتها المالية وإمكانية تحركها ، وأصبح الموضوع يتطلب فتح الباب أمام الاستثمارات العامة وكذلك الاستثمارات المحلية لجذبها وتشجيعها على الدخول في مجال إنشاء البنية التحتية للاتصالات ومد كوابل الألياف الضوئية لإتاحة خدمات الإنترنت ، البرود باند ، للملايين من المستخدمين الجدد الذين يعانون الحرمان وغياب هذه الخدمات .. ناهيك عن تحسين مستوى الخدمة للمستخدمين الحاليين .

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن