بقلم : خالد حسن
نتفق جميعا على أزمة المرور باتت تمثل واحدة من أخطر الأزمات التي تواجه المجتمع ليس فقط في القاهرة الكبرى وإنما في محافظات الجمهورية و رغم أن الازدحام المرورى ظاهرة عالمية لكثرة عدد السكان ومن ثمة تضاعف عدد السيارات ، حيث لدينا نجو 12 مليون مركبة مرخصة منها 7 مليون رخصة لسيارة ملاكي ، إلا أن هذا لا يمنع من نجاح بعض الدول فى تبنى منظمومة الكترونية ذكية لتيسير حركة المرور فى الشوراع والتى أصبحت أكثر التحديات التى تواجه المواطن بصورة يومية .
ومع تاكيد التقارير المتخصصة على إرتفاع عدد حوادث الطرق فى مصر نتيجة ضعف التأمين المرورى وتحمل الدولة خسائر مالية تتراوح مابين 12 الى 15 مليار جنيه سنويا خسائر مرورية ، مما يؤدى الى وفاة 6 آلاف مواطن سنويا جراء حوادث الطرق فضلا عن زيادة المعاقين والمصابين جراء هذه الحوادث، ومع الغاء الدعم على المحروقات " البنزين " فان البعد الحقيقى لازمة المرور بالعاصمة تعد من كبرى المشكلات القومية التى يمكن التكنولوجيا الحديثة وكاميرات المراقبة والذكاء الاصطناعى تقديم حلول ابتكارية للتغلب على هذه المشكلة والحد من تفاقم خسائرها المالية والبشرية .
وبالتالي فان الحاجة الى تطبيق منظومة " مرورية الكترونية متكاملة " لم يعد حديث اختياري بل ضرورة تقتضيها استمرار الحياة بصورة طبيعية بما يتواكب مع اهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية وهنا لا ننكر الجهود التي قىامت بها وزاة الداخلية بالتنسيق مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات علي مدار السنوات الخمس الماضية لتطوير المنظومة المرورية،لآثارها على عملية التنمية والحياة اليومية للمواطنين، وتوفيي منظومة أمنية ومتطورة واتخذها العديد من الاجراءات للارتقاء بالخدمات الجماهيرية في مجال المرور ومنها
الحصول على الخدمات الترخيصية إلكترونيًا من خلال شبكة المعلومات الدولية بوابتى "مرور مصر، والحكومة الإلكترونية " بجاني إنشاء قاعدة بيانات مركزية لتراخيص المركبات والقيادة بنهايات طرفية لوحدات التراخيص على مستوى الجمهورية، مع ربطها بـ 10 منافذ جمركية لترخيص السيارات الواردة من الخارج - كمرحلة أولى بالاضافة الى رصد المخالفات المرورية بإستخدام أجهزة قارئ إلكترونى (PDA ) مرتبطة بقاعدة البيانات المركزية كبديل عن منظومة المخالفات الورقية وتزويد رجال المرور بـ 2123 جهاز حتى الآن.
واستكمال لمنظومة المرورية الالكترونية كشف وزارة الداخلية مؤخرا عن مهلة زمنية حتى 20 اكتوبر المقبل لقيام جميع اصحاب المركبات من تركيب "الملصق الالكتروني" ، وهو عبارةعن شريحة ذكية مخزن عليها كافة بيانات المركية ويتم ربطها بمركز المعلومات التابع للمرور وغرف العمليات على مستوى الجمهورية ، حيث يوفر الملصق إمكانية التعرف على المركبات المُبلغ بسرقتها والمطلوبة أمنيا، ويتيح حصر أماكن الكثافات المروري وإخطارا غرف عمليات المرور على مستوى الجمهورية؛ لتتمكن من التعامل السريع وفك التكدسات بإرشاد قائدي المركبات بالطرق البديلة من خلال ربط الملصق بمركز المعلومات التابع للمرور ويتم وضع الملصق على الزجاج الأمامي للسيارة ويتلف عند محاولة نزعه.
وحتى تتضح الامور فأنه لا أحد ضد رقمنة منظومة النقل فى مصر واعتماد حلول النقل الذكي والالتزام بقرار وزارة الداخلية لتركيب "الملصق الالكتروني" ولكن لامة الاستفاهم والتعجب الكبيرة فى كيفية عملية توزيع الملصق على نحو 12 مليون مركبة من خلال 205 وحدة ترخيصية على مستوى الجمهورية فى هذه الفترة الزمنية المحدودة جدا جدا !
فبفرض تشغيل هذه الوحدات بضعف قوتها حالية ، ومد العمل بها لمدة 12 ساعة ، فان الطاقة الاستيعابية لهذه الوحدات من المستحيل ان تنجز 610 الف مركبة خلال هذه الفترة الزمنية بواقع نحو 3 الاف مركبة بوميا فى ظل تطبيق نفس الالية التقليدية المعمول لها حاليا فى الوحدات المرورية وهو ما اسفر تكدس زحام المواطنيين فى هذه الوحدات بصورة غير طبيعية وغير مقبولة على كافة المستويات خاصة مع التهديد بفرض غرامات مالية ، تتراوح بي 4- 8 الاف جنيه ، على من لم يركب الملصق الالكترونى !
فى تصورى ان التحول الرقمي ، والذى ينادي به السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي ، لكافة الخدمات الحكومية وعلى رأسها الخدمات المرورية ان يتم تطويرها وتحسين كفاءة تقديمها للمواطن بحيث تذهب الخدمة للمواطن والتقليل قدر الامكان من ذهاب واحتكاك المواطن بالجهات الحكومية ولكن مع اللاسف فان الطريقة التى يتك الاعتماد عليها فى توزيع الملصف الالكترونى تتنافي تماما مع فلسفة التحول الرقمي وتضرب بعض الحائط مع كل الرؤية المستقبلية التى تسعي الحكومة المصرية لاقناع المواطن بها ومدى جديتها فى تطوير وتحسين الية تقديم الخدمات الحكومية فهي تقضى على مبدأ "سرعة تقديم الخدمة للمواطن" ، حيث يضطر للجلوس لما لا يقل عن 4- 5 ساعات داخل الوحدة المروية ، كما انها تنفس مبدأ "كسب رضا المواطن" وهو مضطر الى البقاء داخل مكان فى ظل دغاوى حكومية لتشديد الاجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا وطبعا لن اتحدث عن مبدأ " تقليل تكلفة الخدمة " وهو مضطر لدفع مبالغ اكثر بكثير جدا مما كان معتاد على دفعه نظير لا شيء !
فى اعتقادي انه كان يجب مع اتخاذ قرار المهلة الزمنية مراعاة كيفية التطبيق ومحدودية الامكانيات لوحدات المرور المنتشرة على مستوي الجمهعورية وضرورة فتح الباب لحلول ابتكارية اخري لتوزيع الملصف الالكتروني ومنها على سيبل المثال فتح الباب لدفع قيمة الملصق الالكترونى عبر بواية مخلفات المرور " https://www.egypt.gov.eg " بحيث يذهب مالك المركية لوحدة المرور لاستلام الملصق فقط ومنها الاعتماد على وحدة مرور متنقله ، باصات مجهزة الكترونيا ، بحيث يتم الاعتماد عليها لتخفيف الضغط على وحدات المرور التقليدية كذلك الاعتماد على مكاتب الهيئة القومية للبريد المصري 4 الاف فرع ، وفروع شركة " فورى " وفروع شركات الاتصالات المحمول الاربعة لدفع وارسال واستلام الملصق الالكتروني .
للاسف ما حدث من خطأ فى تطبيق توزيع الملصق الالكتروني يجعل الكثير من المواطنين يفقدون ثقتهم فى عملية التحول الرقمي بل ويجعلهم يتساءلون مع الجدوي الحقيقية من استثمار عشرات المليارات من الدولارات فى البنية التكنولوجية التحتية وشبكات الاتصالات اذا لم يجني المواطن ثمار هذا الاستثمار فى صورة تحسين ملموس وكبير وواضح فى اليات تقديم الخدمات الحكومية له فهل التحول الرقمي هو نوع من الوجاهة الدولية وتحسين المؤشرات التنموية " وهل هو هدف ام غاية بالنسبة للكثير من المؤسسات الحكومية التى صدعتنا وملئت أذهاننا بما تقوم به من ميكنة لمنظمومة ودوة العمل بها لصالح المواطن وللاسف عندما ننظر الى ارض الواقع لا نجد اى تحسن يذكر باستثماء اننا نتحدث مع موظف جالس خلق شاشة كمبيوتر ؟!
فى النهاية نتطلع فى ظل ما اكدته جائحة فيروس " كوفيد 19 " ان التكنولوجيا والتحول الرقمي أصبح ضرورة من ضرورات الحياة فهل يستطيع وزراء حكومة الدكتور مصطفي مدبولي نقل هذه الرؤية الى طبقة الموظفيين الذين يتعاملون مع المواطنيين ام للاسف سنظل فى دوائر مفرغة وجزر منعزلة بين القيادات وطبقة الموظفيين ؟