واجه قطاع الطيران والنقل الجوي تحديات متعددة بسبب إجراءات الحظر العالمي، والقيود على السفر بسبب أزمة كوفيد-19، وقد يؤدي هذا إلى تراجع إيرادات خطوط الطيران في البلدان العربية بنحو 24 مليار دولار هذا العام مقارنة بالعام 2019، وفق تقديرات اتحاد النقل الجوي الدولي. وتتمحور أغلب التدابير التي تتخذها شركات الطيران حاليًا حول مواجهة الأزمة على المدى القصير بتقليل الإنفاق والحفاظ على السيولة؛ وذلك بمنح الموظفين إجازات طويلة الأمد، وتأجيل عمليات صيانة الطائرات أو إحالة الأقدم منها إلى التقاعد، وإعادة الطائرات المُستأجَرة. وعلى الرغم من أن هذه الإجراءات الطارئة ضرورية للمحافظة على استمرارية الأعمال على المدى القصير خلال بضعة شهور، فإن العامل الحاسم في نجاح مختلف الشركات في القطاع سيكون الاستعداد للمستقبل والابتكار للاستفادة من الفرص الجديدة التي سيخلقها واقع قطاع الطيران الذي سيتغير حتمًا بعد أزمة كوفيد-19 ليلتزم بمعايير صحية أعلى بالتأكد من عدم إصابة المسافرين بالفيروسات، وتعزيز النظافة والتعقيم وتحقيق التباعد الاجتماعي.
صحيح أن أزمة كوفيد-19 تسببت بقيود على السفر لكنها لم تتسبب في تراجع رغبة الناس في السفر للسياحة أو ممارسة الأعمال أو العودة إلى الأوطان، بل ربما ازداد شوق الناس للسفر الجوي بعد هذه الأزمة. ما يعني أن الطلب على السفر في حال فتحت الأجواء ما زال قائمًا. ويضاف إلى هذا أن الطلب على قطاع الشحن الجوي لم يتراجع عالميًا بسبب أزمة كوفيد-19 إلا بنسب قليلة، بل إن شركات الطيران في الشرق الأوسط سجلت نموًا في أحجام الشحن الجوي بنسبة 4.3% خلال شهر فبراير 2020، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. ويتوقع اتحاد النقل الجوي الدولي تعافي قطاع الطيران كاملًا إلى مستويات ما قبل تفشي وباء كوفيد-19 بحلول العام 2022 أو العام 2024 على أبعد تقدير. وحتى ذلك الحين، فالوضع الحالي يوفر فرصًا عديدة؛ أبرزها شراء الطائرات التي ألغي طلبها أو توقف استئجارها مثلًا من شركات الطيران أو منتجيها لأنها ستصبح جاهزة للشراء بأسعار منخفضة. وهنا بإمكان صناديق الثروة السيادية في منطقة الخليج دراسة شراء الأصول في عدد من القطاعات التي يُتوقَّع أن تنتعش بعد الأزمة، وعلى رأسها قطاع الطيران. وربما يحقق شراء طرازات أحدث من الطائرات بأسعار مخفضة جدوى اقتصادية أعلى على المدى البعيد من صيانة الطرازات القديمة (ربما بالإمكان تحويل بعض هياكلها إلى مكاتب جاهزة لشركات الطيران أو تباع إلى مشاريع ترفيهية ومطاعم). فتخفيض الشركات المصنعة لأسعارها، كما فعلت شركة بوينج، يتيح لبعض شركات الطيران شراء نماذج أحدث من الطائرات وأكثر كفاءة في استهلاك الوقود، ويؤهلها للتقدم على منافساتها.