بقلم : د . ياسر بهاء
سنتعرض فى هذا المقال ، ضمن سلسلة مقالات بعنوان " الحية الطيبة " كيف تكون "انتقائياً " و" أن " تراقب أفكارك " .
فكثيرا ما نربط بين الانضباط والشعور بالمعاناة وكأن الانضباط هو اختيار ما هو صعب وسيئ ولكن هذا انطباع خاطئ تماماً. زيادة الانضباط هو الطريق الأقصر الذي يساعد في تحقيق الأهداف التي تسعى إليها ولكن لا يوجد كم معياً من الانضباط المطلوب للاستمرار في عمل ما تكرهه. كثيراً من الأبحاث أثبتت أن غالباً ما يؤجل الطلاب المهام المطلوبة منهم دراسياً عند النظر إليها كمهام غير ممتعة وثقيلة على أنفسهم. وبالتالي في هذه الحالة ولتجنب التسويف وتأجيل المهام يُنصح بالتركيز على الأعمال التي تشعر بالمتعة بها وأيضاً تدعم ما ترغب في الوصول إليه.
لدينا جميعاً 24 في اليوم وأيضاً طاقة محدودة يجب استغلالها بشكل سليم، وبالتالي لا يمكن فعل كل شيء ويجب التركيز على المهم والأنفع واختيار ما يجب القيام به وما يجب التخلي عنه ومن هنا كانت الخطوة الأولى في الانضباط الذاتي هي بناء العادات المؤثرة كما تم شرحها سابقاً وهو أيضاً الالتزام بأشياء بسيطة وتؤدي إلى نتائج حقيقية وعظيمة.
ومن هنا يكون السؤال الأهم الواجب طرحه هو كيف يمكن للأهداف والعادات الجديدة أن تكون مناسبة لعيش الحياة التي ترغب بها؟ هل تقوم بتلك السلوكيات والعادات لعيش حياة أفضل أم فقط تجدها شيء جيد للقيام به؟ بالرغم من عملي في البنوك لأكثر من 14 عاما إلا أنني بمجرد أن قررت مغادرة ذلك القطاع رغبة في تحقيق ذاتي في مجال آخر إلا وقد بدأت أختار ما يجب القيام به وما يجب التوقف عنه وكنت انتقائياً بشدة بغض النظر عما أحصل عليه من متعة أو راحة ولكن كان المعيار الحقيقي هو مدى ملاءمة ما أقوم به لما أرغب في تحقيقه. فقد حضرت في وقت من الأوقات مؤتمر أونلاين لمدة أربعة أيام متتالية حيث يبدأ من السابعة مساءً وحتى الثامنة صباحاً. في الأيام العادية قبل أن يكون معياري لاختيار ما أفعله هو أن يكون مؤثراً في تحقيق رؤيتي عن نفسي؛ كنت بالطبع سأتكاسل وأنظر فقط للمجهود المطلوب (13 ساعة من التعلم المستمر في وقت كان يجب أن يكون وقت نومي) ولن أنظر لما سأكتسبه من معرفة تجعل تحقيق حلمي وهدفي أقرب وأوضح. كلمة السر هنا كانت حُسن الاختيار وربط الفعل بالرؤية المستقبلية وليس بالمجهود المطلوب في هذا الفعل.
وبالتالي يجب عدم القيام بأي أفعال – إن أمكن – ما دامت تتعارض مع تحقيق ما نرغب في تحقيقه أو حتى تبطئ من ذلك فذلك سوء استخدام صارخ للوقت والمجهود والقيمة التي يمكن أن نضيفها لحياتنا وحياة من حولنا. كن انتقائياً واختر دائماً ما يتماشى مع تحقيقك لما تصبوا إليه.