كتب : محمد شوقي – محمد الخولي
صحيح أن البيانات الرقمية تبدو غير مادية، لكن في دراسة جديدة مذهلة توصل باحث إلى أن البِتات الرقمية التي نولدها بالحواسيب والهواتف ستتراكم، حتى تتجاوز بعد بضعة قرون عدد ذرات كوكبنا، وتمثل نحو نصف كتلته.
كانت شركة «آي بي إم» وغيرها قدّرت أن 90% من بياناتنا الرقمية أنتجت في العقد الأخير وحده، فبحث مِلفين فوبسون، الفيزيائي بجامعة بورتسموث الإنجليزية، مستقبل هذه البيانات، على أساس أن في الأرض حاليًّا نحو 100 مليار مليار بت من المعلومات، وأن معدل النمو السنوي 20%.
فتوصل بحساباته إلى أن عدد بِتات الأرض بعد 350 عامًا سيفوق كل ذراتها (نحو 100 تريليون تريليون تريليون تريليون ذرة)، وأن مجرد دعمها وحدها قد يتطلب كمية الطاقة التي يستهلكها العالم كله حاليًّا؛ ولذا قال «فأين نخزنها؟ ومن أين لنا بكمية طاقة تناسبها؟ هذا أسميه المشكلة الخفية، لأنها مشكلة لا ينتبه لها أحد الآن فعلًا».
وتوصل إلى شيء آخر: في 1961 اقترح الفيزيائي رولف لانداور أن بين المعلومات والطاقة علاقة ـ لأن مسح البتات الرقمية يولد حرارة صغيرة جدًّاـ استنادًا إلى معادلة طاقة أينشتاين الشهيرة الرابطة بين الطاقة والكتلة؛ فحسب فوبسون الكتلة المحتمَلة للبِت الواحد: أصغر من الإلكترون 10 ملايين مرة.
صحيح أن هذا المقدار ضئيل جدًّا، لكن بمعدل ازدياد سنوي نسبته 20%، ستصبح نصف كتلة الأرض متألفة من بتات في أقل من 500 عام، أو في عام 2245 بافتراض معدلٍ نِسبته 50%.
ولذا يراها فوبسون مشكلة مقلقة، ويخشى أن تكون كغيرها من المشكلات الكبرى التي يتعامى عنها الناس حتى يكاد أوان حلّها يفوت، كالوقود الأحفوري والتلوث البلاستيكي؛ خصوصًا أنه يرى أن معدل الازدياد الذي افترضه صغير، ويَحتمل أن يكون في الواقع أكبر.
لكن قال لويس هيريرا ـ عالم فيزياء الجسيمات بجامعة سلامنكا الإسبانية، لموقع لايف ساينس «صحيح أن الحجج المطروحة في البحث مثيرة للفكر والدهشة، لكن فكرة ‹أن للمعلومات كتلة› ما زالت افتراضًا أصلًا يَستلزم تجارب تثبته؛» منوِّهًا بأن المدى الزمني المفترَض طويل، وبوجود مشكلات أخرى أشد إلحاحًا وأهمية.