بقلم : فريد شوقي
اليوم وتحديدا مع انطلاق العام الدراسي الجديد سيتم البدء في تطبيق منظومة جديدة للتعليم تعتمد على مجموعة من المحاور الأساسية أهمها زيادة استخدام الأدوات التكنولوجية في تنمية مهارات كل مكونات العملية التعليمية بداية من الطالب والمعلم والمناهج والمدرسة حيث تهدف المنظومة الجديدة ، التي قدمتها وزارة التربية والتعليم ، ووافق عليها مجلس الوزراء وسبتم دعم تنفيذها بقيمة 2 مليار دولار على مدار 14 عاما ، أن يكون نظام التعليم مختلفا من حيث المضمون للمناهج الدراسية المقررة أو آليات تقديم خدمة التعليم بما يؤدي في النهاية إلى تغليب مبدأ التفاعل والإبداع لدى الطلبة أكثر من مفهوم التلقين والحفظ وتقديم ما يعرف بـ " التعليم الهجين " .
ولعلنا جميع الأسر المصرية ، بكل مستوياتها المادية ، عانت على مدار السنوات الماضية من ارتفاع الأعباء المالية لعملية تعليم أبنائها ، بداية من ارتفاع مصاريف المدارس مرورا بالارتفاع المبالغ في أسعار الأدوات الدراسية – كشاكيل وكراسات وأدوات مكتبية - وصولا إلى لهيب الدروس الخصوصية وانتشار ظاهرة المراكز التعليمية كبديل للمدرسة خاصة لطلاب السنوات النهائية للمراحل التعليمية قبل الجامعية ، هذا بالإضافة إلى تراجع مستوى العملية التعليمية بصورة كبيرة وعدم رضاء كل فئات المجتمع عن مخرجاتها من طلاب بدون قدرات شخصية او تفكيرية تتواكب مع متغيرات عصر المعرفة .
وبالطبع نتابع الاهتمام الخاص من الدولة بالتوسع في إنشاء مشروعات تطوير البنية الأساسية والمرافق والخدمات العامة من أجل تلبية احتياجات المواطنين وتحسين مستوى المعيشة، وذلك من خلال اشتراك القطاع الخاص في تمويل وتشغيل تلك المشروعات وبما يخفف عن كاهل الموازنة العامة في توفير التمويل اللازم لتنفيذ المشروعات. ولكن هل حان الوقت لبناء شراكة قوية مع القطاع الخاص لتطوير منظومة التعليم والمساهمة بقوة ، في تنفيذ منظومة التعليم الجديدة التى اطلقتها وزارة التربية والتعليم ، للتخلص من هذه الأعباء اللا منطقية والتي تزيد من أعباء عملية التعليم وتكرس مفهوم الحفظ لدى الطلبة ويعيد للأذهان بصورة كبيرة ضرورة الاعتماد على مفهوم "التعليم الإلكتروني" الذى ننادى به منذ أكثر من 12 عاما ؟
وهنا نود الإشارة إلى إعلان وزارتي التربية والتعليم والتعليم الفني، والمالية، طرح المرحلة الثانية من" المشروع القومي لبناء وتشغيل 1000 مدرسة المشاركة المتميزة للغات بنظام المشاركة مع القطاع الخاص حيث سيتم توجيه الدعوة للشركات والتحالفات الراغبة في المشاركة في هذا المشروع من أجل التقدم للحصول على طلبات التأهيل المسبق حيث يقوم القطاع الخاص الفائز بالطرح بتصميم وإنشاء وتمويل وتشغيل وصيانة مدارس لغات متميزة لفترة تصل إلى 30 عامًا، ثم تؤول ملكية هذه المدارس إلى وزارة التربية والتعليم بعد انتهاء مدة التعاقد وذلك في حالة تشغيلية جيدة منصوص عليها بعقد المشاركة المبرم بين وزارة التربية والتعليم وشركات المشروع التي أسسها القطاع الخاص.
ويأتي هذا المشروع كخطوة مهمة جدا على رأس أولويات متطلبات تطوير التعليم في مصر ووفقا لما قاله الدكتور طارق شوقي ـ وزير التربية والتعليم والتعليم الفني فإن المشروع القومي لبناء وتشغيل "مدارس المشاركة المتميزة للغات" يحاطب المشروع شريحة من المواطنين من ذوى الدخل المتوسط، حيث يستهدف تقديم خدمة تعليمية متميزة بمستوى تعليمى يفوق المستوى التعليمي بالمدارس التجريبية (الرسمية) ولكن مع مصروفات دراسية تقل كثيرًا عن المصروفات الدراسية بالمدارس الخاصة للغات وذلك بما يحقق 3 أهداف رئيسية وهي: "رفع كفاءة العملية التعليمية بتقديم مستوى متميز من التعليم بنظام اللغات، المساهمة فى حل الكثافات الطلابية، تخفيف الأعباء على كاهل المواطنين من الشريحة الراغبة في البحث عن نظم متميزة للتعليم لأبنائها وبمصروفات دراسية في متناولهم".
وفقا للمشروع تخطط الوزارة لطرح بناء وتشغيل 98 مدرسة بالمحافظات ، حيث تضمنت المرحلة الأولى 54 مدرسة ، بتوزيع جغرافي يراعي دراسات الاحتياج وتحقيق هدف معالجة الكثافات الطلابية فى بعض المناطق بالقاهرة ومحافظات الدلتا والوجه البحرى وصعيد مصر، وأيضًا لأول مرة تغطية مناطق بالمجتمعات العمرانية الجديدة كمدن القاهرة الجديدة، وأسيوط الجديدة، وبرج العرب الجديدة، ودمياط الجديدة، والفيوم الجديدة، وغيرها حيث إن دور الحكومة في المشروع يتمثل في توفير الأراضي المخصصة لإقامة المدارس عليها، وتسهيل عملية استخراج التراخيص، ومراجعة التصميمات وتوصيل المرافق، كما تقوم وزارة التربية والتعليم بالإشراف على العملية التعليمية بالكامل خاصة تحديد المناهج الدراسية المتبعة مع إعطاء القطاع الخاص الحق فى اختيار المدرسين والإداريين وفق معايير محددة مع تطبيق اعلي معايير تكنولوجيا المعلومات لتطوير منظومة التعليم والتوسع في مفهوم التعليم الالكتروني لتنمية القدرات التنافسية والمهارات الشخصية لطلابنا .
في النهاية نؤكد أن التنمية البشرية تعد بمثابة التحدى الأساسي الذي يجب أن نواجهه إذا أردنا اللحاق بركب الدول المتقدمة حيث إن تخلف المهارات البشرية في المستقبل عن التعامل مع التكنولوجيا الحديثة سيولد نوعًا من البطالة يعرف بالبطالة الفنية نتيجة الاستغناء عن القوى البشرية القائمة وغير القادرة على التعامل مع النمط الجديد من متطلبات سوق العمل ونؤكد أن قدراتنا على إثبات وجودنا مستقبلاً وفي ظل النظام العالمي الجديد (العولمة) مرهون بقدرة أجيالنا على التعايش مع التقدم التكنولوجي ومحاكاته بفاعلية لا بمظهرية وباعتبارنا مشاركين في صنع هذا التقدم ولسنا مجرد متلقين لثماره.