بقلم : د . ياسر بهاء
تحدثنا في المقال السابق عن الخوف وكيف أنه ليس المانع من الخطر والبقاء في دائرة الأمان ولكنه في كثير من الأحيان قد يكون الخوف هو الخطر نفسه. واختتمنا المقال بالتعرض لقصة Les Brown والتي سأختصرها لكم في السطور القليلة القادمة.
يخبرنا Les عن قصته فيقول: "في صغري كنت أتمنى أن أكون مقدم أغاني وكانت تلك وظيفة أحلامي حيث أردت أن أكون في الإذاعة وأن يسمع الجميع صوتي، أردت ذلك بشدة.
فعلت ما قد يفعله أي شخص طبيعي، قمت بطرح حلمي بعيداً، كانت هذه مزحة بالطبع لم أفعل. نأتي لقصتي، استطعت الحصول على وظيفة في محطة إذاعية ليس كمقدم أغاني ولكنني كنت ما زلت متحمساً، وفي إحدى المرات عندما كان مقدم الأغاني غير قادر على أداء وظيفته، خرجت على الهواء مباشرة. ومن هذه اللحظة حصلت على وظيفة مقدم الأغاني. ولكن هذه القصة في الحقيقة ليست عن وظيفة مقدم الأغاني. نعم أحببت كوني مقدماً للأغاني، ولكن كان شغفي الأكبر هو إحداث تغيير اجتماعي. كان هناك العديد من التغييرات التي تحدث حولي في العالم في هذا الوقت وأردت أن أدعم هذا التحول.
أردت أن أجعل العالم مكاناً أفضل. لذلك تكلمت في الموضوع بينما كنت على الهواء. في هذه اللحظة أخبرني أحدهم كونك مقدم أغاني ليس كافياً ربما عليك أن ترشح نفسك لمنصب من المناصب العامة. كانت الفكرة تبدو جنونية. لم أظن أنه كانت لدي أي مقومات لذلك حيث لم يكن لدي أي خبرة، وكنت سأرشح نفسي مقابل مرشح يشغل المنصب بالفعل.
شاءت الأقدار أن أرشح نفسي لمنصب مجلس نواب ولاية أوهايو، لأنه تم طردي من وظيفة مقدم الأغاني وكنت مرتعباً من الترشح لهذا المنصب. لم أكن خائقاً من وصولي لهذا المنصب، بل كنت خائفاً من فكرة ترشحي نفسها!
وبالرغم من ذلك فبعد تأييد قوي من أمي وبعض الحملات الانتخابية، حزر ماذا حدث؟ لقد فزت. لقد أصبحت مشرعاً وأصبح بإمكاني إحداث التغييرات التي لطالما حلمت بإحداثها"
واختتم Les Brown قصته قائلاً: "هذه مجرد قصة واحدة من العشرات التي كنت فيها خائفاً حد الموت ولكنني لم أسمح للخوف أن تضيع فرصي لتغيير العالم ولم أدع هذا الأمر الوهمي الذي يسبب الخوف بأن يسيطر علي ".
وعليك ألا تفعل أيضاً. دعنا نلقي نظرة أكثر قربًا على الخوف، دعنا ننظر له من الجانب الأكثر أهمية وهو كيف يمكننا التعامل معه.
جميع من تعرفهم خائفون من شيء ما. لا يغرك مظهرهم القوي الذي يوحي بأنهم لا يخافون من أي شيء. ولا يخدعك ما الذي قاموا بتحقيقه. جميعنا لدينا شيئاً ما نخاف منه. قد يكون هذا الشيء هو الخوف من المرتفعات، التحدث أمام الناس، الالتزام ...........أي شيء.
وعلى الرغم من أننا جميعاً نخاف، لكن كيفية تعاملنا مع هذا الخوف هو شيء أخر. فأنت تختار كيف تتعامل مع الخوف وأنت من تحدد إذا كنت ستسيطر على هذا الخوف، أم أنك ستدع الخوف يسيطر عليك.
وعلى الأرجح أنك حتى هذه اللحظة من حياتك قد تكون استسلمت لكل أو بعض هذه المخاوف. لا بأس بهذا ودعنا نعمل على تغيير هذا الأمر. فإن استسلامك لمخاوفك طوال حياتك سيجعلك تتخذ قرارات من النوع الذي تحدثنا عنه سابقاً إذ إن مخاوفك ستجعلك تختار الطريق الآمن والذي قد لا يكون آمناً على الإطلاق.
حان الوقت لتغير طريقة تعاملك مع الخوف وحان الوقت لتكون أكثر شجاعة وسنتحدث لاحقاً عما تعنيه الشجاعة.
والآن أريد أن أوضح ردود الأفعال الثلاثة التي يمكنك اتخاذها عندما تكون في موقف يستدعي الخوف. فتلك المكونات محفورة في خلايانا. وهي ردود أفعال طبيعية ساعدتنا على أن نبقى على قيد الحياة على مر الأزمنة. فبالرغم من أننا لم نعد نُطارد من قبل الدببة والنمور كما كان يحدث لأسلافنا لكن ما زالت ردود الفعل الثلاث موجودة في دمائنا وهي Fight, Flight, or Freeze وبالعربية هي قاتل، اهرب، أو توقف.
كيف تبدو ردود الأفعال هذه في عالمنا اليوم؟ هذا ما سنتحدث عنه في مقالنا القادم بعنوان "استراتيجيات مواجهة الخوف الثلاثة".