بقلم : د . ياسر بهاء
كلما واجهك موقف تشعر فيه بالخوف، عليك تذكر هذه الاستراتيجيات الثلاثة لتختار فيما بينها وهي:
اهرب .. هذا ما يقوم به أغلب الناس عندما يشعرون بنوع من عدم الراحة أو المقاومة. ففي عالم الحيوانات البرية تقوم الحيوانات بالطيران أو الهرب عندما يقترب منها شيء يهدد حياتها. في حين يقوم البشر بالهرب على نحو مماثل في عالمنا اليوم، فهم غالباً ما يهربون من الفرص والتحديات والمواقف التي تحتاج إلى مجهود أكثر قليلاً مما اعتادوا عليه أو يعتقدوا بأن ليس لديهم المقدرة على تحمل هذا المجهود.
فإذا كنت تريد النجاح فيما تقوم به سواءً كان افتتاح مشروع، أو بناء عائلة، أو غير ذلك فلن تنجح أبداً إذا قمت بالهرب. وبالتالي إن تابعت الهرب فأنا أضمن لك أنك لن تصل إلى مبتغاك في الحياة أبداً وستمضي حياتك كلها في الهروب من مشاكلك وأحلامك وأهدافك. فهل هذا ما تسعى إليه.
توقف .. ثاني طريقة يتعامل بها الناس مع مخاوفهم هي أن يتوقفوا بلا حراك. يمكننا رؤية هذا الأمر في عالم الحيوانات أيضاً. فعندما يرتعبون فإنهم يقفون تماماً بلا حراك قبل أن يهربوا. فالتوقف بلا حراك هو أفضل وسيلة للحيوانات للظهور أقل قيمة أو للتمويه فتختفي من أعين العدو. بل وأحياناً يتظاهرون بأنهم أموات على أمل أن يتركهم الحيوان المفترس في سلام.
هذا التشبيه يتماثل تماماً مع حياة العديد من البشر. فإنهم يتوقفون بلا حراك يستمرون في نفس وظائفهم، في نفس علاقاتهم ويتقبلون الواقع باستسلام وقد يتموهون كما تتموه الحيوانات مع بيئتها. يحاولون ألا يلاحظهم أحد ويأملون لو أن مشاكلهم تختفي بطريقة سحرية، كأن يفقد الصياد رؤية فريسته.
فعندما يتعلق الأمر بتحقيق أهدافك أو أن تعيش الحياة التي لطالما حلمت بها فإن الجمود يعد أمراً مدمراً تماماً مثل الهروب. فالتجمد يعني لا تقدم. وبدون تقدم لا يمكنك الوصول إلى أي مكان. لكي تنجح لا يمكنك أن تجلس فقط بلا حراك وتنتظر أن تأتيك الفرص إلى عندك هذا غير صحيح، عليك دائماً أن تفعل شيئاً وليس أي شيء عليك أن ..... (تابع القراءة)
قاتل .. رد الفعل الأخير هذا هو الأكثر خطورة. بعض الحيوانات حينما يواجههم خطر ما فإنهم يتمسكون بمواقعهم. فهم يقاتلون بكل ما أوتوا من قوة، دفاعاً عن أنفسهم. فبعض الأحيان يقاتلون لأنهم محاصرون. وأحياناً أخرى يقاتلون دفاعاً عن حياتهم أو حياة أبنائهم. فإما قاتل أو مقتول هكذا يتصرفون وفقاً لغريزتهم.
فإذا أردت النجاح، هذه هي الغريزة التي عليك اتباعها. عليك أن تعثر على هذه الغريزة بداخلك للقتال من أجل ما ترغب في تحقيقه وما تعتقد أنك تستحقه. لا يمكنك أن تقف بلا حراك أو أن تهرب فحذار أن يكون اختيارك من الآن هو التوقف أو الهروب.
أعلم أن الأمر يبدو مخيفاً، فأحياناً يبدو الأمر عندما تواجه الشدائد أنك تحارب دباً مفترساً دون أسلحة ولكن صدقني أنت أقوى بكثير مما تتخيل.
قد يخطر ببالك سؤال "ولكن ماذا لو خسرت" أفضل شي في هذا القتال أنك حتى لو خسرت ستخرج أقوى مما كنت عليه. لأن حينها ستعلم لماذا فشلت المحاولة وستكون أقوى في المرة القادمة التي تواجه فيها هذا الموقف.
لحسن الحظ فأنت لا تقاتل دباً بالمعنى الحرفي، ولا يعني خسارتك للمعركة أنك ستقتل. بدلاً من ذلك فإن الخسارة تعلمك كيف تحسن من نفسك. الأهم من ذلك، أن الخسارة تبين لك أنك شخص ذو عزيمة قوية.
العزيمة تلك الكلمة من الكلمات والصفات المفضلة لدي. فالعزيمة هي التي تعطيك القدرة على المواصلة. فالأشخاص أصحاب العزيمة القوية حتى لو شعروا بعدم الراحة سيقومون بالمواصلة. سيقاتلون حتى لو بدا الأمر كصعاب لا تقهر.
فالأشخاص أصحاب العزيمة يبذلون قصارى جهدهم. فهم يقودون بسرعة حتى ينفد الوقود ثم ينزلوا من السيارة ويسيرون باقي الطريق سيرًا على الأقدام. يستمرون حتى الجولات الأخيرة حتى لو كل عضلة في أجسامهم تخبرهم بأن يستسلموا. يقاتلون حتى لو واجهوا الافلاس حتى تتحقق أحلامهم.
وحتى لو خسروا، فإن أصحاب العزيمة يصبحون أقوى ويظلون يقاتلون من أجل ما يريدون.
أريدك أن تقاتل. أريدك أن تخلق عزيمة قوية. أريد أن ينظر الناس إليك ويقولوا لدى هذه المرأة أو ذاك الرجل روح قتالية! فهو لم ينسحب قط من معركة!
من أجل أن تنجح ومن أجل أن تتغلب على مخاوفك، فأنت تحتاج للعزيمة وتحتاج إرادة للقتال.
وتحتاج أيضًا إلى صفة غاية في الأهمية وهي "الشجاعة" والتي سنتحدث عنها في المقال القادم بعنوان "الشجاعة كنزٌ لا يفنى".