"جميلات روج آفا".. مجموعة نسوية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، قد تبدو لوهلة كأي مجموعة مشابهة معنية بأمور الموضة والجمال والماكياج وغيرها من تفاصيل تهم الجنس اللطيف، لكنها في الواقع أكثر من كونها مجرد ملتقى للفضفضة والتسلية وتمضية الوقت والتواصل الافتراضي .
وتنشط هذه المجموعة كما لو أنها منظمة حقوقية وإنسانية فيما يتعلق بالإسهام، ولو المتواضع، في معالجة بعض الظواهر والحالات الإنسانية الصعبة في المناطق الكردية من شمال سوريا، كمساعدة المحتاجين والفقراء.
وعلى سبيل المثال، سلطت المجموعة قبل أيام، الضوء على عائلة فقيرة بلا معيل، تسكن في شقة غير مكتملة البناء، وبلا شبابيك أو أبواب أو كهرباء وماء وصرف صحي، لتنجح في تحويل قصة هذه الأسرة إلى ما يشبه قضية رأي عام .
وبادر كادر المجموعة لزيارة تلك الأسرة وتزويدها بالطعام والشراب وبعض المستلزمات الحياتية الأساسية، فضلا عن ألعاب وحلوى للأطفال، ومن ثم تأمين سكن لائق لها، في مبادرة إنسانية تستحق الإشادة.
ووصلت بعض التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، لحد اعتبار المجموعة، بعملها النبيل هذا، "أكثر شعورا بالمسؤولية وتحملا لها، من سلطات الإدارة الذاتية الحاكمة في تلك المناطق، التي يقع على كاهلها معالجة حالات مأساوية كهذه".
المجموعة نشطة وفاعلة منذ نحو خمس سنوات، وتضم الآن قرابة 100 ألف عضو، وتعج بعرض القضايا والمشاكل الحياتية والاجتماعية المنسية والحالات الإنسانية، وقد لعبت دورا إيجابيا في التعريف بها والإسهام في تقديم الحلول المادية والمعنوية قدر المستطاع.
وقامت "جميلات روج آفا" بزيارة ودعم أسر وذوي ضحايا الحرب مع تنظيم داعش والاحتلال التركي، وصولا إلى زيارة مخيمات اللاجئين، وتكريم عمال النظافة، إلى توفير مستلزمات الوقاية من كورونا مثل الكمامات، إلى تكريم الكادر الطبي في المستشفيات على جهودهم، وصولا لتكريم المنتسبين لأجهزة الأمن، خاصة أولئ العاملين في الحواجز الأمنية .
واللافت أن المجموعة تعتمد في تقديم وتوفير معوناتها للناس على إسهامات مؤسسيها وأعضائها، دون الحصول على مساعدات من أية جهات.
وتقول مؤسسة المجموعة، هيلين عثمان: "الكل يستغرب حين يعلمون أننا نعتمد على التمويل الذاتي وعلى أنفسنا، دون مساعدة من أحد".
وتضيف عثمان في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية": "بدأت فكرة تأسيس المجموعة في محاولة لكسر الصورة النمطية عن السوشيال ميديا وسوء استخدامها في مجتمعنا، خاصة بين جيل المراهقين والشباب، وغياب المحتوى الفكري المفيد".
وتتابع: "تمكنا من إحداث تغيير ملموس في هذا المجال، لدرجة أن ثمة العديد من الصفحات والمجموعات المشابهة لنا، التي تحذو حذونا، وهذا كان هدفنا في بلورة تغيير إيجابي في العرض والطلب على صعيد السوشيال ميديا".
وتشير عثمان للصعوبات الهائلة التي واجهتها، سيما في البداية، نظرا إلى الصورة النمطية عن المرأة، بالقول: "في البداية كشخص افتراضي كان علي وزميلاتي معي بذل الكثير من الجهود لنثبت للناس مصداقيتنا ونزاهة رسالتنا، كي نكسب ثقتهم وتفاعلهم".
وتستطرد: "تمكنا من تطويع تلك العقبات وإثبات وجودنا رغم الحملات ضدنا، فمن حقنا التعبير عن كينونتنا وطرح مبادراتنا ومشاريعنا والعمل على الارتقاء بمجتمعنا والمشاركة في حلحلة مشكلاته ومعالجة آفاته، ومع إصرارنا ومثابرتنا ثمة تقبل الآن لعملنا بما لا يقاس بالسابق”.
وتتميز المجموعة النسوية بأن عضواتها ينتمين لمختلف طبقات وشرائح المجتمع. وعن هذا تقول هيلين: "تتميز مجموعتنا بالتنوع العرقي والطبقي والثقافي والعمري، حيث تجد بين عضواتنا ربات بيوت جنبا إلى جنب طبيبات ومهندسات وإعلاميات، وتتوزع دياناتهن بين مسيحيات ومسلمات وأيزيديات، ومن أعمار مختلفة شيبا وشبابا، مما يعكس حرصنا على تمثيل مختلف فئات المجتمع".
كما نوهت إلى الانتشار الجغرافي لعضوات المجموعة، من أوروبا والأميركيتين، إلى آسيا وإفريقيا .
وتسهب: "ننظم مسابقات جمالية وفنية وندعم المواهب الفنية والأدبية، ونحاول تشجيعها وفتح طرق الانتشار أمامها، سيما وأننا نعيش حالة حرب واحتلال وعدم استقرار وأزمات معاشية، مما ينعكس سلبا على نمو وازدهار تلك المواهب".
وتعتبر عثمان أنه عندما تسعى المجموعة لمساعدة أسرة معوزة مثلا، فإنها "لا تختارها وفق اعتبارات قومية أو عنصرية".
وتردف: "نحن نعمل ونساعد وفق مبدأ إنساني وأخلاقي عام، وأوجه مساعداتنا متعددة قدر استطاعتنا، من إعطاء مبالغ نقدية إلى التكفل بمصاريف ونفقات إجراء العمليات الجراحية للمرضى، إلى تأمين كراسي وأسرة لأصحاب الهمم وذوي الاحتياجات الخاصة".