كتب : محمد شوقى – صابر محمد
تمكن باحثون أمريكيون من جامعة تكساس في مدينة أوستن، وولاية بنسلفانيا من حل مشكلة صعوبة تحلية المياه المالحة التي عجز عنها العلماء لعقود، وذلك بفهم طريقة إنتاج المياه العذبة عبر التناضح العكسي، وتحسينها لتصبح أعلى كفاءة وأقل تكلفة ما قد يتيح إنتاجها بكميات وافرة بتكلفة زهيدة، وفق ما نشرته مجلة ساينس.
وتعمل أغشية التناضح العكسي على إزالة الأملاح والمواد الكيميائية من المياه المالحة وفق عملية بسيطة، إذ تدفع المياه المالحة لتمر عبرها فتحتجز الأملاح وتمرر جزيئات الماء فينتج الماء العذب في طرفها الآخر. ومع أن الفكرة بسيطة فإنها تنطوي على تفاعلات معقدة ما زال العلماء يحاولون فهمها.
وقال مانيش كومار، الأستاذ المساعد في قسم الهندسة المدنية والمعمارية والبيئية في جامعة أوستن، والذي شارك في قيادة البحث «تستخدم أغشية التناضح العكسي بصورة واسعة لتحلية المياه، لكننا نجهل طريقة عملها الدقيقة فلا نعرف حقًا كيف تنتقل المياه من خلالها، ما يعني أن جميع التحسينات التي أجريت عليها منذ ابتكارها على مدار الأربعين عامًا الماضية تمت ونحن معصوبي الأعين.»
واستخدام الأغشية في تحلية المياه أكثر كفاءة من عمليات تحلية المياه بالطرائق الأخرى، ومع هذا فهي ما زالت تستهلك مقدارًا وفيرًا من الطاقة، ولهذا عمل الفريق منذ العام 2015 بالشراكة مع شركة دوبونت لحلول المياه على بناء نماذج ثلاثية الأبعاد لهيكل الغشاء النانوي باستخدام أحدث المجاهر الإلكترونية في مختبر خصائص المواد في ولاية بنسلفانيا. وأنجز الفريق نمذجة المسار الذي يسلكه الماء عبر هذه الأغشية باستخدام حاسوب فائق، لحساب كفاءة تحلية المياه لكل بنية مختبرة.
ووجد الفريق أن عدم اتساق سماكة أغشية تحلية المياه وتوزع المادة فيها يؤدي إلى إضعاف أدائها، وأن توحيد سماكة مادة الغشاء على المقياس النانوي يعزز كفاءتها فيرفع إنتاجها من المياه العذبة. واكتشف أن سماكة الأغشية وبنيتها على المستوى الذري تؤثر جدًا على مستوى إنتاجيتها، وفوجئ بأن الأغشية السميكة أعلى نفاذية، وذلك خلافًا للظن التقليدي السابق بأن زيادة سماكة الأغشية تقلل كمية المياه التي تمر عبرها.
وكشف فريق البحث في ورقته المنشورة في مجلة ساينس أنه تمكن من تحسين كفاءة أغشية التناضح العكسي التي اختبرها بنسبة 30% إلى 40%، ما يعني أقدر على تحلية المياه باستهلاك طاقة أقل بنسبة كبيرة، ما يتيح إيصال المياه العذبة بكميات أكبر لقطاع أوسع من المستهلكين وبتكلفة أقل.
وقال إنريكي جوميز، أستاذ الهندسة الكيميائية في ولاية بنسلفانيا، والذي شارك في قيادة البحث «تزداد صعوبة إنتاج المياه العذبة بكميات كافية في مختلف أنحاء العالم، بسبب الجفاف والنمو السكاني وتزايد أنماط الطقس القاسية، ولا بد من إيجاد حلول مبتكرة لتوفيرها خاصة في المناطق منخفضة الموارد.»