بقلم : فريد شوقي
تحدثنا في نفس هذا المكان ، الأسبوع الماضي ، عما يواجه الكثير من الآباء وأولياء الأمور من حيرة حول تعاطي الأطفال بشكل صحي مع التكنولوجيا كي يكتسبوا المهارات والعادات التي تجعلهم مؤهلين مستقبلاً لأن يصبحوا أشخاصا رقميين ناجحين ونستكمل اليوم حديثنا عن القدوة والنموذج حيث تجتذب التكنولوجيا الآباء والأمهات بنفس القدر الذي تستقطب به الأطفال، حيث يتحققون من هواتفهم كل حين ويستغرقون في العمل لساعات متأخرة ويتصفحون الأجهزة المحمولة واللوحية بشكل متكرر.
ومؤخرا كشف تقرير موسع لعلماء الاجتماع ، نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، أنه لابد من اتباع ضوابط محددة ونظام مرن بداية من بلوغ الأطفال سن عامين، حيث يبدو أنهم يفهمون الجهاز اللوحي بشكل أفضل من بعض كبار السن، ووصولاً إلى سن المراهقة الذي يتطلب منح بعض الحرية "ولكن تحت عين المراقبة" وحدد التقرير نصائح وخطوات عدة تساعد على جعل التكنولوجيا تعمل بشكل صحي ومفيد لأفراد العائلة وفقاً لمعايير علمية تتناسب مع مراحل العمر المختلفة.
حيث يستخدم البعض الأجهزة أمام أبنائهم أثناء الحركة والمشي لكتابة رسالة أو إجراء مكالمة ومن المحتمل ألا يقوم الأطفال بتقليد سلوك البالغين فحسب، بل يشعرون أيضاً بالرغبة في التنافس معهم لشد اهتمامهم.
كذلك يجب على الآباء والأمهات أن يقدموا القدوة والنموذج المثالي لذويهم من مختلف الأعمار عن طريق الالتزام بعدم استخدام الهاتف والجهاز اللوحي في تلك الأوقات عند توصيل الأطفال من وإلى المدرسة ، بعد العودة من العمل إلى المنزل ، أثناء الوجبات الغذائية، بما في ذلك عند تناول الطعام بالخارج وخلال نزهات مثل الرحلات إلى الحديقة أو حديقة الحيوان، أو العطلات عندما يجب أن يكون التركيز على وقت الأسرة .
يمكن تحقيق عدد من الفوائد عبر اللعب أو المشاهدة إلى جانب الأطفال، حيث يمكن ببساطة مراقبة المحتوى الذي يقومون بالوصول له، كما سيتعلم الطفل المزيد من الأمور من خلال تفاعل الأسرة معه ومناقشة ما يحب أن يستخدمه ولماذا؟ وإذا بدا أن الأطفال يتقدمون بسنوات ضوئية في الفطنة التقنية مقارنة بآبائهم، فمن الضروري أن يقوموا بتعليم أهلهم ما اكتسبوه من معرفة حيث إنها وسيلة فعالة لتعزيز الثقة بالنسبة إليهم، كما أنها تساعد الآباء والأمهات على مواكبة التجارب الجديدة التي يمارسها أطفالهم.
وفى تصورى أن المحور الأساسى للتربية السليمة لطفل المستقبل هو منحة جرعات متوازنة من تكنولوجيا المعلومات بما يسمح له بالتعرف على مكونات ومفردات المستقبل وذلك دون الإفراط فى ترك الأطفال وبقائهم بالساعات أمام الأجهزة الالكترونية والكمبيوتر " كنوع من الراحة للآباء من شقاوة الأبناء ".
نعتقد كذلك أن أحد أهم أسباب التضارب القوي في نتائج تلك الدراسات أنها تعتمد على متخصصين وخبراء في مجال علم الاجتماع دون مشاركة المتخصصين في مجال تكنولوجيا المعلومات ومن ثمة فإننا نحتاج لإجراء دراسة اجتماعية متوازنة تجمع بين خبراء من الجانبين " الاجتماع والتكنولوجيا " بحيث يتم تحديد نموذج علمي أمثل لتعظيم استفادة أطفالنا من الأدوات التكنولوجية المتاحة أمامهم دون الإضرار ببراءة مرحلة الطفولة حتى يستطيع الآباء معرفة السن والفترة الزمنية وكيفية تعليم وتأهيل أطفالهم للتعامل مع الأجهزة الإلكترونية بشكل عام والكمبيوتر بصورة خاصة .