كتب : محمد الخولي – محمد العطار
يزداد الحذر من الهجمات السيبرانية كل خمس سنوات في فرنسا، أي قبل كل خمسية رئاسية، وتتأهب الدولة هذا العام قبيل الانتخابات الرئاسية التي ستجري في أبريل/نيسان المقبل، بغية مواجهة خطر تدخلات أجنبية عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهجمات سيبرانية.
وتراوح التهديدات السيبرانية والمعلوماتية بين حملات التضليل ومحاولات التأثير في مجتمعات ذات أصول أجنبية في فرنسا، والترويج لأجندة سياسية أو دينية تهدف إلى التأثير في النقاشات، وهجوم سيبراني ضد وزير أو حزب، ونهب بيانات سياسية، وتسريب مشروع للحكومة أو لبرنامج سياسي.
والتهديدات مستمرة منذ سنوات ولا يبدو أنها ستتراجع. غير أن اقتراب موعد الانتخابات لا يسمح للسلطات بأن تتهاون مع الخطر القائم. ويقول الأستاذ في جامعة «سيانس بو» في باريس ألكسندر بابايمانويل: «إن مناسبات ممارسة الديمقراطية هي مناسبات مهمة من المناورة والتنسيق لأجهزة المخابرات».
واتسمت الانتخابات السابقة التي أفضت إلى انتخاب إيمانويل ماكرون رئيساً للجمهورية، بحملات تضليل وقرصنة عدة، مثلما هو الحال قبل الانتخابات في دول أخرى. لكن صعوبة التعامل مع هذا النوع من التهديدات تكمن في «أننا نتكلم عنها بهدوء بعد أن تُنفذ»، بحسب أحد العاملين في أحد أجهزة الاستخبارات.
ويضيف: «لكننا نواجه دائماً خطر أن نكون متأخرين»، فضلاً عن أنه من شبه المستحيل توقع تأثير أي حملة في الرأي العام.
وفي نهاية عام 2021 أطلقت الدولة الفرنسية «فيجينوم» وهي هيئة حكومية مسؤولة عن تعقب التدخل الرقمي الأجنبي، وتخضع لسلطة الأمانة العامة للدفاع والأمن القومي.
والهيئة مخصصة لتعزيز التعاون بين الإدارات والوزارات حول هذا الموضوع، بهدف مراقبة نشاط مواقع التواصل الاجتماعي واكتشاف «اصطناع أوامر من الخارج تستهدف المصالح» الفرنسية، بحسب المسؤول في الاستخبارات.
ولا يزال طيف التهديدات المحتملة يتوسع أكثر فأكثر منذ عام 2017. ويُتوقع من هيئة «فيجينوم» أن تؤدي دور المبلغ عن التهديدات في حال حصول أي حركة مشبوهة على مواقع التواصل الاجتماعي. وتُحيل الهيئة المعلومة إلى الوزارات والهيئات المعنية.
ويعتبر جوليان نوشيتي الباحث في مركز «جيود» في جامعة باريس، أن «تشارُك المعلومات أمر حقيقي فعلاً، لكن لا تزال هناك حصون أيضاً يجب الدفاع عنها». ويؤكد ألكسندر بابايمانويل أن «فهم الوضع معقد أكثر عندما تكون لدينا أجهزة استخباراتية قد تبدو مقسمة». ويتابع: «لكل شخص جزء من الحقيقة. كون التهديد يمكن أن يتخذ عدة أشكال، نصل إلى نتيجة من خلال التنسيق. وهذا يتطلب تغيير ثقافة بعضنا البعض».
وتقول مصادر لجأت إليها الوكالة، إن التهديد السيبراني لفرنسا مصدره روسيا ودول أخرى.
ويشير أحد هذه المصادر بسخرية، إلى أن «الخطأ غير وارد مع الروس. كل ما يمكنهم أن يلحقوه بكم، يقومون به»، في وقت تتزايد فيه التوترات بين روسيا والدول الغربية بشأن الأزمة الأوكرانية.
لكن التهديد من داخل الأراضي الفرنسية قائم أيضاً. ويشير مصدر أمني إلى خطر التسلل الأجنبي من شبكات داعمي نظرية المؤامرة أو غير المؤيدين لأخذ اللقاحات المضادة لكوفيد 19 أو شبكات اليمين المتطرف.