طور الدكتور محمد الكردي مركبًا يتمتع بقدرة عالية على التقاط معدن الكروم الثقيل الملوث للمياه والمسبب للسرطان، ونشرت الدراسة في الجمعية الملكية للكيمياء في مجلة كيمياء المواد.
يتكون المركب من إطار عضوي معدني من مادة الزركونيوم، ويحيط الإطار بقالب من حبيبات السيليكا.
وقال الكردي، الأستاذ المشارك والمدير المشارك في مركز علم المواد في جامعة زويل للعلوم والتكنولوجيا في مصر، في حديث خاص لمرصد المستقبل «أجرينا تطبيقًا عمليًا على المركب باستخدامه في أعمدة التبادل الأيوني لمعالجة مياه ملوثة ناتجة عن مصنع أسمنت، فأظهر قدرة عالية على التقاط أيونات الكروم، إذ استطاع خفض تركيز أيونات الكروم من 3.8 أجزاء في المليون إلى 0.25 جزءًا في المليون، والمعروف أن هذه النسب الصغيرة جدًا غير قابلة للمعالجة باستخدام الطرق التقليدية لتنقية المياه.»
تتسم الإطارات العضوية المعدنية في الغالب بعدم ثباتها في المحاليل المائية، إلا أن وجود معدن الزركونيوم في الإطار العضوي يمنح المركب ثباتًا كبيرًا، إذ أظهر المركب قدرةً عالية على التقاط معدن الكروم مقارنة بأيونات كثيرة منافسة كالبروم والكلوريد والنترات والكبريتات، ما يتيح استخدام هذا التطبيق في معالجة مخلفات المياه الناتجة عن المصانع.
يمتاز المركب بمسامية عالية ومساحة سطح كبيرة، بالإضافة إلى أن وجود حبيبات السيليكا يوفر دعم هيكلي كبير للمركب، إذا ما استخدم في أعمدة التبادل الأيوني، ويزيد كفاءة الأعمدة، ويطيل زمن الارتباط بين السائل المراد تنقيته وبين المركب.
يتميز المركب الجديد بأنه قابل لإعادة التدوير بعد استخدامه في التقاط أيونات الكروم، ما يجعله متوفقًا عن الطرق التقليدية المستخدمة. فطريقة الترسيب مثلًا ينتج عنها كمية كبيرة جدًا من الرواسب المحتوية على المعادن التي يصعب التخلص منها، أما بالطريقة التقليدية التي تُستخدم فيها الصمغيات العضوية، فقد أظهرت بعض الدراسات الحديثة إلى أن الصمغيات العضوية المحملة بالكروم تبقى موادًا خطيرة، لأنها تتأكسد بعد امتصاص عنصر الكروم.
استخدام هذه الطريقة ممكن مستقبلًا لتنقية مياه المصانع الملوثة بالكروم، أو لمعالجة حوادث تسرب المعادن الثقيلة، خاصّة أن تصنيع المركّب رخيص لتوافر حبيبات السيليكا وانخفاض سعرها.
خطر المعادن الثقيلة
يوجد عنصر الكروم الثلاثي التأين بصورة طبيعية في جسم الإنسان إذ يساهم في بعض العمليات الحيوية في الجسم، غير أن تعرض الإنسان للكروم الرباعي التأين سام وخطير، إذ صنفته وكالة حماية البيئة الأمريكية ضمن المجموعة الأولى المسببة للسرطان، وذلك لقدرته العالية على إحداث الطفرات الجينية.
تنتج المعادن الثقيلة بما فيها معدن الكروم عن مخلفات المصانع، وقد تصل إلى المياه التي يشربها الإنسان أو إلى التربة والمحاصيل الزراعية فتتسبب في مشكلات صحية خطيرة، ويضاف إلى أن وجودها يكون بنسب ضئيلة جدًا من رتبة أجزاء في المليون، وتلك يصعب إزالتها بطرق المعالجة التقليدية.
الباحث في سطور
حصل الدكتور محمد الكردي على بكالوريوس العلوم في الكيمياء والفيزياء من جامعة الإسكندرية في مصر عام 2005، ثم حصل على درجة الدكتوراة في الكيمياء عام 2010 من جامعة جنوب فلوريدا في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم عمل باحثًا لما بعد الدكتوراة في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في المملكة العربية السعودية.
شملت اهتماماته البحثية مجموعة واسعة من الموضوعات المتعلقة بالتجميع الذاتي الجزيئي، وهندسة البلورات، والتخليق العضوي، ودراسة البلوريّات بالأشعة السينية، يحمل الكردي حاليًّا إحدى براءات الاختراع المتعلقة بالفاصل القطبي الكهربائي، واستخدامه في بطارية أو خلية كهروكيميائية، وحصل من لجنة الكوميستا التابعة لمنظمة دول التعاون الإسلامي على جائزة أفضل بحث علمي في الكيمياء لعام 2018 بالتعاون مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية.
يعمل الكردي حاليًا مديرًا مشاركًا لمركز علوم المواد في جامعة زويل للعلوم والتكنولوجيا في مصر، ومنذ انضمامه إلى الجامعة شارك في تأسيس مختبرات الكيمياء ومركز علم المواد، وساهم في وضع المناهج الدراسية لعلوم النانو وعلم المواد.