كتب : مصطفى ابراهيم – أمين قدري
كشف تقرير جديد عن أن بيانات تصفّح الإنترنت باتت تُجمع بتفاصيل أكثر دقة مما كان يعتقد سابقاً، ما يزيد احتمالية تحديد هويات الأفراد ولسنوات طويلة، صنّف وسطاء البيانات مستخدمي الإنترنت وفق سمات بعينها تستنتج من تاريخ تصفحهم، مثل: القطاع المهني أو الاهتمامات. ثم تُباع هذه المعلومات إلى المعلنين ليتمكنوا من استهداف فئات أو قطاعات محددة بالتسويق الشخصي.
وكشف تحقيق استقصائي، أجراه المجلس الأيرلندي للحريات المدنية غير الربحي، ونشر أخيراً، عن أن عدد القطاعات أكبر مما كان يعتقد سابقاً، وهناك بيانات تخص العديد من المهن المؤثرة والحساسة، التي لم يكن معروفاً أنها تُباع للمعلنين. ووجد التقرير أن البيانات تقسم إلى شرائح، تستخدم لاستهداف القضاة والمسؤولين المنتخبين والعسكريين وصنّاع القرار العاملين في قطاع الأمن القومي.
ويقول نشطاء مهتمون بمسألة الخصوصية إن هذه الفئات المهنية الأكثر تحديداً، تعني أنه يمكن تحديد هوية الأشخاص بسهولة، عن طريق دمج المعلومات الواردة من نقاط بيانات مختلفة مع بيانات الموقع والطوابع الزمنية. وأضافوا أن هذا يمكن استخدامه للمراقبة أو الاستغلال من جانب أطراف معادية، مشيرين إلى أن البيانات متاحة لمجموعة عريضة من الشركات لشرائها.
وقال جوني رايان، الزميل في المجلس الأيرلندي للحريات: «تُظهر البيانات المرتبطة بالقادة السياسيين والقضاة والعسكريين أن مشكلة الأمان في صناعة (المزايدات الفورية) هي في الواقع مشكلة أمن قومي». حيث ات المزايدات الفورية هي العملية التي يتم من خلالها شراء وبيع الإعلانات بناءً على قطاعات البيانات.
وأظهرت وثيقة ،اطلعت عليها صحيفة «فاينانشال تايمز» ، أن القطاعات التي تُسوقها شركة آيوتا وسيط البيانات الأمريكية تشمل صنّاع القرار في الحكومة والأمن القومي ومكافحة الإرهاب وشملت أيضاً فئات مثل: العسكريين وعائلاتهم والقضاة والمسؤولين المنتخبين.
وقالت شركة دان آند برادستريت المالكة لـ«آيوتا»: «إنها تقدم للجمهور شرائح البيانات بطريقة تتوافق مع معايير الخصوصية ومتسقة على الصعيد العالمي، والشرائح «أسماء مستعارة»، ما يعني أنها لا تحتوي على أي عناصر بيانات يمكن تحديدها». وتشمل البيانات الأخرى المتاحة من طريق الوسيط معلومات شخصية، مثل ما إذا كان من المحتمل أن يكون لدى الشخص اهتمام بأدوية معينة، وتوجهاته ومدى رضاه عن عمله وظروفه المادية.
وقالت كاريسا فيليز، الأستاذة المساعدة المتخصصة في الأخلاقيات الرقمية بجامعة أكسفورد، إنه «رغم أن المنصات تدعي أن البيانات مجهولة المصدر، إلا أنه من الصعب تحقيق ذلك عملياً، حيث تحتاج لنقطتين أو ثلاث نقاط بيانات فقط لتحديد هوية شخص ما» كما تدرك المنصات أن أنظمة إخفاء الهوية التي تقوم بها هشة للغاية، كما تدرك أن ما تفعله هو تقديم معلومات حساسة يمكنها تعريض الناس والمجتمع للخطر. وتحديد الوظائف الحساسة يُعرّض أصحابها لأضرار مثل الابتزاز والتهديد، ما يمكنه أن يؤثر أيضاً على الديمقراطية».
وتُرسل شركتا جوجل ومايكروسوفت بيانات عن المستخدمين في الولايات المتحدة وأوروبا إلى مئات الشركات التي تستخدمها فيما بعد لشراء نوافذ إعلانية مخصصة. وتضمن ذلك إرسال البيانات إلى شركات صينية وروسية إما بشكل مباشر أو عن طريق وسطاء وتلتزم هذه الشركات بالقوانين المحلية التي تسمح لأجهزة الأمن الحكومية الوصول لهذه المعلومات. وصرّحت شركة جوجل: «لدينا القيود الأكثر صرامة في الصناعة فيما يتعلق بنوعية البيانات التي نشاركها في المزايدات الفورية لحماية خصوصية الأفراد» كما ان سياسات المزايدات الفورية لدينا لا تسمح ببساطة للأطراف الشريرة بتهديد خصوصية الأفراد وأمانهم».
وتعمل شركة اكزاندر ، التي تملكها شركة مايكروسوفت ، على تسهيل بيع البيانات المجزأة في سوق البيانات، وهي تتضمن تصنيفات مثل ما إذا كان الشخص يعاني من الاكتئاب أو القلق، وما إذا كان الأفراد يبحثون عن الدعم النفسي بشأن اعتداء ما.