أعلن «منتدي السياسات العامة» التابع لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، تبني إعداد مشروع بحثي متكامل لتمكين الشركات الناشئة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمصر، بما يشمل 3 مجالات رئيسية؛ تتمثل في: الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية والأمن السيبراني.
أتي ذلك في سياق سعي المركز لتعزيز الإشراك المجتمعي وخلق آليات التواصل الفعال بين القطاعين العام والخاص والهيئات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني وأصحاب الخبرات والباحثين؛ حيث نظم منتدى السياسات العامة ورشتي عمل، لتنسيق الجهود بين جميع الجهات المعنية، وللوقوف على التحديات التي تواجه أنشطة قطاع ريادة الأعمال والشركات الناشئة؛ والعمل على صياغة المقترحات المناسبة لتعزيز دورها في الاقتصاد القومي.
ففي الورشة الأولي من فعاليات المنتدى لتمكين الشركات الناشئة المتخصصة في مجال الذكاء الصناعي، والتي عقدت بتاريخ 28 فبراير 2024، فقد تم عرض التحديات التي تواجه تلك الشركات بالقطاع، والوقوف على أبرز المقترحات اللازمة لتمكين تلك الشركات، وذلك بمقر المركز بالعاصمة الإدارية، وبحضور ممثلين عن الفاعلين في بيئة ريادة الأعمال في ذلك المجال، ونخبة من الخبراء والمتخصصين والأكاديميين، وممثلي جهات وهيئات حكومية معنية.
وخلال الورشة، أشارت الدكتورة مي محسن، مدير الإدارة العامة للمكتب الفني بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، إلى أهمية قطاع تكنولوجيا المعلومات بشكل عام، ودور مجالات الذكاء الاصطناعي والشركات الناشئة وريادة الأعمال في تحفيز النمو الاقتصادي والتوسع والازدهار بصورة مستدامة، كما أكدت حرص الدولة المصرية على إتاحة الفرصة أمام الشركات الناشئة وريادة الأعمال التكنولوجية للمشاركة بمساهمة أكبر في الناتج المحلي الإجمالي، من خلال العمل على الحد من التحديات التي تواجه تلك الأنشطة الابتكارية وتحفيزها على التوسع والنمو المتسارع المتوازن.
كما أكد المستشار محمد الزند، رئيس المحكمة الاقتصادية، دور مصر الرائد في وضع إطار قانوني مؤسسي داعم لمجالات الذكاء الاصطناعي والأنشطة الابتكارية، وأشار إلى أن وزارة العدل تعكف بالتعاون مع الجهات المعنية؛ وعلى رأسها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، على وضع تصور أولي لمشروع قانون لتنظيم تطبيقات الذكاء الاصطناعي ضمن مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي الصادرة عن المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن اللجنة المعنية بوضع مشروع القانون راعت تحقيق التوازن بين الحد من مخاطر استخدامات الذكاء الاصطناعي وتشجيع الاستثمار ودعم الشركات الناشئة، بما يعزز من الأثر الإيجابي للذكاء الاصطناعي ويحد من الأثر السلبي المحتمل، كما راعت اللجنة الجهود الدولية المبذولة في هذا الشأن؛ مشيرًا إلى عدم وجود أي تشريعات على المستويين الإقليمي والدولي لتنظيم عمل وأنشطة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، والأمر يقتصر فقط على وجود قرارات تنظيمية تطبقها الدول للحد من الآثار المترتبة والناتجة عن استخدامات تقنيات الذكاء الاصطناعي.
أعقب ذلك مداخلات من السادة الحضور لمناقشة سبل تقليل مخاطر استخدامات الذكاء الاصطناعي وكيفية تعزيز دوره المسؤول في كافة الأنشطة، كما تطرق الحديث إلى وجود عدة تشريعات تسهم في تنظيم أنشطة شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة في مصر، على غرار قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، وقانون حماية المنافسة، وغيرها من القوانين.
كما أكد الحاضرون على أهمية العمل على فاعلية الأطر القانونية والتنظيمية لحماية الملكية الفكرية القائمة بما يتناسب مع سرعة ومرونة أنشطة الذكاء الاصطناعي، والاستفادة من كافة الاتفاقيات التي وقعتها مصر مع دول العالم بشأن حماية الملكية الفكرية للمنتجات الرقمية التي تنتجها الشركات المصرية، كما تطرق النقاش إلى تحديد أبرز التحديات التي تواجه النهوض بصناعة الذكاء الاصطناعي والشركات الناشئة وأهم الحلول الممكنة لتمكين شركات الذكاء الاصطناعي في مصر.
وفي ختام الورشة، طالب الحضور بأهمية استمرار انعقاد مثل هذه الجلسات وورش العمل حول الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني واستمرار آليات الحوار الدائم مع ممثلي القطاع الخاص وبخاصة الشركات الناشئة، وقد تم التأكيد على حرص قيادة المركز على إثراء النقاشات الفعالة والبناءة مع مختلف الفاعلين في بيئة الأعمال الرقمية من شركات ومؤسسات داعمة وتنفيذيين، للوقوف على أفضل الحلول الممكنة التي تحفز أنشطة تلك القطاعات وزيادة مساهمتها في الناتج القومي.
وفي ورشة العمل الثانية، التي عقدت بتاريخ 18 إبريل 2024، ناقش الحضور سبل تمكين شركات التكنولوجيا المالية الناشئة وشركات الأمن السيبراني الناشئة، بمقر المركز بالعاصمة الإدارية؛ وذلك بحضور 21 رئيسًا تنفيذًا وممثلًا لشركات التكنولوجيا المالية وشركات الأمن السيبراني الناشئة في مصر؛ ومن أبرزها شركات: (Money fellows، Valu, qardy, Buguard, EXM solution, Digital Hub, pay mob)، وبمشاركة نخبة من الخبراء والأكاديميين، وممثلي العديد من الجهات والوزارات والهيئات المعنية.
وخلال الورشة، أشار السيد اللواء محمد عبدالمقصود، مستشار رئيس مركز المعلومات بمجلس الوزراء، إلى حرص المركز على تعزيز آليات التواصل المستمر والفعال بين القطاعين العام والخاص والهيئات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، وأصحاب الخبرات والأفكار؛ بما يعزز عملية صنع القرار، مؤكدًا سعي الدولة المصرية نحو تمكين القطاع الخاص، وتعزيز دور الشركات الناشئة وريادة الأعمال في دفع قاطرة النمو الاقتصادي في مصر، ولافتًا إلى دور المركز في الاهتمام بمجالات التكنولوجيا، ومساهمة المركز في حملات توعية فيما يخص الحد من مخاطر التعرض للهجمات الرقمية والمالية والسيبرانية، ومشيرًا إلى اهتمام المركز بوجود آليات واضحة لدعم دور القطاع الخاص في النهوض بقطاعات التكنولوجيا المالية والأمن السيبراني، كما أشار إلى وجود مجموعات مؤهلة قد تم تدريبها بالفعل لتأمين الشبكات في العديد من مؤسسات الدولة والقطاع المالي.
ولفت «عبدالمقصود»، إلى وجود تطور واضح في الخدمات التي تقدمها شركات التكنولوجيا المالية وشركات الأمن السيبراني الناشئة المصرية، خاصة بعد تمكن العديد من تلك الشركات من التوسع وتقديم خدماتها عربيًا وعالميًا، مما يؤكد على وجود فرص واعدة وقدرات بشرية متمكنة، مضيفًا أنه إذا ما تم توجيه الدعم الكافي لها، فإنه من المتوقع أن تنهض تلك المجالات وتجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية. كما أكد «عبدالمقصود»، قدرات السوق المصري في استيعاب تلك الخدمات ودعم جانب الطلب، خاصةً مع ارتفاع الطلب على الخدمات الرقمية في مصر، وسعي الحكومة المستمر نحو الرقمنة وتحقيق الشمول المالي.
وعقب ذلك، أكدت الدكتورة مي محسن، مدير الإدارة العامة للمكتب الفني بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، أهمية دور الشركات الناشئة، مشيرة إلى حرص الدولة على تطوير الإطار التشريعي الداعم لعمل الشركات الناشئة من خلال دراسة أفضل الممارسات الدولية لتطوير وصياغة تشريعات مرنة وفعالة تتناسب مع طبيعة عمل الشركات الرقمية، بهدف خلق مناخ داعم لعمل الشركات، بما يتناسب مع طبيعتها الخاصة التي تميزها عن الشركات الأخرى.
كما لفتت إلى أن الدولة تولي اهتمامًا خاصًا بإجراء حوار فعال مع ممثلي القطاع الخاص لتطوير كافة النظم المؤسسية والتشريعية بما يتناسب مع الصناعات الرقمية، حيث نجحت الدولة في إطار القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى للاستثمار في إنشاء وحدة دائمة للشركات الناشئة بمجلس الوزراء، لتختص باقتراح السياسات والقوانين واللوائح المناسبة لنمو وازدهار الشركات الناشئة، وذلك في إطار سعي الدولة نحو توفير بيئة أعمال مناسبة لتمكين الشركات الناشئة.
وفي سياق متصل، أكدت السيدة/ عبير خضر، رئيس قطاع أمن المعلومات بالبنك الأهلي المصري، أن البنك الأهلي داعم لبيئة أعمال الشركات الناشئة في مصر، حيث يتشارك البنك مع العديد من الجهات في تقديم برنامج متخصص في تدريب الكوادر ورواد الأعمال في مجالات تكنولوجيا المعلومات، وخاصة التكنولوجيا المالية والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، كما تم تخريج العديد من الدفعات في هذا المجال؛ مما يدعم عمل الشركات الناشئة، داعية الحضور من شركات الأمن السيبراني إلى المشاركة في البرنامج التدريبي المقبل المتخصص في دعم قدرات رواد الأعمال في مجال الأمن السيبراني، والذي يرتكز على مساعدة رواد الأعمال في الجوانب التقنية، بجانب مساعدتهم في تسعير منتجاتهم بطريقة تنافسية، والقدرة على التسويق والترويج لتلك المنتجات، مشيرة إلى أنه من الممكن أن تكون صعوبات التسجيل هي أبرز التحديات التي تواجه شركات الأمن السيبراني الناشئة على وجه التحديد، خاصة تلك الراغبة في تصدير خدماتها للخارج.
كما أشار السيد المهندس/ طارق إبراهيم، مستشار هيئة الرقابة المالية لتكنولوجيا المعلومات، إلى دور هيئة الرقابة المالية كمسؤولة عن الأسواق المالية غير المصرفية، حيث اتخذت الهيئة استراتيجية مختلفة لإعداد قانون تنظيم وتنمية استخدام التكنولوجيا المـالية في الأنشطة المـالية غير المصرفية (رقم 5 لسنة 2022)، ليكون مظلة تشريعية لتعديل متطلبات التكنولوجيا المتقدمة ومتطلبات الأمن السيبراني اللازمة للشركات التي ترغب في العمل وفقًا لنموذج العمل الرقمي؛ مع وجود آلية قانونية تعالج إمكانية إنشاء شركات جديدة بشكل رقمي متكامل.
كما أكد «إبراهيم»، قيام الهيئة بتقديم حوافز للشركات التي تلتزم بمتطلبات الأمن السيبراني والمتطلبات التنظيمية، حيث تتولى الهيئة تسجيل تلك الشركات في سجل مقدمي خدمات التعهيد، مشيرًا إلى تقديم قانون التكنولوجيا المالية للعديد من الحوافز لدعم الشركات المبتكرة، عن طريق تخفيض متطلبات رأس المال للشركات المبتكرة الناشئة عن المتطلبات الخاصة بالشركات القائمة، مؤكدًا على تشجيع الهيئة لشركات القطاع الخاص وتعزيز استخدام التكنولوجيا.
وفي سياق متصل، نوه المستشار/ مصطفى عبدالعزيز، المحاضر ببرنامج ماجستير التحقيقيات السيبرانية، إلى تزايد اهتمام المؤسسات التعليمية في مصر مؤخرًا ببرامج التكنولوجيا المالية والأمن السيبراني، كما أشار إلى وجود العديد من القوانين التي تنظم عمل الشركات في تلك المجالات، وأشاد بصياغة وتشريع قانون التكنولوجيا المالية، وأكد على أن لفظ الأمن السيبراني لم يتم تعريفه بشكل واضح إلا من خلال قانون التكنولوجيا المالية، مشيرًا إلى تولي مكتب النائب العام إعداد مجموعة من الدورات التدريبية لرفع وعي وكفاءة السادة أعضاء النيابة العامة والقضاه بمجال التحقيقات في الجرائم السيبرانية والأمن السيبراني.
وأعقب ذلك مداخلات من السادة الحضور من ممثلي شركات التكنولوجيا المالية وشركات الأمن السيبراني الناشئة، حيث قاموا بعرض التحديات التي تواجههم؛ وأكدوا على ضرورة تضافر جهود الدولة لتعزيز دور تلك الأنشطة في الاقتصاد القومي، خاصةً مع وجود صادرات رقمية لمصر تصاعدت في السنوات الأخيرة.
كما قام السادة الحضور بطرح العديد من المقترحات المثمرة لتمكين شركات التكنولوجيا المالية وشركات الأمن السيبراني الناشئة، وتمثلت أبرز تلك المقترحات في: ضرورة رفع التوعية لدي جميع الهيئات الحكومية والشركات الخاصة والأشخاص، فيما يخص مخاطر الهجمات السيبرانية ومخاطر التكنولوجيا المالية؛ وإعداد برامج دورية لتأهيل الكوادر القضائية لمعرفة كافة الجوانب الفنية المتعلقة بجرائم الأمن السيبراني والتكنولوجيا المالية؛ وتنسيق دورات تدريبة لرفع الوعي لدى الأجهزة القائمة على تنفيذ القوانين المنظمة لتلك المجالات؛ وضرورة وضع لوائح تنفيذية للعديد من القوانين والتشريعات الحاكمة لعمل شركات التكنولوجيا المالية والأمن السيبراني؛ وإيجاد آليات لتسجيل تلك الشركات بطريقة أكثر يسرًا؛ وتفويض هيئة مختصة للرد على التساؤلات والشكاوى الخاصة بالقوانين والأطر التشريعية والتنظيمية الخاصة بشركات التكنولوجيا المالية والأمن السيبراني الناشئة.
وفي سياق استكمال جهود منتدي السياسات العامة في تمكين الشركات الناشئة، فإنه من المخطط أن يعقد المنتدى، في إطار فعاليته «مختبرات المستقبل»، برنامجًا تدريبيًا في 23 إبريل الجاري، لتحديد الإطار المستقبلي المقترح لتمكين الشركات الناشئة، بحضور عدد من رجال الأعمال والرؤساء التنفيذيين لمجموعة من الشركات في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والتكنولوجيا المالية، بجانب حضور عدد من الكوادر والأكاديميين من حاملي الماجستير والدكتوراه المتخصصين في تلك المجالات، كما سيعتمد البرنامج على استخدام منهجية عجلة المستقبليات لتحديد إطار تنفيذي مقترح يشمل الإطار التشريعي والمؤسسي والتمويلي اللازم للارتقاء بهذه الصناعات الرائدة.