بقلم : أحمد عسيري
الخبير الاستراتيجي الابحاث في Pepperstone
تداول الذهب بالقرب من مستويات 2,790 دولار للأوقية، قبل أن يشهد تراجعًا طفيفًا إلى 2,770 دولار، مما يدل على استمرار ضغوط البيع دون المساس بموقعه كملاذ آمن للتحوط ضد المخاطر. ويمكننا القول بأن الاستقرار الأخير يعكس توازنا دقيقا بين عمليات جني الأرباح قصيرة الأجل وإعادة تموضع المستثمرين، في ظل ترقب الأسواق للانتخابات الأمريكية واحتمالات خفض الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، إلى جانب إمكانية فرض تعريفات جمركية في حال تحقيق الجمهوريين فوزا كاسحًا.
حيث تسهم تلك العوامل مجتمعة في زيادة حالة عدم اليقين، مما يعزز من جاذبية الذهب كأداة تحوط فعالة ضد المخاطر. وبناءً على تلك المعطيات، فإن المرونة الفنية للذهب تشير إلى أن التراجعات الأخيرة لا تعدو كونها حركة تصحيحية مؤقتة وليست بداية لاتجاه هبوطي، خاصة أن تجدد اهتمام المشترين يسهم -بشكل فعّال- في استقرار الأسعار عند مستوياتها المنخفضة.
وباعتبار المعدن الثمين أداة تحوط موثوقة، تزداد بريقه عندما تُعتبر السياسة المالية عاملا محفزا للتضخم أو الإنفاق المفرط؛ مما يعزز دوره كمخزن موثوق للقيمة في أوقات ارتفاع الإنفاق الحكومي أو تراكم الديون. ومن المحتمل أن تسهم التقلبات المرتبطة بنتائج الانتخابات الأمريكية إلى جانب التحولات المرتقبة في التوجهات السياسية المالية بشكل كبير في تحفيز نشاط التحوط، مما يعزز من قيمة الذهب ويزيد من جاذبيته كملاذ آمن.
ومن المتوقع أن يلعب خفض معدلات الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي – المقرر الإعلان عنه الأسبوع المقبل- دورًا كبيرًا في تعزيز الاتجاه الصعودي للذهب من خلال خفض العوائد الحقيقية، مما يزيد من جاذبيته كأصل مالي غير مدر للعائد. على الجانب الآخر، في حال حقق الحزب الجمهوري فوزا كبيرا في الانتخابات الأمريكية، فمن المتوقع أن يقود ذلك إلى زيادة نسبة التعريفات الجمركية المفروضة على السلع المستوردة، مما قد يعزز من قوة الدولار. قد يشكل هذا السيناريو المزيد من الضغوط على الذهب في البداية، إلا أنه قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز جاذبيته كأداة تحوط. وفي آسيا، حيث يسابق المستثمرون الزمن لتبني استراتيجيات من شأنها أن قوة الدولار، مما قد يؤدي إلى زيادة اللجوء إلى الذهب كوسيلة للتحوط ضد مخاطر العملة. وفي ظل المقاومة الأخيرة التي تعرض لها الذهب عند مستوى 2,770 دولار، من المتوقع أن يعيد الذهب من جديد اختبار مستوى 2,790 دولار مع تفاعل الأسواق واستيعابها لتداعيات هذه الأحداث الرئيسية.
في حال ارتفاع وتيرة سياسة التوسع المالي إلى جانب تقلبات السوق، قد يتمكن الذهب من اختراق مستوى المقاومة عند 2,790 دولار، مما يمهد الطريق للوصول إلى مستويات صعودية جديدة على المدى المتوسط.