ارتفعت أسعار بيتكوين بشكل كبير في عام 2024، ومع ذلك، قد ترغب في التروي والحذر قبل أن تدفعك الحماسة إلى القيام بعمليات شراء متسرعة.
فرغم الزخم الذي تمتلكه لكن أحد أهم المستثمرين في العالم وارن بافيت كان من بين الرافضين لامتلاك "بيتكوين" حتى لو عُرضت عليه جميعًا مقابل 25 دولارًا.
وقال بافيت في اجتماع مجلس إدارة "بيركشاير هاثاواي العام قبل الماضي، إنه لا يعرف ما إذا كان سعر بيتكوين سيرتفع أو ينخفض في المستقبل، لكنه متأكد تمامًا من أن "بيتكوين لا ينتج أي شيء"، ولهذا السبب لا يمتلك "عرّاف أوماها" هذا الأصل.
وأضاف بافيت: "إذا أخبرتني أنك تمتلك كل بيتكوين في العالم وعرضته عليّ مقابل 25 دولارًا، فلن أقبله. لأنني ماذا سأفعل به؟ سيتعين عليّ بيعه لك مرة أخرى بطريقة أو بأخرى"، بحسب فيديو قصير من الاجتماع.
وفقًا للخبراء الماليين، يجب أن تشكل بيتكوين والعملات المشفرة الأخرى جزءًا صغيرًا جدًا من محافظ المستثمرين، حيث لا يتجاوز هذا الجزء عادةً 5%، بسبب تقلباتها الشديدة، بحسب تقرير لشبكة "CNBC" اطلعت عليه "العربية Business".
الحكمة الكافية
وأضاف الخبراء أن بعض المستثمرين قد يكون لديهم الكفاية من الحكمة لأن يتجنبوا الاستثمار في العملات المشفرة تمامًا.
قال آيفوري جونسون، وهو مخطط مالي معتمد ومؤسس شركة "ديلانسي لإدارة الثروات" في واشنطن: "لا يجب أن تتساوى حصة بيتكوين في استثماراتك مع حصص ناسداك أو مؤشر S&P 500".
وأضاف جونسون: "عندما تكون لديك فئة أصول شديدة التقلب، تحتاج إلى تقليلها في المحفظة ليكون تأثيرها مماثل لتأثير الأصول التقليدية مثل الأسهم والسندات.
لماذا ارتفع سعر بيتكوين في 2024؟
كانت بيتكوين، وهي أكبر عملة مشفرة، الاستثمار الأفضل أداءً في عام 2024 بفارق كبير عن أقرب منافس لها، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 125% تقريبًا، وأنهت العام عند حوالي 94,000 دولار بعد أن بدأت في نطاق 40,000 دولار.
وبالمقارنة، ارتفع مؤشر S&P 500 للأسهم الأمريكية بنسبة 23%، في حين نما مؤشر ناسداك، الذي يركز على التكنولوجيا، بنسبة 29%.
قفزت الأسعار بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، ومن المتوقع أن تتبنى إدارته سياسات تخفيف القيود التنظيمية التي من شأنها تعزيز الطلب على العملات المشفرة.
كما أن اختيار ترامب لشخص مؤيد للعملات المشفرة ليكون رئيسًا جديدًا لهيئة الأوراق المالية الأميركية دفع بيتكوين إلى تجاوز حاجز 100,000 دولار لأول مرة، حيث رحب المتداولون بفكرة تخفيف القيود التنظيمية.
وفي العام الماضي، وافقت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، ولأول مرة، على صناديق استثمار متداولة تستثمر مباشرة في بيتكوين وإيثر، ثاني أكبر عملة مشفرة، مما جعل شراء العملات المشفرة أكثر سهولة للمستثمرين الأفراد.
مخاطر مرتفعة
لكن الخبراء حذروا من أن الأرباح الكبيرة قد تخفي خلفها خطرًا كامنًا، وكتبت إيمي أرنوت، وهي خبيرة استراتيجية للمحافظ الاستثمارية في "مورنينغ ستار ريسيرش سيرفيسز"، في يونيو: "مع العوائد المرتفعة تأتي المخاطر المرتفعة، والعملات المشفرة ليست استثناءً".
وأوضحت أرنوت أن بيتكوين كانت أكثر تقلبًا بنحو خمس مرات مقارنة بالأسهم الأميركية منذ سبتمبر 2015، في حين كان إيثر أكثر تقلبًا بنحو عشر مرات.
وأضافت: "تبدو نسبة وزن في المحفظة لا تتجاوز 5% خيارًا حكيمًا، وقد يفضل العديد من المستثمرين تجنب العملات المشفرة تمامًا".
فقدت بيتكوين 64% و74% من قيمتها في عامي 2022 و2018 على التوالي. بالحسابات الرياضية المجردة، يحتاج المستثمرون إلى تحقيق عائد بنسبة 100% لتعويض خسارة بنسبة 50%.
وحتى الآن، كانت عوائد العملات الرقمية مرتفعة بما يكفي لتعويض المخاطر الإضافية، لكن أرنوت أشارت إلى أنه لا يمكن ضمان استمرار هذا النمط.
هدف للمضاربين
هناك عدة أسباب لذلك، بحسب أرنوت إذ إن العملات المشفرة أصبحت أقل قيمة كأداة لتنوع المحافظ مع ازدياد انتشارها، كما أن شعبيتها بين المشترين المضاربين "تجعلها عرضة لفقاعات سعرية ستنفجر في النهاية"، أضافت.
تعتقد شركة "بلاك روك"، المتخصصة في إدارة الأصول، أن هناك مبررًا لامتلاك بيتكوين في محفظة متنوعة، خاصةً للمستثمرين الذين يمكنهم تحمل "مخاطر الانخفاض السريع للأسعار" والذين يعتقدون أن العملة ستصبح أكثر انتشارًا، وفقًا لما كتبه خبراء معهد بلاك روك للاستثمار في أوائل ديسمبر.
لكن 1% إلى 2% نسبة "معقولة" لبيتكوين، وفقًا لمحللي بلاك الروك الذين يروا أن تجاوز هذا النطاق سيؤدي إلى "زيادة حادة" في نسبة بيتكوين من إجمالي مخاطر المحفظة، فعلى سبيل المثل تخصيص 2% من المحفظة لعملة بيتكوين يعني أن مساهمة العملة المشفرة في المخاطر 5%، في حين أنه مع تخصيص 4% من المحفظة ترتفع مساهمتها في المخاطر إلى 14%.
هل هي "مضاربة" أكثر من كونها استثمارًا؟
لا تخطط شركة "فانجارد"، وهي شركة أخرى لإدارة الأصول، حاليًا لإطلاق صندوق استثمار متداول للعملات الرقمية أو تقديمه عبر منصتها الوسيطة، وفقًا للمسؤولين.
وكتبت جانيل جاكسون، الرئيسة السابقة لأسواق رأس المال في صناديق الاستثمار المتداولة والعلاقات مع الوسطاء والمؤشرات في فانجارد، في يناير 2024: "من وجهة نظر فانجارد، العملات المشفرة هي أقرب إلى المضاربة منها إلى الاستثمار".
وأوضحت جاكسون أن مستثمري الأسهم يمتلكون حصصًا في شركات تنتج سلعًا أو تقدم خدمات، ويحصل العديد من المستثمرين على أرباح، كما يتلقى مستثمرو السندات دفعات فوائد منتظمة، وتعتبر السلع أصولًا حقيقية تلبي احتياجات الاستهلاك.
وأضافت: "رغم أن العملات المشفرة تم تصنيفها كسلعة، إلا أنها فئة أصول غير ناضجة ذات تاريخ محدود، ولا تمتلك قيمة اقتصادية جوهرية، ولا تدفقات نقدية، ويمكن أن تتسبب في فوضى داخل المحفظة".
الاستثمار بأسلوب متوسط التكلفة والاحتفاظ على المدى الطويل
يعتمد إجمالي تخصيص العملات المشفرة في المحفظة على شهية المستثمر للمخاطرة وقدرته على تحملها، وفقًا للمستشارين الماليين.
وقال دوغلاس بونبارث، مخطط مالي معتمد من نيويورك وعضو في مجلس المستشارين لقناة CNBC: "قد يخصص المستثمرون الأصغر سنًا والأكثر جرأة نسبة أكبر من العملات المشفرة في محافظهم".
وأوضح بونبارث، رئيس ومؤسس شركة Bone Fide Wealth، أن المستثمرين عادةً ما يحتفظون بحوالي 5% من محافظهم التقليدية في العملات المشفرة.
وأضاف بونبارث: "أعتقد أن من الجيد أن يكون لديك بعض التعرض لبيتكوين في محفظتك، لكنه ليس مناسبًا للجميع وسيظل متقلبًا، أما بالنسبة للعملات المشفرة الأخرى، فمن الصعب تحديد أي منها يمكن أن يكون استثمارًا جيدًا على المدى الطويل، وهذا لا يعني أنه لن تكون هناك عملات رابحة".
وقال جونسون من شركة "ديلانسي لإدارة الثروات" إن المستثمرين الذين يرغبون في الاستثمار في العملات المشفرة يجب أن يفكروا في استخدام استراتيجية متوسط التكلفة بالدولار.
أوضح جونسون: "أقوم بشراء 1% في كل مرة حتى أصل إلى مستوى المخاطرة المستهدف. وبهذه الطريقة، لا أضع 3% أو 4% أو 5% دفعة واحدة ثم يحدث شيء يؤدي إلى انخفاض حاد".
وأضاف جونسون أن من الحكمة أن يشتري المستثمرون المهتمون بالعملات المشفرة ويحتفظوا بها على المدى الطويل، كما يفعلون مع الأصول المالية الأخرى.
وأشارت أرنوت إلى أن "مورنينغ ستار" توصي بالاحتفاظ بالعملات الرقمية لمدة لا تقل عن 10 سنوات.