بقلم: د.عادل اللقانى
وسط حضور دولي واسع ومشاركة لافتة من كبار شركات التكنولوجيا ورواد الأعمال والشباب، اختتمت فعاليات قمة FDC Summit 2025 في دورتها السابعة، والتي أقيمت في مركز مصر الدولي للمعارض بالقاهرة الجديدة، خلال الفترة من 28 إلى 30 أبريل الجاري، تحت رعاية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. ولم تكن القمة هذا العام مجرد حدث تقني، بل منصة استراتيجية جمعت بين التحول الرقمي، الأمن السيبراني، الذكاء الاصطناعي، وتمكين الشباب، مما يعكس مكانة مصر المتنامية كمركز إقليمي في مجال التكنولوجيا الرقمية.
خارطة طريق نحو "مصر الرقمية 2030"
انطلقت القمة بجلسة افتتاحية رفيعة المستوى استعرض خلالها قادة القطاعين الحكومي والخاص ملامح رؤية مصر الرقمية 2030، مشددين على أهمية الابتكار كقوة دافعة للتنمية المستدامة.واحدة من أبرز فعاليات اليوم الأول كانت "FDC Roundtable" التي جمعت أكثر من 120 متحدثًا من قطاعات البترول، الطاقة، التعليم، الاقتصاد، والخدمات الحكومية. ناقشت الجلسة عدة محاور استراتيجية، أبرزها: تطوير البنية التحتية الذكية ،والحوكمة الإلكترونية ودورها في تعزيز الشفافيةوفرص الاستثمار في مشروعات التحول الرقمي.
الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني في قلب المشهد
حملت جلسات اليوم الثاني عنوانًا واضحًا: "التكنولوجيا لخدمة الإنسان" حيث ناقشت مجموعة من الجلسات المتخصصة تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات حيوية كالصحة والتعليم.وفي جلسة الأمن السيبراني سلطت شركات عالمية مثل BeyondTrust وPalo Alto Networks الضوء على التحديات الأمنية التي تواجه المؤسسات في العصر الرقمي، مع عرض حلول مبتكرة لضمان حماية البيانات والمعلومات في ظل تزايد الهجمات السيبرانية.
كما شهدت جلسة الحوسبة السحابية مناقشات حول تجارب دولية ناجحة، مع التأكيد على ضرورة الانتقال من البنية التقليدية إلى الحلول السحابية الذكية كخيار استراتيجي.
شباب مصر يقودون التحول الرقمي
خصص المؤتمر يومه الأخير للاحتفاء برواد الأعمال الشباب، حيث تم تنظيم فعاليات "FDC Stars" التي أُتيح فيها لشباب مصريين عرض مشروعات تكنولوجية ناشئة أمام مستثمرين محليين ودوليين.كما استقطب "Investors Lounge" أنظار المستثمرين العرب والأفارقة، حيث أُعلن خلاله عن توقيع عدة مذكرات تفاهم لتمويل مشاريع واعدة، تؤكد على أهمية خلق جسور حقيقية بين أصحاب الأفكار والممولين.
شراكات إقليمية تعزز التكامل الرقمي العربي
تميزت الدورة السابعة من القمة بالإعلان عن عدة شراكات استراتيجية، تعكس توجهًا نحو تعميق التعاون الرقمي العربي. من أبرز تلك الشراكات:
● تعاون بين MCS المصرية وREACH Digital الإماراتية : ويهدف هذا التحالف إلى تنفيذ مشروعات مشتركة في المدن الذكية، البنية التحتية السحابية، وتأمين البيانات، إلى جانب تطوير برامج تدريبية لتأهيل المهندسين والمبرمجين في مجالات الأمن السيبراني.
· BeyondTrust تختار MCS وكيلاً استراتيجيًا بمصر: في خطوة تُعزز حضور مصر كسوق واعد في الأمن السيبراني، أعلنت شركة BeyondTrust العالمية عن اختيار شركة MCS المصرية كوكيل استراتيجي لها في مصر.
● تعزيز الشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي :أُعلن عن استمرار التعاون مع UNDP في مكافحة المعلومات المضللة، عبر برامج تدريبية موجهة للإعلاميين والشباب.
· مصر ليست سوقاً ناشئة بل محور استراتيجي : فعلى هامش القمة كشفت شركة كاسبرسكي عن تسجيل نمو بنسبة 30% في السوق المصري خلال عام 2024، مقارنة بـ20% في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما وصفه مسؤولو الشركة بأنه "دليل على الديناميكية المتزايدة للسوق المحلي".ووفقًا لتقرير "موردور إنتليجنس"، فإن سوق تكنولوجيا المعلومات المصري مرشح للارتفاع إلى 53.1 مليار دولار بحلول 2030، فيما سيتضاعف سوق الأمن السيبراني ليصل إلى 444 مليون دولار.
توصيات القمة : في ختام القمة خرج المشاركون بجملة من التوصيات تمثل خارطة طريق للتحول الرقمي في مصر والمنطقة، أبرزها:
تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتسريع وتيرة الابتكار.
الاستثمار في رأس المال البشري، مع التركيز على التعليم التقني والمهارات المستقبلية.
تحديث الأطر القانونية والتشريعية لمواكبة التطورات التكنولوجية.
دعم الشركات الناشئة عبر التمويل، الحاضنات، والتوجيه.
تشجيع التعاون الإقليمي لتبادل الخبرات وتكامل الأسواق الرقمية.
فى الختام : أثبتت قمة FDC 2025 أنها أكثر من مجرد مؤتمر تقني؛ إنها منصة استراتيجية لرسم ملامح المستقبل الرقمي في العالم العربي. فمن خلال جمع صناع القرار، رواد التكنولوجيا، والمبتكرين الشباب في مكان واحد، أصبحت القمة أداة فعالة لتحقيق التحول الرقمي الشامل، وترسيخ مكانة مصر كمركز للتكنولوجيا والابتكار في المنطقة.
