بقلم : سامر حسن
محلل أسواق أول في" XS.com"
يستمر نمو سوق العملات المشفرة اليوم، حيث لا تقترب القيمة السوقية لجميع العملات من قمتها التاريخية مع بلوغها اليوم أكثر من 3.79 تريليون دولار. كما يستمر الاتجاه الصاعد للعملات المشفرة البديلة حيث بلغت القيمة السوقية للعملات بدون البيتكوين والعملات المستقرة المزيد من أعلى القمم منذ فبراير الفائت عند أكثر من 1.18 تريليون دولار وذلك بما يمثل اليوم الخامس على التوالي من المكاسب.
مكاسب العملات المشفرة تأتي وسط التفاؤل بالمزيد من التبني ودمج هذه التكنولوجيا على نطاق أوسع في النظام المالي والاقتصادي في الولايات المتحدة علاوة على الدفع وسط شهية المخاطر المرتفعة في السوق الأوسع.
يأتي هذا أيضاً بعد كسر حالة الجمود الطويل والتأجيل، وذلك مع عودة قانون "GENIUS" إلى مسار الإقرار في مجلس النواب، مما يمهد الطريق لاعتماده سريعاً. فبعد نحو عشر ساعات من الممانعة من جانب الكتلة المحافظة، تراجعت كتلة "فريدوم كوكَس" عقب مفاوضات مكثفة في مكتب رئيس مجلس النواب مايك جونسون، ما أتاح إعادة التصويت بنتيجة 217 مقابل 212، تمهيدًا للتصويت النهائي اليوم.
بينما تخلّى المحافظون عن مطلبهم بدمج ثلاثة قوانين خاصة بالعملات المشفرة في حزمة واحدة. وقد اختار مجلس النواب في نهاية المطاف اعتماد النسخة التي أقرّها مجلس الشيوخ سابقًا بغالبية واسعة في يونيو، وذلك لتفادي الحاجة إلى جولة تصويت جديدة في المجلس الأعلى. وتأتي هذه الخطوة استجابةً مباشرة لدعوة الرئيس دونالد ترامب بالإسراع في إرسال القانون إلى مكتبه، في مؤشر واضح على تنامي ثقل قضايا تنظيم العملات الرقمية في المشهد السياسي، والتعقيدات التي يواجهها الجمهوريون في توحيد صفوفهم خلف أجندة تشريعية موحّدة.
هذه التطورات تأتي ضمن ما يعرف "بأسبوع الكريبتو" والذي يشكل نقطة تحول حاسمة في مسار صناعة العملات المشفرة، إذ أن مشاريع القوانين الثلاثة تعد قد تعيد صياغة الإطار التنظيمي وتفتح المجال أمام تبنٍ أوسع لهذا القطاع، وفق Barron’s. حيث يهدف "قانون وضوح سوق الأصول الرقمية" إلى إنهاء حالة الالتباس المزمنة عبر تصنيف الأصول المشفرة بوضوح إما كسلع خاضعة لهيئة تداول السلع الآجلة، أو كأوراق مالية تحت إشراف هيئة الأوراق المالية، وهو ما يُعدّ خطوة جوهرية نحو الاستقرار والتحفيز الابتكاري. في المقابل، يسعى "قانون GENIUS" إلى ترسيخ معايير صارمة للعملات المستقرة، بما يعزز موثوقيتها ودمجها العميق في النظام المالي، عبر اشتراط دعمها بأصول سائلة وآمنة.
كما أن البيانات الأخيرة من الاقتصاد الأمريكي لا تزال مواتية بعض الشيء وذلك نظراً لمحدودة ارتفاع التضخم على الرغم من الضغوط الناجمة عن التعرفات الجمركية. هذا ما أظهرته قراءة مؤشر أسعار المستهلك الأساسي ومؤشر أسعار المنتجين لشهر يونيو التي سجلت أرقام أضعف من المتوقع وهذا ما قد ساهم في دفع سوق الأسهم والعملات المشفرة نحو المزيد من القمم.
تلك الأرقام لم تتسبب في تغيير جوهري في توقعات السوق حول مستقبل مسار السياسة النقدية ولا تزال ترجح تسجيل خفضين على الأقل لسعر الفائدة بواقع نصف نقطة مؤية قبل نهاية العام الحالي وذلك وفق بيانات CME FedWatch Tool.
في المقابل، على الرغم من أن الاقتصاد الأميركي يبدو متماسكًا في الوقت الراهن وأـن التضخم لا يزال تحت السيطرة وسوق العمل يظهر شيئاً من المرونة النسبية، يحذّر الاقتصاديون من أن التأثيرات الحقيقية لسياسات الرسوم الجمركية التي يهدد بها الرئيس ترامب قد تكون مؤجلة وليست معدومة، وفق نيويورك تايمز. فبينما لم تتحقق التوقعات المتشائمة التي تفاقمت في أبريل بشأن ارتفاع الأسعار وحدوث ركود، إلا أن المؤشرات الأولية للضغط بدأت تظهر: الأسعار ترتفع تدريجيًا في الفئات الخاضعة للرسوم، وتباطؤ خفيّ في التوظيف بدأ يطفو على السطح، إلى جانب بوادر تراجع في إنفاق المستهلكين. وتشير الدراسات إلى أن الشركات، التي كانت تتحمّل العبء الأكبر في البداية، بدأت تمرر التكاليف المتزايدة إلى المستهلكين وفق التايمز أيضاً. كما أن ضبابية السياسات دفعت العديد من الشركات إلى تأجيل قرارات التسعير والتوظيف والاستثمار، وهذا ما قد يبقي الاقتصاد هشاً.
كما أن ملف التعرفات الجمركية لم يحسم بعد وستكون الأيام القادمة حتى نهاية الشهر الحالي مفصلية للسوق وذلك مع استمرار التفاوض ما بين الولايات المتحدة ودول العالم.
هذه المخاطر لا تزال تحيط بسوق العملات المشفرة والسوق الأوسع وقد تبقيهما عرضة لتجدد الضغوط الهبوطية الواسعة في حال لم تنحسر تلك المخاوف كلياً.
لكن على الرغم من ذلك، تتجاهل سوق العملات المشفرة هذه المخاوف. حيث تستعد صناديق البيتكوين الفورية لتسجيل أسبوع سادس من صافي التدفقات الموجبة حيث جذبت أكثر من مليار ونصف دولار حتى يوم أمس الذي شهد اجتذاب قرابة 800 مليون دولار وفق أرقام SoSo Value. إلا أنه ما قد ساهم في برود الاتجاه الصاعد للبيتكوين هو انحسار قوة المشترين في سوق العقود الأجلة حيث قد فقدو الهيمنة لصالح البائعين لليوم الثالث على التوالي، وفق بيانات CoinGlass.