تحتفظ شركة "أبل" بصدارتها كأكثر علامة تجارية قيمة في العالم تقدر بنحو تريليون دولار، بينما تخلت عن عرشها كأكثر الشركات قيمة في العالم والذي احتفظت به لسنوات عديدة لصالح "مايكروسوفت" تارة، وحالياً لشركة "إنفيديا" التي كانت في قلب ثورة الذكاء الاصطناعي عبر شرائحها المتقدمة التي تعتمد عليها مراكز البيانات.
"أبل" لم تكن أول مصنع للهواتف عالمياً، ولعلها تأخرت عن الركب لعقود، حيث كانت تركز في أعمالها على الحواسب والبرمجيات الخاصة بها بالأساس، قبل أن تطلق أول هاتف "آيفون" في عام 2008.
وحتى جهاز "آيبود" لتشغيل الموسيقى لم يكن الأول في هذه الصناعة، وقد سبقتها العديد من الشركات بإطلاق أجهزتها الخاصة لتشغيل الموسيقى، لكن الميزة التنافسية لـ "أبل" بنيت على إبداع التصميم في البداية، والخصوصية في طفرة الهواتف الذكية عبر نظام "ios" الذي طورته بنفسها.
أخبار حصرية"إمستيل" للعربية: أرباح قوية بدعم الطلب الخليجي والانكشاف على أميركا 3% فقط
ورغم اعتمادها على رقائق "إنتل" لسنوات طويلة من عصر الحواسيب المكتبية، مروراً بأجهزة "اللاب توب"، وهواتف "آيفون" لاحقاً، فقد نجحت الشركة بعد نحو عقدين من إطلاق رقاقتها الخاصة لأجهزتها في تكامل رأسي لتصبح المورد الرئيسي لنفسها.
لكن مع تسارع سباق الذكاء الاصطناعي تبدو "أبل" في مؤخرة الركب، ومستثمريها قلقون. خسر السهم 15% منذ بداية العام، كما فقدت الشركة أحد أبرز مساهميها الرئيسيين "بيركشاير هاثاواي" عبر تفريغ كبير لحصتها في صانع "آيفون".
لماذا إذاً تأخرت "أبل"؟
يطرح تأخر "أبل" في سباق الذكاء الاصطناعي العديد من التساؤلات، خاصةً وأنها كانت للعديد من السنوات الشركة الأكثر قيمة في العالم، وتطور رقائق متقدمة بنفسها، وتحتفظ بسيولة نقدية تعادل شركات عملاقة مجتمعة وصلت إلى أن السيولة النقدية وحدها تعادل "جنرال موتورز" و"فورد".
بحسب تقرير لوكالة "بلومبرغ"، تكمن المشكلة في أن "أبل" لا تريد خسارة ميراثها من القيم، حيث ذكر التقرير، أن سياسات "أبل" نفسها صعبت على فريق الذكاء الاصطناعي التابع لها مواكبة المنافسين. تلتزم الشركة منذ فترة طويلة بالخصوصية، وتفضل عموماً معالجة مهام الذكاء الاصطناعي على الأجهزة - بدلاً من السحابة - حتى لا يتعين معالجة البيانات في مكان خارج سيطرة المستخدمين. يحد هذا النهج من قدرات الذكاء الاصطناعي لأن الهواتف ليست بنفس قوة مراكز البيانات.
يعتمد ذكاء أبل في الغالب على نموذج على الجهاز يحتوي على 3 مليارات معلمة، وهو مقياس للتعقيد والقدرة على التعلم. في المقابل، يقدم المنافسون أنظمة قائمة على السحابة بأكثر من تريليون معلمة. لدى أبل نموذجها السحابي الخاص، ولكنه في حدود 150 مليار معلمة.
منافسة شرسة على العقول
ومع تمسك "أبل" بميراثها، تسربت الشكوك حول جدية الشركة في المنافسة من موظفيها في فرق الذكاء الاصطناعي، وخسرت 4 من عقولها الخارقة في هذا المجال لصالح شركة "ميتا"، بينما يبحث عدد من الموظفين في العروض المقدمة لهم من شركات ذكاء اصطناعي أخرى.
على عكس "أبل" قررت ميتا الرهان بكل شيء على الذكاء الاصطناعي الخارق، ووصلت المنافسة حدودها القصوى عبر استحواذات بمليارات الدولارات على شركات ناشئة بعد رفض مؤسسيها الانضمام لفريق "ميتا" بشكل شخصي، كما عرضت حزم سخية تصل إلى 200 مليون دولار لبعض العقول في شركة مثل "أبل"، و"أوبن إيه آي" للانضمام إليها.
ولعل السبب الثالث، في تأخر "أبل" هو استراتيجيتها في "النمو" عبر صفقات الاستحواذ، وهو أمر لم تعهده الشركة كثيراً، ولم تخصص أكثر من 3 مليارات دولار لأي صفقة استحواذ في تاريخها، وهي قيمة باتت لا تتماشى مع معايير التقييم في قطاع الذكاء الاصطناعي للاستحواذ على شيء خارق. فهل ستنجح "أبل" في الحصول على نموذجها الخاص للذكاء الاصطناعي، أم ستراهن بخسارة الخصوصية؟!