كتب : وائل مجدي

يشهد العالم في الوقت الراهن موجة غير مسبوقة من صناعة الثروات، يقودها الذكاء الاصطناعي الذي أصبح يولد مليارديرات جدد بوتيرة مذهلة، وسط طفرة في تمويل الشركات الناشئة وارتفاعات هائلة في تقييماتها السوقية.

مع التزايد السريع لعدد الأثرياء في قطاع الذكاء الاصطناعي، تسعى شركات إدارة الثروات التقليدية لاستقطابهم، إلا أن التحدي الرئيسي يتمثل في أن معظم هذه الثروات ليست سيولة نقدية فعلية، مما يعيق تحويلها مباشرة إلى حسابات استثمارية.

وقال سايمون كرينسكي، المدير التنفيذي في باثستون والمدير الإداري السابق لشركة هول كابيتال بارتنرز في سان فرانسيسكو: "إن أصحاب الثروات الجديدة قد يسلكون مسار "مليونيرات الدوت كوم" في التسعينيات، حين استثمروا في شركات مشابهة قبل أن يدركوا لاحقًا أهمية التنويع والاستعانة بمديرين محترفين لحماية أموالهم".

ويتوقع الخبراء أنه مع مرور الوقت، قد يصبح الذكاء الاصطناعي ذاته أداة لإعادة تشكيل قطاع إدارة الثروات، وربما لإعادة ابتكاره بالكامل.

ووفقًا لبيانات شركة CB Insights، بلغ عدد شركات الذكاء الاصطناعي الخاصة التي تخطت قيمتها السوقية مليار دولار حوالي 498 شركة "يونيكورن"، بإجمالي قيمة سوقية قدرها 2.7 تريليون دولار، من بينها 100 شركة تأسست فقط منذ عام 2023. كما يوجد أكثر من 1300 شركة ناشئة في هذا القطاع تتجاوز قيمتها 100 مليون دولار.

وقال أندرو مكافي، الباحث الرئيسي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، في تصريح لشبكة CNBC: "على امتداد أكثر من قرن من البيانات، لم نرَ يومًا تكوين ثروات بهذا الحجم وبهذه السرعة. إنه أمر لا سابقة له".

في مارس الماضي، أشارت وكالة بلومبرغ إلى أن أربعًا من أكبر شركات الذكاء الاصطناعي الخاصة أفرزت ما لا يقل عن 15 مليارديرًا، بإجمالي ثروات بلغ 38 مليار دولار. ومنذ ذلك الحين، انضمت عشرات الشركات الجديدة إلى القائمة.

من بين الأسماء البارزة، ميرا موراتي، التي غادرت شركة OpenAI العام الماضي وأطلقت شركتها Thinking Machines Lab في فبراير، لتنجح في جمع تمويل قياسي قدره مليارا دولار في يوليو، مانحًا الشركة تقييمًا بلغ 12 مليار دولار.

أما شركة Anthropic AI، فهي في محادثات لجمع 5 مليارات دولار بتقييم قد يصل إلى 170 مليار دولار، وهو ما يجعل مؤسسها داريو أمودي وفريقه من أصحاب المليارات. وفي يونيو، حصلت شركة Anysphere على تقييم 9.9 مليار دولار قبل جولة التمويل، مع توقع أن يقفز التقييم إلى ما بين 18 و20 مليار دولار بعد التمويل، ما قد يدخل مؤسسها الشاب مايكل ترويل (25 عامًا) نادي المليارديرات.

تتركز هذه الطفرة بشكل رئيسي في منطقة خليج سان فرانسيسكو، التي تفوقت لأول مرة على نيويورك في عدد المليارديرات، إذ سجلت 82 مليارديرًا مقابل 66 في نيويورك، وفق تقرير New World Wealth. كما تضاعف عدد أصحاب الملايين في المنطقة خلال العقد الماضي، مقارنة بنمو نسبته 45% فقط في نيويورك.

ووفقًا لدار المزادات سوثبيز، شهدت سان فرانسيسكو العام الماضي أعلى عدد من الصفقات العقارية التي تجاوزت قيمتها 20 مليون دولار في تاريخها، وهو انعكاس مباشر لتأثير طفرة الذكاء الاصطناعي على سوق العقارات الفاخرة.

رغم أن أغلب هذه الثروات ما تزال "على الورق" داخل شركات خاصة، فإن الأسواق الثانوية تمنح المؤسسين فرصة بيع حصصهم أو الاقتراض مقابلها. فعلى سبيل المثال، تجري OpenAI محادثات لبيع أسهم ثانوية لموظفيها بتقييم يصل إلى 500 مليار دولار.

كما شهد القطاع منذ 2023 73 صفقة استحواذ أو اندماج، وفرت سيولة جزئية للمؤسسين والمستثمرين. ومن أبرز هذه الصفقات، استحواذ شركة Meta على Scale AI مقابل 14.3 مليار دولار، وهو ما دفع مؤسستها السابقة لوسي غو لشراء قصر في هوليوود هيلز مقابل 30 مليون دولار.