82 % من المسوّقين في الإمارات يرون أن الذكاء الاصطناعي عنصر أساسي في تمكينهم من تخصيص المواصفات
المستهلكون يرَون أن العلامات التجارية لا تمنحهم قيمة كافية عند مشاركة بياناتهم معها
كتب : أمير طه
تستثمر العلامات التجارية في دولة الإمارات أموالًا وفيرة في مجال الذكاء الاصطناعي، لكن المتسوقين غير مقتنعين بأن هذا الأمر يُجدي نفعًا، بحسب تقرير بعنوان "الذكاء الاصطناعي في قطاع التجزئة" صدر حديثًا عن "إمارسيس"، وهي منصة "إس إيه بي" الخاصة بأتمتة التسويق والتفاعل مع العملاء.
ويستند التقرير في عامه الثالث، إلى آراء أكثر من 200 مختص في مجال التسويق و1,000 متسوق من القاطنين في دولة الإمارات، ويكشف عن فجوة متنامية بين ما يسعى إليه المسوقون وما يحصل عليه المشترون. فبينما يُشير 82% من المسوقين في الإمارات إلى أن الذكاء الاصطناعي "أساسي لتخصيص منتجاتهم"، يرى 31% من المستهلكين فقط أن العلامات التجارية تُخصّص المحتوى وفقًا لاحتياجاتهم، ويشعر 18% منهم فقط بأنهم يحصلون على قيمة عادلة مقابل مشاركة بياناتهم مع تلك العلامات.
ويتعلق هذا التباين بالبنية التحتية أكثر من التوقعات، فبينما يتوقع المستهلكون الحصول على تجارب مُخصّصة، يعاني المسوقون من صعوبات في العمل، إذ يقول أكثر من ثلثَيهم (69%) إن البيانات التي بحوزتهم غير مهيكلة بما يكفي لاستخدامها بفاعلية، مُقرّين أيضاً بأنهم لا يستطيعون الاستفادة من البيانات على الفور، وفقًا لدراسة "إمارسيس"، ما يشير إلى أن الافتقار إلى بيانات مرتبة وفي المتناول، يُعرض العلامات التجارية لخطر تقديم تجارب تفاعلية غير ذات مغزى وتفتقر للطابع الشخصي الذي يبحث عنه المشتري، الأمر الذي قد يؤدّي إلى تقويض الثقة والولاء.
وأرجع مروان زين الدين، المدير التنفيذي لشركة "إس إيه بي" في الإمارات، ذلك التباين إلى تعامل العلامات التجارية مع "أنظمة مجزأة"، موضِحًا أن نحو ثلثي المسوقين (64%) "يتعاملون مع بيانات غامضة يصعب الوصول إليها، في حين يتعرضون لضغوط متزايدة لتحقيق نتائج سريعة". وأضاف: "من وجهة نظر المستهلك، في المقابل، فإن تبادل القيمة غير مجدٍ؛ فالمستهلك يرى أنه يشارك العلامات التجارية بياناته، ولكنه لا يحصل سوى على القليل في المقابل، من دون أن يعرف حتى كيف يجري استخدام تلك البيانات، وهنا تنهار الثقة وتخسر العلامات ولاء عملائها".
الأسباب وراء انعدام الثقة
يشير التقرير إلى وجود سببين رئيسين وراء انعدام الثقة:
استخدام البيانات بشكل مبهم: فقد أظهر 35% فقط من المشاركين ثقة عالية في كيفية استخدام العلامات التجارية لبياناتهم الشخصية. إذ غالبًا ما تبدو الموافقة على استخدام البيانات مجرد إجراء شكلي بلا معنى.
تبادل محدود للقيمة: يقدم المتسوقون بانتظام بياناتهم الشخصية وتفضيلاتهم وسجلات مشترياتهم وسلوكياتهم في التصفح، ولكنهم يتلقون في المقابل رسائل متكررة، غالبًا ما تكون غير مهمة.
تُشير منصة "إمارسيس" من "إس إيه بي" إلى أن الذكاء الاصطناعي، من دون تفعيل البيانات المرئية والقيّمة، قد يصبح مجرد أداة تسويقية أخرى تنفّر المستهلكين.
علامات تتصدر المشهد في حقبة التفاعل
وتُظهر بعض العلامات التجارية، في المقابل، قدرتها على اتباع نهج صائب في هذا المجال. وفي هذا السياق، يسلط التقرير الضوء على العلامة التجارية العالمية المعروفة "غيبسون غيتارز"، معتبرًا انها مثال بارز على ما تُطلق عليه "إمارسيس" وصف "علامات حقبة التفاعل"، قاصدة بها تلك العلامات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لا للأتمتة فقط، وإنما أيضًا لترسيخ علاقات أعمق وأكثر شفافية مع العملاء.
من ناحيته، قال ستيرلينغ دوك، رئيس قسم التسويق في "غيبسون"، إن شركته لا تبيع سلعة رائجة ورخيصة، بل غيتارات، مشيرًا إلى كونها منتجات ذات قيمة عالية ومكانة خاصة ترتبط بالشغف، وتحتاج إلى تفكير وبحث وثقة من المشتري. وأضاف: "يساعدنا استخدام الذكاء الاصطناعي على إضفاء الطابع الشخصي المنشود على الغيتار، دون أن نفقد روح العلامة التجارية".
وبات أكثر من 40% من إيرادات "غيبسون" تتحقق من خلال تجارب تعتمد على الأتمتة، بفضل استخدام منصة "إمارسيس". ونجحت الشركة في مضاعفة معدلات تفاعلها، وحققت زيادة قدرها 50% في المبيعات الناتجة عن حملات التسويق عبر البريد الإلكتروني.
ومضى زين الدين إلى القول: "تُحوِّل علامات تجارية مثل "غيبسون" الأفكار إلى واقع، مبيّنة للعملاء كيف تسهم بياناتهم في خلق تجارب أفضل، لكنها أيضًا تفعل ذلك بنزاهة ومهنية، فمنصة "إمارسيس" من "إس إيه بي" تساعد الشركات على تحويل البيانات المجزأة التي يصعب الوصول إليها إلى شيء يلفت الانتباه ويضمن الثقة، ليخلق في نهاية المطاف ولاءً حقيقيًا دائمًا".
ويؤدي تسارع تبني الذكاء الاصطناعي إلى تغيّر قواعد التفاعل بين العلامات التجارية والعملاء بسرعة، لذا تنصح "إمارسيس" علامات التجزئة بالتركيز على شفافية بيانات العملاء، والاتساق بين القنوات، وتحقيق تبادل واضح للقيمة لضمان حصول العملاء على التجربة التي يستحقونها.
هذا، ومن المقرر أن يعرض خبراء من "إمارسيس" رؤاهم هذه وغيرها في منتدى الشرق الأوسط لتجارة التجزئة 2025، المرتقب انعقاده في 3 سبتمبر المقبل في دبي. ومن المنتظر أن ينضم يونس بن معز، نائب الرئيس الإقليمي لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا – جنوب لدى "إمارسيس"، إلى حلقة نقاشية بعنوان "الريادة في المستقبل: تمكين الموهوبين وشركات التكنولوجيا لدفع عجلة التحول في تجارة التجزئة"، تقام بمشاركة عدد من القادة الإقليميين في قطاع التجزئة. كما سيشارك في استضافة حلقة نقاشية خاصة حول أبرز توجهات الذكاء الاصطناعي في هذا القطاع.